أنباء اليوم
الجمعة 8 نوفمبر 2024 01:50 صـ 5 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

رواية حبيب وحبيبه الجزء التاسع ” ذكريات الماضي ومفاجآت الحاضر ”

الغلاف
الغلاف

إعتذر حبيب لشقيق حبيبة على تأخرها ، وشكره على مجيئه ، رد عليه : لا عليك كل شيء بإرادة الله تعالى ،
نظر إليهما وقال : تستطيعان الذهاب الآن لقد مكثت حبيبة وقتاً طويلاً .
قالا : ليس الأن ولكن بعد الإطمئنان عليها وخروجها من غرفة العمليات .

قام حبيب بالإتصال على والدة علا وأبلغها بما حدث ، وما كان منها إلا وقد أتت على الفور متخبطة الخطى وكأنما قد سلبت عزيمتها ، قلقة حائرة ، فى لهفة على رؤية إبنتها الوحيدة ، وصلت إلى المستشفى ، إستقبلها حبيب وطمئنها ، ولكنها لم تهدأ ،فهذه هي إبنتها الوحيدة.

بينما جلس شقيق حبيبة جانباً ، وقد مرت أحداث الماضي بذاكرته وكانها أمام عيناه تحدث للتو واللحظة ، وتمنى أن لو شاءت إرادة الله تعالى أن يتزوج ذلك الرجل شقيقته لربما تغير كل ماحدث ، ولكنها حكمة الله تعالى وإرادته ،
وكأنما يقول المولى - عز وجل - له " وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"

وظل الأخ فى صمته إلى أن خرج الطبيب من غرفة العمليات مبتسماً ولكن تبدوا عليه علامات التعب والإنهاك ، ثم قال "احمدو ربنا " ربنا كتب لها عمر جديد
حمد حبيب المولى - عز وجل - وشكر الطبيب ومعاونيه
وطلب رؤيتها هو ووالدتها ، ولكن الطيبب قال لهما : لايمكن الآن ، هي الآن في غرفة العناية المركزة .

جلسا حبيب والأم إلى أن سمح لهما الطبيب برؤيتها ، دخلا ثم قبل حبيب يديها وأخذ ينظر إليها ويتفحصها ، فيما إرتمت الأم في أحضان إبنتها والدموع تسيل من عينيها كحبات المطر .

وعلى الجانب الآخر ذهبت العمة لزيارة إبنها في محبسه كعادتها ، ولكن هذه المرة كانت مختلفة نظراً لقرب إنتهاء المدة ، فقد إمتلئ قلب الإبن بالغل والرغبة في الإنتقام من حبيبة ، واصفاً إياها بالزوجة الخائنة التى تركت زوجها في شدته .

سأل والدته عنها ، فقالت له : دعك منها فهي الآن ليست مسؤولة منك وليس لك عليها سلطان .
رد عليها ، وعيناه تقذف شرار الإنتقام : سترى مني ما لم تراه طيلة حياتها ؛
ظلت الأم تهدئ من شدة رغبته في الإنتقام ، ناصحة إياه بعدم الدخول في مشاكل قانونية أخرى وكفى ما حدث له ، ولكن يبدو أن الغل والحقد كانا أقوى من كل شيء !

بعدما إطمئنت حبيبة وأخاها على زوجة حبيب عاد الأخ مع شقيقته إلى المنزل ولكنه عاتبها ولامها على ما فعلته ، ودار بينهما حديثاً طويلاً طيلة الطريق ، وقد تذكرت من خلاله آلامها التى اخفتها طوال السنوات الماضية ،

ثم وجهت اللوم إلى شقيقها الذي لم ينصفها في ذلك الوقت حينما قرر الأب حرمانها من الإنسان الذي أحبته من قلبها ، لكي يرضي شقيقته على حساب سعادة إبنته ، فما كان غير إنكسار قلبها ودمار حياتها ،
لم يستطع الأخ أن يرد عليها لما بداخله من شعور بالذنب تجاهها .

وصلا إلي المنزل وفتحت الأم الغارقة فى دموعها الباب ، ثم نظرت فى أعين إبنتها الذابلتين ، وسرعان ما إحتضنتها بحضنها الدافئ الحنون ، وكادت أن تسألها عما حدث ولِمَا فعلت ذلك ، ولكن الإبن حال بينهما ، وطلب من الأم أن تؤجل الحديث وسوف يروى لها كل ماحدث .
سرعان ما ذهبت حبيبة إلى غرفتها ، وراحت فى النوم من التعب والتفكير .

