منظمات حقوقية وصحفية تحذر من خطورة المشروع التركي حول التغيير الديمغرافي سورية
تقدمت 45 منظمة حقوقية وصحفية ومجتمع مدني توجه نداء للأمين العام للأمم المتحدة(انطونيو غوتيريش) والاتحاد الأوربي تحذر خلاله من خطورة المشروع التركي حول التغيير الديمغرافي في شمال سورية.
وكذلك ل الرئاسة المشتركة لمؤتمر بروكسل السادس المعني بدعم مستقبل سوريا والمنطقة المنعقد في بروكسل بتاريخ 9-10 من الشهر الجاري
تنصّ الاتفاقيات الدولية على ضرورة صون حقوق الشعوب في أراضيها، وخاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية عام 1989 للشعوب الأصلية والقبلية ( اتفاقية منظمة العمل الدولية 169 )، وإعلان حقوق الشعوب الأصلية، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.
ويعتبر الحق في تملك الأرض حقا تضمنه تلك الاتفاقيات وهو غالبا ما يكون مرتبطا بحقوق الشعوب الأصلية نظرا لأهمية الأرض وعلاقتها بهوية المجتمع ووجوده، هذا الحق المقدس تسطو عليه الآن جهات معلومة في سورية تتزعمها تركيا وتسعى علنا أمام صمت دولي مخزٍ إلى توطين مليون سوري في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها على طول الحدود الشمالية لسوريا وذلك في محافظات حلب والحسكة والرقة والكثير منها ذات غالبية كردية، وذلك ضمن مخطط عدواني للفتنة وإحداث حرب أهلية في تلك المنطقة والقضاء على هويتها السكانية والتاريخية وخصوصيتها الثقافية والقومية في محاولة منها لضرب ذلك المكون الذي طالما عبّر عن استعداده للتعايش مع كل المكونات في إطار الاحترام والتسامح لا بمنطق القوة والإكراه الذي تنتهجه أنقرة لفرض سياسة التغيير الديمغرافي وتدمير التركيبة السكانية التي تتميز بها تلك المنطقة، وذلك تحت يافطة انسانية عريضة مسماة “بالعودة الطوعية “.
إننا نعتبر التحضير من قبل أنقرة لمشروع “العودة الطوعية” لمليون سوري وتوطينهم هناك، ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة، وسيشكل شرارة لاندلاع صراعات لن تسلم منها سورية ككل، حيث يدّعي الرئيس التركي أن تلك المناطق آمنة تحت زعم ما وفرته أنقرة منذ إطلاق عملياتها في سورية عام 2016، 2019،2018 بينما تؤكد الشواهد والوقائع اليومية أنه منذ ذلك التاريخ أصبحت تلك المناطق مسرحاً لعمليات القتل والنهب والتنكيل وعنواناً للفوضى الامنية، وهو ما ترصده وتوثّقه يوميا المنظمات الحقوقية، لا سيما أن من يشرفون عليها هم العسكريون الأتراك الذين يصولون ويجولون دون حسيب أو رقيب أمام سمع العالم وبصره.
ولم تتوقف الانتهاكات عند حد التهجير القسري واستملاك الأراضي والاستيلاء على المحاصيل الزراعية واشجار الزيتون وقطع المياه الصالحة للشرب بل وصلت حدّ التصرّف في بيع العقارات في مناطق تسيطر عليها الفصائل المدعومة من أنقرة، فضلا عن الانتقام عبر اقتلاع الأشجار المثمرة من قبل فصائل “الجيش الحر” والقوات التركية، علاوة على جرائم الخطف ضمن سياسة الترهيب والتخويف الممنهجة لتهجير السكان الأصليين من المكون الكردي أساسا.
وتواصل تركيا عبر مرتزقتها بناء المستوطنات العشوائية أمام صمت العالم، ولا مبالاته، فضلا عن تغيير أسماء المدارس والمعاهد بأسماء تركية في ضرب لخصوصية شمال سورية وشرقها.
كما طالت الانتهاكات المواقع التاريخية وجرفها في أثناء البحث عن اللقى والدفائن الأثرية ضمن محاولة طمس التاريخ السوري، في محاولة تهيئة بيئة للاستيلاء على المنطقة بعد القضاء على هويتها.
وقد وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال الثلث الأول من العام 2022، جميع ما شهدته مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها (نبع السلام، غصن الزيتون، درع الفرات ومحيطها)، وأبرز تلك الأحداث ((مقتل 121 شخصا بأعمال عنف من بينهم 54 مدنيا و 11 طفلا و3 سيدات، و59 من العسكريين، و6 من القوات التركية، و2 من الانتحاريين.
ورصد المرصد السوري جرح 238 شخصا من المدنيين والعسكريين بأعمال عنف، و52 حالة اقتتال فصائلي وعائلي وعشائري وهجوم مسلح، فضلا عن 30 تفجيرا عبر عبوات ناسفة وألغام وآليات مفخخة وملغمة، و320 حالة اعتقال تعسفي واختطاف لمدنيين بينهم سيدتين و3 أطفال)).
نحن الجمعيات والمنظمات الموقعة أدناه، نحذر مما يلي:
– مخاطر تواصل فرض سياسة التغيير الديمغرافي في شمال وشرق سورية
– تداعيات توطين مليون سوري من غير المكون الموجود في تلك المنطقة مما يدفع إلى خلق جو مشحون قد يؤدي إلى حرب أهلية.
– الانعكاسات المتوقعة لإقامة المستوطنات واستجلاب غير السوريين للتمركز في تلك المنطقة
– مخاطر تواصل القضاء على الثروة النباتية بتلك المنطقة من خلال اقتلاع الأشجار المثمرة وقطع المياه
ولذلك ندعو نحن المنظمات الموقّعة إلى:
-محاسبة تركيا ومرتزقتها على الانتهاكات والجرائم التي ترتكب في الشمال السوري
-معاقبة الجناة المتورطين في القتل والتهجير والخطف والتنكيل بأبناء الشمال
– الامتناع عن تمويل مشروع اردوغان المسماة بالعودة الطوعية مادياً وعدم منحه الشرعية والغطاء القانوني وذلك منعاً لحدوث حرب اهلية مستقبلاً في تلك المناطق ولكونه يساهم في تكريس واقع التغيير الديمغرافي القومي المنهج لتلك المناطق
– تأجيل العودة الطوعية إلى حين تسوية الأوضاع في سورية حتى لا يكون أي طرف محل تتبّع من قبل النظام
– توفير البيئة الآمنة للعودة من مسكن ومقومات الحياة الكريمة
ونؤكّد نحن المنظمات:
– أن المنطقة الشمالية ليست آمنة بعدُ لاستقبال السوريين بل تشوبها خلافات وصراعات بين الفصائل وتشهد جرائم قتل يومية .
– أن العودة يجب إرفاقها بتحضير البنية التحتية والفوقية وخاصة المدارس والمستشفيات
– توفير التأهيل والدعم النفسي والأنشطة التدريبية..
– توفير الدعم من الصناديق الوطنية والدولية لتوفير البيئة اللازمة.
وهذه تعتبر أبسط مقومات الحياة الكريمة لجزء من الشعب السوري عانى ولايزال منذ أكثر من عشر سنوات ويلات التهجير وشظف العيش وانتهاكات فظيعة لحقوقه المادية والمعنوية خلافا لما تنص عليه كل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وكرامته آملين أن نعيش بعد هذه المآسي صحوة جديدة للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.