ليلة شتاء باردة .. بقلم دكتور / رفيق عفيفي
في ليلةِ شتاءٍ باردة و رياحٍ عَصَفت بأوراق الشَجَر
و بَعدَ ليلٍ طويلٍ طابَ فيهِ و قَد طالَ السَهَر
و كانَت ليلةٌ مظلمةً و قد غاب عن سَماها القَمَر
كُنتُ جالِساً بِمَكتَبي مُرتَدياً ملابِسي الثَقيلَة
عَلَها تَقيني القَز و عَلَها ترومُ عِظاميَ العَليلة
و علي جانِب غُرفَتي وَقَفَت مِدفَأتي العَتيقَة
و قَد أَضرَبَت عَن العَمَل رَغم سُلالَتها العَريقَة
ثُم غَلَبَني النُعاس فوق أشعاري و أوراقي المُتناثِرَة
غَفَوتُ و قد نامَت بِرأسي أفكاري المُتناحِرة
ألفيتَني ما بين دِفء أحضان أُمي و أبي
تِلكَ كانَت أحلي أمانِيَ و ذاكَ كانَ مأرَبي
ما أحلَي لُقياهُما بعدَ ما طالَ الغِياب
غِيابٌ عَن دُنيايَ و هذا هو أُسُ العَذاب
تَطَلَعتُ إلَيهِما و رَمَقَتهُما عَينايَ مَلِيا
و طالَ بَينَنا عَذبَ الحَديثِ و حُواراً شَجِيا
سَألتَهُما أَمَكانَكُمَا هُناكَ في جَناتِ العُلا
ذاكَ مَطلَبي دَومَاً مِن رَب السماواتِ و الفَلا
و بَعدَما طالَ بَيني و بَينَهُما العِناق
أحسَستُ مُجَدَدَاً آلام الوَحدَةِ و الفُراق
ثُم أَوقَظَني بَعضَ زَخاتِ المَطَر تَطرُقُ نافِذَتي
وَ عُدتُ وَحيداً تائِهاً شَريداً فَوقَ مائدَتي
أُلَملِمُ أحزاني و كَذا أوراقيَ المُبَعثَرة
مُتَوَتِراً مُرتَعِشَ اليَدَينِ و قَد سَكَبتُ المَحبَرَة
و هَوَي بَحرٌ مِن العَبَراتِ بَين عَيناي الساهِرَة
و عَقَارِبُ ساعَةُ حائِطِي أشَارَت إلي العَاشِرَة