ميليشيات وراء الابواب المغلقة السبب وراء استمرار الأزمة الليبية
الصراعات السياسية في ليبيا أثرت وبشكل كبير على مسار الأحداث فيها، فكل طرف يرى بأن وجوده شرعي وبأن له الأحقية في السلطة أو في جزء منها على الأقل، وما يحدث أمام عدسات الإعلام شيء ليس بكبير مقارنة بما يحصل وراء الأبواب المغلقة، وهنا تحديدًا تكمن المشكلة الأساسية التي بسببها لا يستطيع الليبيون الوصول إلى حل لهذه الأزمة.
عبدالله الثني، رئيس الحكومة السابق، كشف تفاصيل مثيرة للاهتمام في آخر مقابلة له على الإعلام، فقال فيها "إن الدبيبة وباشاغا ليسا مشكلة ليبيا، مؤكداً أن المشكلة الأساسية هي الأمن، فطالما ليس هناك جيش أو شرطة قوية، تسيطر على المشهد، لن يكون هناك أي تطور".
وبالفعل فإن افتقار البلاد لمنظومة أمنية قوية يسمح للنخب السياسية باحتكار مناصبها أو ممارسة نفوذها، كون جميع الساسة في مراكز صنع القرار يحظى بميليشيات أو عدد من المجموعات المسلحة التي تنضوي تحت رايته وتكن له ولاء.
وشاركه في الرأي أيضًا المحلل العسكري الليبي علي محمد صالح، الذي قال أن السبب الحقيقي للأزمة الليبية، يتمثّل في أزمتها الأمنية، حيث لا حلول إلا عبر توحيد المؤسسة العسكرية.
وحمّل صالح في تصريحات صحفية، الأزمة الأمنية في البلاد مسؤولية فشل الانتخابات وتأجيلها، لا سيما مع انتشار نحو 11 ألف مرتزق أجنبي على الأرض، واستفحال بعض القوى الأقليمية.
وحذّر صالح من خطورة الميليشيات المدعومة من التيار الإسلامي على وجه الخصوص، والتي تسعى إلى القضاء على أي تقارب وتوحيد في البلاد، وفق قوله.
ورأى أن الحل يجب أن يكون ليبيا-ليبيا، يجري عبره تحييد جميع الميليشيات عن المشهد السياسي والأمني، لافتاً أن بعض تلك الميليشيات تمتلك سجونًا سريّةً، ولا تخضع للقانون أو تعترف به.
وبالعودة إلى تصريحات الثني، فقد أشار أيضًا بأن ليبيا لم تُركز منذ 2011، على بناء الجيش والشرطة، قائلا: “ولنا مثل في السودان، حينما رأى الجيش أن عمر البشير يشكل خطر على الدولة أطاح به، ومصر كذلك”.
وكشف الثني أن وسطاء عرضوا عليه مبالغ مالية لتسليم الحكومة إلى أحمد معيتيق، وفي المقابل ستحول الأموال في صورة صكوك مالية، إلى حسابات خارج البلاد، وهو ما رفضه تمامًا، مضيفاً: “أحمد معيتيق كان محترم في كل ردود فعله، حتى عندما تم الطعن في حكومته، خرج بمنتهى الاحترام”.
ولفت الثني إلى أن إبراهيم صهد ومحمد بوسدرة كانا ضمن مجموعة من الوسطاء ممن عرضوا عليه الأموال لتسليم الحكومة لأحمد معيتيق، وكان قدموهم بطريقة التهديد، مشيراً إلى أن المجموعة التي عرضت عليه الأموال لتسليم الحكومة لأحمد معيتيق، كانوا يتكلمون باسم التيار الإسلامي بالكامل.
وبالطبع لو لم يكن التيار الإسلامي يحظى بدعم من العديد من الجماعات المسلحة في ليبيا، لم يكن ليستطيع ممارسة لغة التهديد سواء مع عبدالله الثني أو مع غيره، كما أن هذه التصريحات ليست جديدة على مسامعنا، فعلى سبيل المثال، يعود نجاح الصفقة الغير معلنة بين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر، إلى تمتع المشير بنفوذ عسكري كبير، كان من شأنه أن يحسم مسألة تمسك الدبيبة بمنصبه في طرابلس.