اللواء محمد إبراهيم : القمة المصرية الأردنية الفلسطينية تمهد لخريطة طريق لحل القضيةالفلسطينية
أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن القمة الثلاثية التي استضافتها القاهرة اليوم /الخميس/ وجمعت الرئيس عبدالفتاح السيسي وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تمهد لخريطة طريق لحل القضية الفلسطينية.
وقال اللواء الدويري -في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن دول هذه القمة الثلاثية تمثل بلا شك أهم الأطراف العربية المعنية بالقضية الفلسطينية وتقع عليها المسئولية فى دفع عملية السلام خلال المرحلة القادمة بالتنسيق مع بعض الأطراف الأخرى وخاصة إسرائيل التي ينبغي عليها أن تنخرط في العملية السياسية وتقبل التفاوض لتنفيذ مبدأ حل الدولتين الذى يحقق الأمن والسلام والإستقرار ليس فقط لكل من فلسطين وإسرائيل بل للمنطقة كلها.
وأضاف أن القمة الثلاثية المصرية/ الأردنية/ الفلسطينية تكتسب أهميتها من كون القضية الفلسطينية تمثل بالنسبة لمصر والأردن قضية أمن قومى كما أن كلتا الدولتين تربطهما علاقات مميزة بالسلطة الفلسطينية وقيادتها ولديهما معاهدات سلام مع إسرائيل وأيضاً علاقات جيدة مع كافة الأطراف المعنية بالقضية وهو ما يتيح لهما القدرة على التحرك الإيجابى فى محاولة لتغيير الواقع الفلسطينى الحالى إلى الأفضل.
وتابع أن هذه القمة الثلاثية سوف تكون لها تأثيرات إيجابية لصالح الوضع الفلسطينى بصفة عامة خلال المرحلة القادمة حيث أنها سوف تفتح الطريق أمام تحرك أشمل يستهدف إستئناف المفاوضات والعمل على إستثمار الموقف الأمريكى المؤيد لمبدأ حل الدولتين بعد سقوط صفقة القرن وبما يحقق الهدف الأسمى الذى تسعى إليه مصر والأردن وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بالرغم من كافة العقبات والصعوبات التى لن يتم التغلب عليها إلا من خلال توافر الإرادة السياسية لكافة الأطراف التى تحرص على إستقرار ورخاء المنطقة حيث أنه من المؤكد أن أمن وإستقرار الشرق الأوسط يرتبط إرتباطاً وثيقاً بحل القضية الفلسطينية وبدون ذلك سوف يظل هذا الإستقرار منقوصاً ومهدداً.
ونوه بأن البيان الختامي الصادر عن القمة الثلاثية عكس مدى التوافق بين الدول الثلاث على كافة الأمور المتعلقة بدفع القضية الفلسطينية للأمام خلال المرحلة القادمة سواء من خلال التأكيد على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية إستناداً على مقررات الشرعية الدولية وأهمية تفعيل الجهود الرامية لإستئناف المفاوضات بالإضافة إلى رفض الإجراءات الإسرائيلية التى تقوض حل الدولتين ثم الترحيب بالجهود المصرية سواء لتثبيت التهدئة أوإعادة الإعمار وتحقيق المصالحة .
وأكد أن القضية الفلسطينية لم تغب فى أية مرحلة من المراحل عن الإهتمامات المصرية بل يمكن القول بكل مصداقية أن هذه القضية العربية المحورية تمثل أحد أهم الأولويات فى تحركات القيادة السياسية "وليس أدل على ذلك من أن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى حريص كل الحرص على أن يؤكد فى كافة المحافل الإقليمية والدولية على أن القضية الفلسطينية ستظل محور الإستقرار فى المنطقة وأنه لابد من التوصل إلى حل عادل وشامل يحقق طموحات الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية ، وهذا هو الموقف المصرى الثابت الذى لم ولن يتغير مهما كانت الظروف".
وأوضح أنه يمكن النظر إلى زيارة الرئيس أبومازن للقاهرة ولقائه مع الرئيس السيسي في إطار العلاقات المميزة التي تربط كل من مصر ودولة فلسطين من جهة وتربط أيضاً الرئيسين السيسي وأبو مازن من جهة أخرى، ومن ثم فإن هذه الزيارة تأتى فى إطار مواصلة سياسة التشاور والتنسيق الدائم والقائم بين الجانبين فيما يتعلق بكافة تطورات القضية الفلسطينية وبحث كيفية التحرك المشترك فى المرحلة القادمة.