وها قد أفاقت علا من غيبوبتها ، وأخذت تنظر يميناً ويساراً ، تتسائل عما حدث لها ، وما الذي أتى بها إلى حيثما ترقد ، وقد رأت الام على يمينها والزوج على يسارها ، والصمت يخيم على الغرفة المغلقة ، والتى توحي معالمها عن خطورة الموقف ، وبطبيعة عملها كطبيبة ، فهي تعي تماماً أنه لا يرقد في هذا المكان إلا من هو بين الحياة والموت .

أخذ حبيب بيدها ليطمئنها ، وقال لها : نحن بجوارك ،
لا تقلقي كل شيء على ما يرام ، ولم يخبرها بأن الأطباء قاموا بعمل عدة عمليات جراحية لها ، نظرت إليه فبادرها القول : حمداً لله على سلامتك ، طأطأت برأسها ولكنها لاتستطيع أن ترفع يدها اليمنى ، فنظرت إليه ثانية ، فقال لها : إنها من إثر المخدر .

أشرقت شمس اليوم الثاني ، وجاءت حبيبة للإطمئنان عليها
فطلبت الإذن بالدخول ، وقد أحضرت بعض الورود معها
أذنت لها والدة علا بالدخول ، ولكن لا أحد يعرفها في غياب حبيب ، وبعد لحظات تذكرت علا أنها هي تلك الفتاة التي كانت تجلس مع زوجها في الكافيه عندما شاهدتهم قبل تعرضها للحادث ، قدمت لها الأم الحلوى ورحبت بها وقالت : لقد كنتى جالسة حينما كانت إبنتى فى غرفة العمليات أهكذا ؟
قالت : نعم .
سألتها علا من أنتِ ؟
قالت : أنا إحدى أقارب حبيب !
قالت : ولكننا لم نراكِ من قبل ؟
ردت : لقد كنا على خلاف مع أسرة حبيب !
الزوجة : ولما لم تأتِ إلى المنزل لمقابلة حبيب وفضّلتي اللقاء فى مكان آخر حينما كنتم في الكافيه ؟
قالت : لقد كنت حينها في المحكمة والتقيت به عن طريق الصدفة .

صمتت الزوجة قليلاً ، وعندما كانت ستعاود الحديث فإذا بأحد الأشخاص يطرق الباب ، إستئذاناً منه بالدخول ، أذنوا له بالدخول ، فكان حبيب هو من طرق الباب ، دخل فرأى حبيبة جالسة ألقى على الجميع السلام ورحب بها ، ثم سأل زوجته عن حالتها الصحية ؟
قالت : أحمد الله تعالى إنني بخير .

نظر حبيب إلي زوجته وأشار إلى حبيبة ، ثم قال : أتعلمين من هذه ؟
قالت : هي تقول أنها إحدى أقاربك !
قال : بل هي من أنقذت حياتك بعد المولى - عز وجل - !
الزوجة : كيف ؟!
قال : هي من تبرعت لكِ بدمها دون تردد حينما كنا لا نجد فصيلة تناسبك إلا إياها !
قالت ' أنا مدانة لها بهذا الجميل
قامت الأم أيضاً بتقديم الشكر لها وأخذتها في أحضانها وقالت لها : من الآن أنتي كإبنتي هذه .

غادرت حبيبة الغرفة وعادت إلى المنزل ، فوجدت عمتها التي لم تأتي لزيارتهم منذ دخول إبنها السجن ، وطلَبْ حبيبة منه الطلاق ،
فوجئت حبيبة بحضورها !
ألقت عليهم السلام ، وجلست .
سألت عمتها عن سبب حضورها بعد هذا الغياب الطويل؟!
قالت : جئت أطلب منكِ الرجوع لإبني وعودة الأمور لسابق عهدها !
قالت لها : هذا ما أتى بكِ إلى هنا ؟
قالت : نعم .
ضحكت من حديثها عجبا !
ثم قالت لها : وأنا غير موافقة علي ذلك .
العمة : ولما لا ؟ !
قالت لها : لقد كسر إبنك لدي أشياء واعتبارات كثيرة ، ولن أسمح لأحد بتكرار الخطأ القديم الذي ما زلت أدفع ثمنه إلى الآن .

نظرت إليها العمة وقالت : " إبني ناوي على الشر " وسوف يخرج من محبسة بعد شهر من اليوم ، وهو يعتبرك خائنة
‏ثار الأخ ، وقال لعمته يفعل ما يشاء وما بوسعه ، ولكن أخبريه إذا ما تعرض لشقيقتي بسوء ، سوف اقتله ، أسمعتي سوف اقتله .

عزيزى القارئ إلى اللقاء في الجزء العاشر والأخير وأحداث مثيرة إلى أن نلتقي في رعاية الله وحفظه .