ثويبة صابر تروي حكاية ”الحطَّابين والغصن الجميل”
كنا نمر كل يومين من الغابة المظلمة لنسلك طريقنا المعتاد حيث وجهتنا وكلما نمر نجد عدة أغصان مزهرة جميلة مضيئة ولافتة على مدار الغابة الموحشة، تلك الأغصان المبهجة هى الشيء الوحيد الذي يجعلنا لا نخشي هذا المكان
ينبثق كل غصن من جذع قوى كأنه يحمل باحتضان
ويوم بعد آخر كنت أجد غصن منهم منكسر أو قد جف فأحزن بشدة وأطيل النظر لأجد أنه من فعل الحطابين
إلا غصن واحد منهم كان أكثرهم جذباً للعين والقلب يزهر بشكل مختلف حاول معه الحطابين مراراً وتكراراً لكنه صامد جابه الريح ولم يتحرك، قد يتمايل دلال وحب وسط كل إعصار وكأنه يجعل منها ترانيم و ألحان يراقص بها الحياة،
كلما حاولوا كسره لم يستطيعوا فاللين في أنسجته تشد عوده وتجعله أشد أمام ضرباتهم لا يميل،
كم اشتهيت أن ألامسه لأستمد من قوته !!
وغبت عدة أيام ولم أمر واشتقت لبهجته وأزهاره كما يعجبني الجذع الحاضن له يمده بالقوة، فعدت لأمر من الغابة المظلمة فوجت أن التيبس نال منه قليلاً وقل خضاره وسقطت بعد أوراقه إلا أنه لايزال مبهجاً ثم رأيت مجموعة الحطابين المتربصين وأعينهم كالسهام تلاحقه يقول كل منهم كلمة إعجاب وانبهار تُخفي ورائها حقد وحسد لا يُحتمل،
كنت أفزع كلما رأيتهم حوله
وذهبت ولم يذهب بالي معي بل بقى عند ذاك الغضن
وقمت في اليوم التالي أشعر بإنقباض وحزن ودمعت عيناي ولا أعلم لما ويشغل بالي حال طيب الزهر فأسرعت بالتحرك للغابة لأراه
وحين اقتربت أخرت خطواتي وكأني أعلم ما حدث، أخشى أن أصدق ظني
وقدمت خطوة تلو الأخرى لأراه
إذ بي اسمع ضحكات الحطابين فرحاً
فنظرت على الغصن الجميل وإذ هي الفاجعة
قد كُسر الغصن
قد كسر الغصن الجميل، لطالما أعجب كل حطاب ما حماه كان كونه أخضر نابت يزهر بالورود؛لكن أعين الحطابين أصابته فإنقضى أمره ...
ولم يعد يصلح كي يعود لمكانه ولم يعد يزهر
لعله لم يكن مناسب سوي بأن يكون عصا لمن عصى
يبدو أن تناغمه حتى مع مصاعب الحياة لم تنفعه أمام نيران أعيانهم التى أسقطته
وذاك الجزع دون الغصن لا يزهر ولا تدب به حياة
فـ واأسفاه على كل غصن مزهر أسقطته عين حطاب حاقد.