رؤي فلسفية في التنمية البشرية
لأيمن غنيم
اللقاء العشرون (ماهية الحب)
الحب هو مكمن السعاده. فعندما تشعر بأنك سعيد فى وجود من هم حولك أو من هم بجوارك فأعلم أنك تحب هذا الشخص .
والسعاده فى مضمونها هى إحساسك بأنه يملأ كل ثناياك ويملأ كل فراغ ذاتى لديك وإذا كان للحب مقياس فأعلم أن مقياس الحب هو الشعور بالإنتماء والولاء لمن تحب حتى لو كان على النقيض من فكرك أو على وتيرة أخرى من قناعات قد تبدو بعيده كل البعد عما تقتنع به.
ورغم ذلك يحاول أن يجد قناة أو حتى مسار يجد فيه مايمكن أن يتوافق مع فكرك وأسلوبك ويجد فى هذا سعادة غامرة ويحاول وبإمعان أن يوجد هذا العناق الفكرى والتجانس العاطفى فى لغة مفهومة واضحة لديك .
والغريب أنه يتكلم بمفرداتك ويعبر بتعابيرك ويمعن فى تفاصيلك حتى يصير توأمك أو نسختك المكررة فى الحياة ويتناسي تماما ماكان عليه فى السابق.
وإن هذه هى الطريقه المثلى فى قياس الحب أو إدراك معاييره .
فالحب هو إرتطام كل أنواع الحرمان على صخره من تحب.
والحب هو الخضوع لقوانين قد تبدو قاسية وتعاليم قد تبدو مجحفه من قبل آخرين ولكنها إنسيابية فضفاضة مع من تحب
والحب هو الإفتقار الدائم والعجز الكامن والشلل التام لكل حركاتك وسكونك فى غياب من تحب.
والحب هو الرحمات التى نستظلها ونتلمسها فى كلمة ودودة وفى معانى دفيئة من قبل من نحب.
والحب هو خيال جامح لا يحاكيه فضاء ولا رحب العالم الآخر فى أن تحلق بجناحاتك عبر مخيلتك أنت وتنسى قسوة الواقع مع من تحب.
والحب هو جمال مبهم وروعة مطلقة لا يدركها ولا يتداركها إلا من يحب فالجمال نسبى والروعة فيه تدرك بالحس المرهف لا بواقع الجمال الحقيقى كما يراه البعض
والحب هو حسن الظن فيمن تحب حتى إذا هو أساء الظن بنفسه.
والحب هو رضاء وإرتضاء بما هو عليه المحبوب وتصبح مسلماته فى كل الأشياء هى منظوره لمن يحب.
فتعلموا كيف يكون الحب إذا أردتم أن تحبوا وإلا سيختفى ويتلاشى من معانى البشر.
ويصبح هو فقط كلمة صماء بلا جوارح وحروف عاجزة عن تكوين لغة فى قواميس ومعاجم التعايش.
ويصبح الحب الأوحد فى العالم وفيما بيننا نحن أجناس البشر وفقط هو حب الذات
الحب كيان والحب أمان والحب إيمان فلا تفسدوه
نعم
ليس عييبا علينا أن نحب أو نعشق مانحب أو نمارس فضائل الحب أو نعيش فى هودج المحبين أو نمتطى جواد الخيال لنسبح فى فضائه الرحب . متمنين لأنفسنا تلك السعادة التى نبحث عنها. وليس عيبا أن نفرط فى إحساس راقى يدعم حس أرقى .ويخلق فينا روح النبل والعطاء ويمزق فينا إحساس الأنانية ويطمس بداخلنا إحساس الشقاء. وليس عيبا
أن نشد على أيدينا فى رخاء وسخاء لمن نحب .
وليس عيبا أن يساند بعضنا البعض ونتعكز على الحنان المتدفق من حنين العشق ليدفئ مشاعرنا البائسه ويقتل بداخلنا العزلة عن العالم .ويخلصنا من تلك القوقعة الذاتية التى تحمي فينا أحاسيس النبل والوفاء. نعم إن الحب تراحم بين المحبين وتلاحم بين العاشقين.وتزامن لكل المعانى الراقية فى أن تحدث فى آن واحد لتدعم نبل المشاعر ورقى أحاسيسها .
نعم
إن من يحب يملك تلك الطاقة العارمة فى أن ينطلق نحو الأصوب. نحو الأعلى. نحو الإرتقاء بذات الإنسان ليدرك الحب الأعظم والعشق الأمثل .وإحساس الغبطة التى تملأ كل حواسك وتشبع كل إنفعالاتك وتسعد بها كل حواسك .وساعتها تدرك بأن الحب له إيقاع السحر فى أن تنتشى بها كل عوالمك .وتشد على حواسك وجميع أعضائك فى الإمتثال إلى تلك الروحانيات التى تخطفك خطفا نحو الأرقى والسمو.
نعم فإن علوك وإرتفاعك كامن فى مشاعرك. وكامن فى حواسك. وأنت ولا أحد غيرك يمكن أن يلامس هذا المعنى يوم أن تصل إلى إدراك الحب الإلهى وهذا هو حبك الأعظم.
نعم فحبنا لبعضنا البعض هو وليد لتلك المعانى الكبرى والعالم اللاهوتى بينك وبين العالم أجمع هو نبضة صادقة من قلب صادق ولمحة مضيئة من نور خالص .وإمعان فى أن تكون وفقط إنسان فى حبك وعطائك لمن تحب
فالحب تطهير لكل الآثام
والحب هو لغة التعامل بين الأنام
ولكن إذا سخرت تلك المعانى الرقيقة لتغليف شهواتنا الحمقاء
وتزييف واقع الدهماء ومرواغة الفتيات وإحداث أشياء وأشياء
هدا ليس بالحب المعهود ولا يحاكى تلك المشاعر الرقيقة التى وهبنا الله إياها.كى تهدينا وتهدى بنا الى روعة وجمال الحياة.
نعم
فإن مكمن سعادة البشر بين هاتين الحرفين وهما (ح ب )
وهما ملخص الدين بنسكه ومعانيه وقيمه وتشاريعه .
فقد نادي صلى الله عليه بأنه لايؤمن منا إلا من كان الله ورسوله أحب إليه من نفسه .
وبهذا المعنى الساحر الشامل الكامل تجوب عالم الروحانيات وعالم المثل وتتدارك كل ماينادى به الإسلام .
والحب الأسرى والإنفعالى هو الرحمة المهداة من الله. فلا تلوثوها وألبسوا مشاعركم ثوب العفة فى الأداء والرقى فى الإستيعاب .وأهتفوا بأجمل المعانى وتعايشوها لكن دون أن تندسوها
رؤية وقلم.أيمن غنيم