أنباء اليوم
الخميس 7 نوفمبر 2024 08:41 مـ 5 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

صناديق الاستثمار المدفوع بالالتزامات تثير القلق من السندات البريطانية

صناديق الاستثمار المدفوع بالالتزامات تثير القلق من السندات البريطانية
صناديق الاستثمار المدفوع بالالتزامات تثير القلق من السندات البريطانية


وُجِّهت إنتقادات لاستراتيجية إستثمار تستخدمها صناديق معاشات في المملكة المتحدة للتحوط من تهاوي العوائد في سوق السندات السيادية، بعدما جاءت بنتيجة عكسية عندما ارتفعت العوائد بدلاً من ذلك. اضطرت صناديق تتبع ما يسمي باستراتيجية "الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات" (LDI) إلى زيادة الضمانات التي تقدمها، عندما انهارت فجأة أسعار السندات السيادية في المملكة المتحدة، المعروفة باسم "سندات الخزانة البريطانية"، مدفوعة إلى حد كبير بتخارجها منها. دفع ذلك بنك إنجلترا إلى التدخل لمنع سقوطها في دوامة الهلاك وتعرضها لانهيار شامل.
والسؤال هنا
ما الاستثمار المدفوع بالالتزامات؟
هو عبارة عن استراتيجية تستخدمها صناديق المعاشات لإدارة أصولها، لكي تضمن الوفاء بالالتزامات المستقبلية، ومن هنا جاء الاسم. تستخدم الصفقات ما يسمى خطط معاشات محددة المزايا، التي تضمن للمتقاعدين الحصول على مبلغ محدد بغض النظر عن تقلبات أسواق المال. عادةً ما تشمل الاستراتيجية مشتقات مالية، مثل عقود مبادلات أسعار الفائدة وعقود أخرى تسمح لهم بتحوط رهاناتهم في حالة تحرك السوق ضدهم. لتنظيمها، على الصناديق تخصيص بعض الضمانات للصفقة. إذا انخفضت العوائد؛ تحقق الصناديق ربحاً، أما لو ارتفعت؛ تواجه في الأغلب طلب هامش التغطية، ويكون عليها أن تدفع أكثر للطرف المقابل، لأن قيمة السندات تقل.
من المستفيد هذه الاستراتيجية؟
تدير شركات، من بينها "بلاك روك" و"ليغال آند جينرال" (Legal & General) و"شرودرز"، صناديق استثمار مدفوع بالتزامات، بالنيابة عن عملاء المعاشات. تقوم العديد من صناديق المعاشات بتعهيد محافظها بالكامل -بما فيها صفقات الاستثمار المدفوع بالالتزامات- إلى شركات إدارة الصناديق هذه، في حين أن آخرين قد يستخدمون صناديق الاستثمار المدفوع بالالتزامات التي يقدمها مديرو الأصول. هناك شركات، مثل "كاردانو" (Cardano) و"إنسايت إنفستمنتس" (Insight Investments)، يمثل الاستثمار المدفوع بالالتزامات فيها أغلب أعمالها.

حجم الالتزامات، التي تملكها صناديق المعاشات البريطانية والتي خضعت للتحوط من خلال استراتيجية الاستثمار المدفوع بالالتزامات، زاد أكثر من 3 أضعاف ليصل إلى 1.5 تريليون جنيه إسترليني (ما يعادل 1.6 تريليون دولار) في 10 سنوات حتى 2020، وفقاً لجمعية الاستثمار في المملكة المتحدة. يبلغ إجمالي سوق الدين في حكومة المملكة المتحدة 2.3 تريليون دولار

ما سبب الأزمة؟
السبب هو تحرك كبير ومفاجئ في عوائد السندات الحكومية. رغم أن صناديق المعاشات ومديري الاستثمار لديهم أصول سائلة وأموال يمكنهم استخدامها لزيادة ضماناتهم عندما ترتفع العائدات، فهم عادةً يملكون عدة أيام أو أسابيع لتسديد المدفوعات. لكن في الأيام القليلة الماضية، ارتفعت العوائد بشكل كبير جداً لدرجة أن شركات إدارة الصناديق اضطرت لتوفير النقود خلال بضع ساعات. لم تكن العديد من صناديق المعاشات تملك نقوداً احتياطية لتلبية طلب هامش التغطية، لذلك اتجهوا إلى ثاني أكثر الأصول سيولة وهي سندات الخزانة البريطانية، إذ تحتفظ الصناديق عادةً بتوليفة كبيرة من السندات الأطول أجلاً والمرتبطة بالتضخم.

