ما لاتعرفه عن مسجد الرفاعي .. مقبرة الملوك والأمراء
يعد مسجد الرفاعي هو أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة. أمرت ببنائه خوشيار هانم والدة الخديوي إسماعيل سنة 1286هـ/1869م، وعهدت إلى حسين باشا فهمي بتنفيذ المشروع. في سنة 1298هـ/1880م أُوقفت عمارة المسجد، ثم توفيت خوشيار هانم سنة 1303هـ/1885م، وظل مشروع البناء متوقفاً نحو 25 عاماً حتى عهد الخديوي عباس حلمي الثاني سنة 1905 إلى أحمد خيري باشا بإتمام المسجد فكلف المهندس هرتس باشا بإكمال البناء، فأتمه في سنة 1329هـ/1911م، وافتتح المسجد للصلاة في غرة شهر المحرم سنة 1330هـ/1912م. يوجد بالمسجد مقبرتي الشيخان علي أبي شباك ويحيى الأنصاري، وكذلك مقابر الأسرة الملكية التي يرقد بها الخديوي إسماعيل وأمه خوشيار هانم منشئة المسجد وزوجاته وأولاده، والسلطان حسين كامل وزوجته، والملك فؤاد الأول، والملك فاروق الأول.
والجدير بالذكر رغم أن تسمية المسجد منسوبة للشيخ أحمد بن علي الرفاعي إلا أن قبره ليس موجوداً به، حيث كانت وفاته بقرية أم عبيدة بالعراق سنة 578هـ/1182م. ولكن التسمية كانت ملازمة للزاوية القديمة "زاوية الرفاعي" التي كانت محل المسجد الحالي نسبة إلى الشيخ المدفون بها علي أبي شباك من ذرية الرفاعي، وانتقل الاسم بعد ذلك إلى المسجد الحالي.
حاول مهندسي مسجد الرفاعي عند وضع تصميمه مجاراة مسجد السلطان حسن المجاور له في العظمة والارتفاع مع أنهم قابلوا بعض الصعوبات ليصبح المسجد حين إتمامه من خيرة المساجد التي أنشئت في القرن العشرين وأحفلها زخرفاً وأتقنها صناعة.
فمساحة المسجد من الداخل تبلغ 6500 متر، الجزء المخصص للصلاة منها تبلغ مساحته 1767 متر، وبقية المساحة خصصت للمدافن والملحقات. وللمسجد منارتان أقيمتا على قواعد مستديرة مثل منارتي مسجد السلطان حسن، أما المداخل فهي شاهقة وتكتنفها العمد الحجرية والرخامية بتيجانها العربية، وحليت أعتابها بالرخام، وغطيت مداخلها بقباب وسقوف مزخرفة ومذهبة، وللوجهات شبابيك نحاسية ذات تصميم خاص.
كما أنه يتوسط الوجهة الغربية المدخل الملكي الذي تكتنفه أعمدة حجرية ذات قواعد رخامية مزخرفة، وعلى يمين الداخل من هذا الباب مقبرة الملك فؤاد الأول في الركن الغربي القبلي للمسجد وهي مكسية بالرخام الملون، ويجاوره قبر والدته الأميرة فريال. ويقابل الداخل من الباب حجرة حليت بالنقوش الملونة وطعمت بالرخام بها قبر الشيخ علي أبي شباك الرفاعي، وأقيمت فوقها قبة حليت مقرنصاتها بالذهب والألوان وتتوسطها مقصورة خشبية راقية مطعمة بالسن والأبنوس، وفتحت بأجناب الحجرة الأربعة أبواب تؤدي إلى المسجد. وبين البابين القبليين حجرة بها قبر الشيخ يحيى الأنصاري.
وايضا يتوسط الجدار الشرقي المحراب المحلى باطنه برخام دقيق ويكتنفه من جانبيه عمودان أبيض وأخضر. وعلى جوانب المسجد وفي وسطه أقيمت أكناف بنواصيها عمد رخامية مزخرفة ومذهبة التيجان، أحضر الرخام اللازم لها من بني سويف وتركيا واليونان وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا، وعلى جانب المحراب منبر كبير طعمت حشواته بالسن والأبنوس وخشب الجوز ونقضت خوذته ومقرنصاته بالذهب، ويمثله في الفخامة كرسي المصحف، أما دكة المبلغ فهي مصنوعة من الرخام ومقامة على أعمدة رخامية حفلت بالنقوش المذهبة.
وبالنسبة للجانب البحري فيه ست أبواب، منها أربعة توصل للمدافن واثنان يوصلان إلى رحبتين بين تلك المدافن. ويوجد بالحجرة الشرقية أربعة قبور جميعها لأولاد وبنات الخديوي إسماعيل أحدها للمرحوم علي جمال الدين، والثاني للسيدة توحيدة هانم، والثالث للسيدة زينب هانم، والرابع للمرحوم إبراهيم حلمي، وتعلو هذه الحجرة قبة حليت مقرنصاتها بالألوان، وعلى يسار هذه القبة من الجهة الغربية إحدى الرحبتين، ومنها يتوصل إلى القبة الثانية وبها قبران أحدهما للسيدة خوشيار هانم والدة الخديوي إسماعيل ومنشئة المسجد، والثاني للخديوي إسماعيل. ويلي هذه القبة الرحبة الثانية التي يتوصل منها إلى القبة الثالثة المشتملة على قبور زوجات الخديوي إسماعيل وهم شهرت فزا هانم، جنانيار هانم، جشم آفت هانم، ويتصل بهذه القبة حجرة بها قبر السلطان حسين كامل ابن الخديوي إسماعيل يعلوها سقف ملون وكسيت جدرانها بأنواع الرخام الفاخر. وفرشت تلك المقابر بالسجاد الفاخر وعلقت بها الثريات النحاسية والمشكاوات ووضعت بها كراسي المصاحف المطعمة بالسن والفضة، والمصاحف المذهبة والمباخر والشمعدانات الفضية.