أنباء اليوم
الجمعة 22 نوفمبر 2024 05:51 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

الاقتصاد العالمي ينتعش إلا أنه يغرق في بوتقة الشك

صورة تعبيريه
صورة تعبيريه

إتسم الإنتعاش بالزخم لكن الاقتصاد العالمي ليس بمنأى عن الخضات بسبب أزمة الامدادات والتضخم والمخاوف الصحية التي تُضاف إليها كذلك مستلزمات المحافظة على البيئة.

فمن الصين إلى أمريكا ومن أوروبا إلى إفريقيا أدى الوباء في وقت واحد تقريبا إلى انهيار اقتصادات العالم في ربيع 2020. وبعد عامين وأكثر من 5,3 ملايين وفاة صار السبيل للخروج من الأزمة أكثر تشتتا.

فى سياق متصل إستفادت الدول الغنية من إمتياز الوصول إلى اللقاحات وأزالت أمريكا آثار أسوأ ركود شهدته منذ الكساد الكبير في الثلاثينات وبدا أن منطقة اليورو ستحقق الشيء نفسه في نهاية العام.

لكن الانتشار السريع للمتحورة أوميكرون وتدابير الإغلاق التي فرضتها تثير مخاوف من تبعات جيدة على العديد من القطاعات بدءا بالنقل الجوي والمطاعم والضيافة والسياحة.

فى هذا السياق يؤكد محللون من بنك اتش اس بي سي البريطاني أن "الانتصار في المعركة ضد الفيروس ما زال بعيد المنال"، معتبرين أن الاقتصاد لا يزال "بعيدًا عن العودة إلى مساره الطبيعي".
على صعيد آخر من المشهد تفتقر البلدان الفقيرة إلى اللقاحات.
ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل أبطأ انتعاش، حصل على اللقاح أقل من 4% من السكان في الكاميرون أو إثيوبيا أو أوغندا على سبيل المثال وفقا لجامعة جونز هوبكنز.

فى هذا الشأن يتوقع صندوق النقد الدولي حتى 2024 أن تفشل معظم البلدان الناشئة والنامية في تلبية توقعات النمو التي حددتها قبل الوباء. خاصة وأن عددا من البنوك المركزية (في البرازيل وروسيا وكوريا الجنوبية وغيرها) قد رفعت أسعار الفائدة لدرء التضخم المتسارع الذي من شأنه أن يعيق تعافيها.

حتى في الصين قاطرة النمو العالمي يتباطأ الانتعاش مع تراكم المخاطر كما حذر صندوق النقد مؤخرا : من الاستهلاك الأسري الذي يكافح لاستعادة مستويات ما قبل الوباء وأزمة قطاع العقارات مع الصعوبات التي واجهتها شركة إيفرغراند العملاقة المثقلة بالديون لارتفاع سعر الفحم ونقص المكونات الذي يثقل كاهل الشركات.

وبحسب توقعات محللون
كتب غولدمان ساكس في توقعاتهم لعام 2022 "كانت المفاجأة الأكبر في 2021 هي ارتفاع التضخم". وكان الدافع وراء ذلك هو الفوضى التي عمت سلاسل التوزيع ونقص المنتجات الأساسية للتجارة الدولية مثل أشباه الموصلات.

ويعزى ذلك إلى الزيادة الكبيرة في الطلب أثناء الأزمة وبعدها ولكن أيضا بسبب النقص في صغار العاملين في قطاع التجارة العالمية من العمال الذين يفرغون البضائع في الموانئ وسائقي الشاحنات والعاملين في المتاجر الكبرى الذين لم يعودوا إلى مواقع عملهم بعد رفع الحجر الصحي.

كما يقف وراء التضخم ارتفاع أسعار المواد الخام (الخشب والنحاس والصلب) والطاقة (البنزين والغاز والكهرباء).

وفيما اعتبر محافظو البنوك المركزية ارتفاع الأسعار مسألة "مؤقتة" فقد أثارت القلق على أعلى المستويات واعترف به البنك المركزي الأميركي أخيرًا على أنه ليس عارضا معلنا أنه سيعمل على تسريع رفع أسعار الفائدة في 2022 على الرغم من خطر تباطؤ النمو.

في هذه البيئة المتقلبة قال رويل بيتسما أستاذ الاقتصاد بجامعة أمستردام لفرانس برس إن "السؤال هو معرفة إن كنا خرجنا بالفعل من الأزمة".

يؤكد عدد كبير من الشركات مواجهة صعوبات أمام نقص السلع والمواد والتضخم. لكن في الوقت الحالي ما زال صندوق النقد الدولي يتوقع نموًا عالميًا بنسبة 4.9% العام المقبل.

وبين تلبية احتياجات الأسر وتجنب نهاية العالم صار من الصعب إيجاد توازن كما اتضح من الاستنتاجات المتباينة لمؤتمر الأطراف كوب 26 الذي عقد في نوفمبر.

فالاتفاق الذي تم التوصل إليه يدعو الدول إلى زيادة التزاماتها لخفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة اعتبارا من 2022 لكنه لا يضع العالم على مسار متسق اللحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمقدار "أقل بكثير من" درجتين مئويتين كما هو مذكور في اتفاقية باريس 2015.

قال رويل بيتسما بأسف إن "التفكير قصير المدى هو ظاهرة معتادة، خاصة لدى السياسيين". مطالبا بفرض ضريبة كربون موحدة في جميع القطاعات ورادعة بما فيه الكفاية وهو أمر بعيد كل البعد عما هي عليه الحال اليوم.

فتغير المناخ والكوارث الطبيعية المرتبطة به يمكن أن تؤثر أيضا على أسعار الأغذية عدا عن أن أضرارها قدرت بـ 250 مليار دولار من قبل شركة إعادة التأمين السويسرية سويس ريه.

وتقترب الأسعار العالمية بالفعل من مستوياتها القياسية التي بلغتها عام 2011 وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. فقد ارتفع القمح بنسبة 40% تقريبا خلال عام واحد ومنتجات الألبان بنسبة 15% وتجاوزت الزيوت النباتية المستويات القياسية.

وقالت نبيهة عابد من تونس لفرانس برس "واضح أن أسعار كل شيء قد ارتفعت". مشيرة إلى أسعار اللحوم والدجاج التي تضاعفت مرتين في بعض الأحيان.

وللدلالة على ما وصلت إليه الحال تقول هذه الأم إن الشكشوكة وهي طبق تقليدي قوامه الفلفل والبصل والبيض وزيت الزيتون "صارت رفاهية في حين كانت وصفة للناس الذين لا يملكون المال".

وعليه هل يثير ذلك الخشية من اندلاع احتجاجات وأعمال شغب بسبب الجوع كما حصل في 2008 ؟

علق سيباستيان بونسيليه خبير القمح في شركة أرجيتيل الفرنسية الاستشارية "بين القمح والخبز هناك خطوة واحدة فقط. إنه الغذاء الأساسي لقسم من البشرية وقد بات مهددا".