وقال اللواء الدويري إن مصر بذلت خلال الفترة الأخيرة جهوداً كبيرة ومهمة فى مجال الحفاظ على القضية الفلسطينية فى دائرة الضوء وقامت بدور رئيسى فيما يتعلق بالتوصل إلى التهدئة بين إسرائيل وقطاع غزة خلال الحرب الأخيرة على القطاع فى مايو الماضى ، ثم أطلق الرئيس السيسى المبادرة غير المسبوقة لإعادة إعمار القطاع من خلال خطة عملية يتم تنفيذها على الأرض وتحتاج فى المرحلة المقبلة إلى دعم دولى لتفعيلها وإعادة بناء ما دمرته الحرب ، وفى نفس الوقت تتولى مصر متابعة ومعالجة ثلاثة ملفات أخرى هامة وهى تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس والمصالحة الفلسطينية وترتيب البيت الفلسطيني.
وتابع أن مصر تتحرك فى كافة هذه الملفات بشكلٍ مدروس وعن قناعة كاملة بأن هذا هو الدور الذى يمكن أن تلعبه دولة بحجم مصر من أجل دعم الشعب الفلسطينى مع الأخذ فى الإعتبار أن أهمية هذا الدور تنبع أيضاً من أن مصر تتمتع بعلاقات جيدة مع السلطة الفلسطينية ومع كافة التنظيمات والفصائل الفلسطينية ومع إسرائيل ومع كافة القوى الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الفلسطينى الأمر الذى يجعل الدور المصرى مطلوباً ومؤثراً ومرحباً به من جميع الأطراف.
وأشار إلى أن مصر تدرك تماماً أن كافة الملفات التى تتحرك فيها وتبذل فيها جهوداً فائقة هى ملفات فى غاية الأهمية ومن ثم تسعى إلى تحقيق إنجاز بشأنها مثلما حدث فى قضية التهدئة التى قدم فيها المجتمع الدولى الشكر للسيد الرئيس ولمصر على ما قدمته من جهد متواصل حتى تم التوصل إلى وقف إطلاق النار، إلا أن القيادة السياسية المصرية ترى أن هناك ضرورة أكبر لفتح ملف عملية السلام والتحرك على كافة المستويات ومع مختلف الأطراف من أجل تمهيد الطريق أمام إستئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى من أجل وضع مبدأ حل الدولتين موضع التنفيذ بإعتبار أن هذا المبدأ يحظى بقبول وتأييد من الولايات المتحدة والمجتمع الدولى.
ولفت إلى أن القيادة السياسية المصرية تدرك أن هناك حكومة إسرائيلية جديدة لم تبد حتى الآن أية إتجاهات مرنة تجاه عملية السلام مع الفلسطينيين بل وتتحرك بقوة فى مجال الإستيطان وهو الأمر الذى دفع مصر إلى فتح خطوط إتصال مباشرة وعاجلة مع الحكومة الإسرائيلية حتى يمكن إحتواء الموقف ومن هنا جاء تكليف السيد الرئيس السيسى للسيد رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل بزيارة إسرائيل ورام الله مؤخراً وإجراء لقاءات هامة للغاية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى الجديد نفتالى بينيت ومع القيادات الإسرائيلية المختلفة وكذا مع الرئيس أبو مازن .
وأوضح أن مصر تتحرك حالياً فى إطار معادلة واضحة مفادها أن المرحلة القادمة أصبحت تتطلب ليس فقط التعامل مع كافة الملفات المفتوحة والجارية والتى يديرها طاقم وطنى محترف من رجال وقيادة المخابرات العامة ولكن أيضاً فإن الأمر يتطلب ضرورة التحرك لإستئناف عملية السلام المتوقفة منذ أكثر من سبع سنوات وهذا هو جوهر التحرك المصرى الذى يقوده الرئيس السيسى على مستوى المنطقة كلها بل وعلى مستوى العالم من أجل أن تعود القضية الفلسطينية إلى بؤرة الأضواء ويتم معالجتها ليس فقط من الجانب الأمنى والإنسانى ولكن من الجانب السياسى الذى يتراجع تددريجياً بحكم المشكلات الأخرى المثارة فى المنطقة.
وقال "وفى هذا الإطار جاء اللقاء الثنائى الذى جمع الرئيس السيسى بالرئيس أبو مازن والذى شهد بحث كافة القضايا المتعلقة بالملف الفلسطينى وتأكيد تطابق وجهات النظر الثنائية فيما يتعلق بالعملية السياسية وضرورة إستئناف المفاوضات بالإضافة إلى تثبيت التهدئة وتحقيق المصالحة ودعم السلطة الفلسطينية وتحسين الأوضاع فى قطاع غزة، ثم جاءت القمة الثلاثية شديدة الأهمية التى ضمت الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبد الله والرئيس أبو مازن لتعطى زخماً قوياً للقضية الفلسطينية وتؤكد أن هذه القضية مهما تراجعت فى بعض الأوقات إلا أنها سوف تظل القضية المركزية لكل الدول العربية والتى بدون حلها حلاً عادلاً لن يكون هناك استقرار كامل فى الشرق الأوسط".