ومع بيع الكثير من الصناديق لسندات الخزانة البريطانية هذه في الوقت نفسه لتلبية الطلب، فأنها تدفع بذلك العوائد إلى الصعود، وهو ما رفع بدوره مدفوعات الضمان التي اضطروا لسدادها. لذا؛ تدخّل بنك إنجلترا لوقف هذه الدورة.

هل هذه عملية إنقاذ؟
نعم، بشكل ما. فقد ساعدت العملية صناديق المعاشات على الخروج من مأزق سيولة صعب من خلال عكس موجة بيع السندات والحاجة لتقديم ضمانات.

لكن الأزمة لم تمثل تهديداً وجودياً لهذه الصناديق يصل إلى حد الإفلاس، بل خففت من الحاجة لبيع الأصول بأسعار غير مواتية للحفاظ على تحوطاتها. كان ذلك بالأخص صحيحاً، نظراً لاستثمار بعض برامج المعاشات في أصول غير سائلة، مثل العقارات. فلو اضطروا إلى بيع هذه الأصول بسرعة؛ قد يسبب ذلك بعض المشكلات.

ما أهمية هذا الأمر؟
تسببت خطوة بنك إنجلترا في أكبر انخفاض مسجّل للعوائد طويلة الأجل في المملكة المتحدة، بعد يوم واحد فقط من أكبر ارتفاع لها على الإطلاق. تؤثر أسعار الفائدة المعيارية هذه على تكاليف الاقتراض في الاقتصاد الأوسع نطاقاً، وتسببت بالفعل في اضطرابات قبل تدخُّل بنك إنجلترا. جرى سحب منتجات الرهن العقاري وانهارت الصفقات. إذا استمرت هذه التقلبات، كانت ستهدد بإعاقة سوقي العقارات واقتراض الشركات.

هل حدث ذلك من قبل؟
واجهت صناديق المعاشات نفسها مطالبات بتقديم ضمانات في وقت سابق هذا العام بسبب ارتفاع العوائد. الفرق هذه المرة كان الطبيعة الحادة والمفاجئة لموجة بيع سندات الخزانة. يعني ذلك أن الأطراف المقابلة كانت تطالب بتوفير سيولة على نحو عاجل، حيث إن الموعد النهائي قد يكون على بعد ساعات وليس أسابيع.

ما موقف بنك إنجلترا الآن؟
يعاني "المركزي" من موقف غريب، ظاهرياً على الأقل. من ناحية، يحاول البنك إبطاء الاقتصاد من خلال تشديد السياسة النقدية –أو ما يعني رفع أسعار الفائدة– لكبح التضخم. لكنه الآن في الوقت نفسه يشتري السندات، ويضخ المزيد من السيولة في النظام بطريقة مشابهة للسنوات التي اتبع فيها سياسة التيسير الكمي لتحفيز الاقتصاد. يكشف هذا الموقف عن المهام المختلفة التي يضطلع بها بنك إنجلترا؛ إذ يحتاج إلى حماية الاستقرار المالي وأيضاً تخفيف ضغوط أسعار المستهلكين، وأحياناً يتضارب هذان الهدفان. دفعت التذبذبات البنك أيضاً إلى تأجيل برنامجه لبيع السندات لخفض الكم الهائل من الأوراق المالية الحكومية الذي راكمه البنك منذ الأزمة المالية، وهو هدف رئيسي لصانعي السياسات