مفتي الجمهورية : النبي لم يكن فقيرًا بل كان زاهدًا وكذلك أزواجه
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنه لَشرف كبير أن نتحدَّث عن البيت المشرَّف لسيدنا رسول الله الذي حوى سيدنا رسول الله وأمهات المؤمنين والأولاد والأحفاد، وفي منطقتين مباركتين: منطقة مكة المكرمة، ومنطقة المدينة المنورة.
مضيفًا فضيلته أنَّ الذي يقرأ السيرة العطرة يلحظ أمرًا لم يحدث في التاريخ لأيِّ أحد؛ وهو نقل التفاصيل والأحوال الخاصة ببيت رسولنا الكريم، وبرغم النهي عن إخراج الأسرار الخاصة من حيِّز الثنائية إلى أطراف أخرى، فإنَّ النبيَّ حرص على ذلك لحكمة تشريعية؛ وذلك لتعليم الناس، بل نقل الصحابة الكرام وصفًا تفصيليًّا لكلِّ سكناته وحركاته وأدواته كوصف الأواني والمكحلة وشكل الحذاء، بل أدق الأشياء المستخدمة، وهذا يدلُّ على شدَّة التعلُّق والحب والاتِّباع له، حتى بعض الصحابة نقلوا أدقَّ تفاصيل تعامله مع الغير وحلمه وقدرته على ضبط النفس مع المسيئين وعدم الغضب إلَّا في محله، وكان من أشدِّ الناس تلمُّسًا للأعذار.
وأكَّد فضيلة المفتي أنَّ هذه الإطلالة من الأخلاق الحميدة، والتشريعات المحكمة تؤكِّد سمات القدوة الصالحة، وماهية الأسوة الحسنة التي ينبغي سلوكها لمن أراد الصلاح والتقوى ومكارم الأخلاق، سواء في ذلك الفرد والمجتمع والأمة، وذلك متحقِّقٌ على وجهٍ مُعجزٍ في النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمر الله تعالى بالتأسِّي بهَديه وسنته في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
وأثنى فضيلة المفتي على أحد المراكز البحثية المتخصصة التي تعمل على جمع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في كل شئون حياته المنقولة من الروايات وكتب التراث المعتمدة التي وصلت حتى الآن لما يقرب من 100 جزء، كما أبدى إعجابه ببقايا آثار بيته الشريف، وهو بيت متواضع صغير مقارنة بغيره من بيوت معاصريه، وكذلك لفت نظر فضيلته بساطة مقتنيات النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها في متحف المدينة، من أدوات وأمتعة، حتى عمامته كانت بسيطة وهي تشبه عمامة أهل الصعيد أو العمامة العمانية.
واستعرض فضيلة مفتي الجمهورية خلال حواره صورًا لمنافسة الصحابة على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم من شدة حبهم له، وغيرها من صور التواضع والحلم مع المرأة والخدم، ونماذج عديدة من حرصه على الإنفاق على الفقراء والمحتاجين مؤكدًا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن فقيرًا، بل كان زاهدًا، وكذلك أزواجه أمهات المؤمنين، فقد كان مهر بعضهنَّ لا يتعدَّى عن 400 درهم.
وردًّا على سؤال عن حكم "التبرُّع للمؤسسات الصحية والعلاجية المصرَّح بها التي يعلن عنها في وسائل الإعلام قال فضيلته: إنَّ هناك من الفقهاء القدامى والمعاصرين من توسَّع في مفهوم مصرف "في سبيل الله"؛ ليشمل كلَّ ما من شأنه حماية البلاد والدفاع عن أمنها الفكري والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك كل وجه من أوجه الخير التي تعود بالنفع على الناس في كافة المجالات المشروعة، وهذا يعني أن كلَّ طرق الخير الموصلة لتحقيق النفع العام يدخل فيها مصرف "في سبيل الله" كمؤسسات التعليم، وكذلك المؤسسات العلاجية التي تقدِّم خدماتها للجميع وَفق الضوابط الموضوعة.
واختتم فضيلته حواره مؤكدًا أنَّ الزكاة إنما شرعت للأخذ بيد الإنسان، وأنَّ المتأمل يجد أن جميع مصارف الزكاة تدور حول الإنسان والسعي للارتقاء به ليعيش حياة آمنة كريمة كالتي تنفذها الدولة حاليًّا.