الأسهم تحتضر والرهن العقاري يدق الجرس و الأسواق تتقلب بعنف
شهد الأسبوع الماضي تداولات متقلبة عبر كافة فئات الأصول وذلك على خلفية التوقعات بحدوث صدمة محتملة قد تعصف بالأنظمة الاقتصادية الكبرى.
حيث شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة في ظل تصاعد مخاوف ركود الاقتصاد العالمي، بينما انطلق مؤشر الدولار الأمريكي يصل إلى 114 مع تراجع الجنيه الاسترليني.
بينما اتخذ بنك إنجلترا إجراءات لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وحزمة التخفيضات الضريبية الجديدة تتلقى ردودا سلبية، فيما وصل معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 10%.
على صعيد متصل تحدث رافائيل بوستيك، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، الأسبوع الماضي قائلاً إن الخطة المالية للحكومة البريطانية زادت من حالة عدم اليقين الاقتصادي وعززت من إمكانية الوقوع في براثن ركود عالمي.
وجاءت تحذيرات بوستيك بعد أن لامس الجنيه الإسترليني مستوى قياسي جديد من التراجع بعد استيعاب المتداولين لحزمة التخفيضات الضريبية التي طرحها المستشار البريطاني كواسي كوارتنج والبالغ قيمتها 45 مليار جنيه إسترليني.
فى هذا السياق قال إن المبدأ الأساسي للاقتصاد يؤكد أن تزايد حالة عدم اليقين يؤدي إلى مشاركة أقل من قبل المستهلكين والشركات مضيفاً أن السؤال الرئيسي سيكون ما الذي يعنيه هذا فيما يتعلق بإضعاف الاقتصاد الأوروبي في نهاية المطاف، والذي يعتبر من أبرز العوامل لكيفية أداء الاقتصاد الأمريكي.
وجاءت تعليقات بوستيك في أعقاب تحذيرات سوزان كولنز، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، والتي قالت إن أي صدمة خارجية قد تدفع بالاقتصاد الأمريكي إلى الركود.
وإستقر أداء الدولار الأمريكي خلال جلسة التداول الآسيوية يوم الجمعة المضي بعد تصحيح حاد أدى إلى تراجعه يوم الخميس.
وبعد أن وصل مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته منذ بداية العام في منتصف الأسبوع عند مستوى 114.778، عاد مجدداً للتراجع بشكل مفاجئ إلى أدنى مستوياته المسجلة خلال اليوم عند 112.56 وتخليه عن كافة المكاسب التي حققها هذا الأسبوع.
وتزامن تراجع الدولار الأمريكي مع حالة التصحيح الشديدة التي شهدتها عوائد السندات الأمريكية.
حيث إنخفض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين الآن على مدار يومين متتاليين بعد بلوغه مستويات الذروة عند 4.35% يوم الاثنين، لتضع بذلك حداً لسلسلة من الإغلاقات المرتفعة التي استمرت على مدار ثلاثة عشر يوماً متتالية.
فى الوقت نفسه كان تراجع عائدات السندات الأمريكية أكثر وضوحاً في الطرف الأطول أجلاً للمنحنى في ظل انخفاض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بشكل حاد من أعلى مستوياته المسجلة منذ بداية العام والذي تذبذب ما بين 4.02% إلى 3.69% خلال اليوم.
ويبدو أن الدافع الرئيسي لتراجع الدولار الأمريكي وعوائد السندات الأمريكية يتمثل في تزايد المخاوف بشأن الآثار السلبية المحتملة على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية من فقدان الثقة في الأوضاع المالية العامة لحكومة المملكة المتحدة.
وعلى صعيد البيانات، جاءت قراءة مؤشر ثقة المستهلك في الولايات المتحدة أعلى من التوقعات التي أشارت إلى وصولها إلى 104 إذ وصلت إلى 108.
ويعتبر مؤشر ثقة المستهلك من أبرز المؤشرات الرئيسية على مستوى إنفاق المستهلكين، وبالتالي فإنه يلقي الضوء على رأي وادارك المستهلك لوضع الاقتصاد.
من جهة أخرى، ارتفعت طلبيات السلع المعمرة الأساسية بنسبة 0.2% على أساس شهري، وبالكاد خالفت التوقعات التي أشارت إلى تسجيل نمو بنسبة 0.3%.
وكان هناك إنذاراً أكثر إثارة للمخاوف والذي تمثل في ارتفاع معدل الرهن العقاري لمدة 30 عاماً في الولايات المتحدة وتخطيه لنسبة 7.0% بوصوله إلى 7.08% وهو الأعلى منذ 11 ديسمبر 2000.
وتعتبر تلك المعدلات أسرع زيادة بنسبة 1% تشهدها معدلات الرهن العقاري في التاريخ، ومجرد حدوثها خلال شهر واحد فقط يعتبر من الأمور التاريخية.
إلا أن الأكثر دهشة هو أنه ووفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في اتلانتا، ستحتاج الأسرة الأمريكية المتوسطة، اعتباراً من بضعة أسابيع ماضية، إلى إنفاق نحو 44.5% من دخلها الشهري لتسديد تكاليف منزل معتدل السعر في الولايات المتحدة، وهي أعلى نسبة على الاطلاق منذ عام 2006.
على صعيد آخر، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في أغسطس، إلا أن رفع الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات الفائدة بوتيرة متشددة في إطار مساعيه لكبح جماح التضخم أدى إلى تباطؤ الطلب، مما قد يحد من الانتعاش المتوقع للنمو الاقتصادي في الربع الثالث من العام.
وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.3% الشهر الماضي بعد تراجعه بنسبة 0.1% في يوليو.
وعلى مدار 12 شهراً المنتهية في أغسطس، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 6.2% بعد نموه بنسبة 6.4% في يوليو.
أصدر بنك إنجلترا بياناً يوم الاثنين أكد من خلاله أن لجنة السياسة النقدية لن تتردد في تغيير أسعار الفائدة بقدر ما يلزم لإعادة التضخم إلى مستوى 2% بشكل مستدام على المدى المتوسط مع الحرص على مراقبة الأسواق عن كثب.
كما قال بنك إنجلترا أيضاً إنه سيجري تقييماً كاملاً لتأثير خطط الحكومة لخفض الضرائب.
وأدت تدابير وزير المالية كواسي كوارتنج إلى سقوط حر للجنيه الاسترليني والسندات الحكومية في 23 سبتمبر الماضي بعد إعلانه عن من أطلق عليه الميزانية المصغرة التي تم تصميمها لتعزيز الاقتصاد من خلال تمويل التخفيضات الضريبية مع زيادة الاقتراض الحكومي بوتيرة شديدة.
وعلى الرغم من تراجع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته على الإطلاق عند مستوى 1.0327 في التعاملات الآسيوية يوم الاثنين، إلا أن العملة تمكنت من محو بعض خسائرها وارتفعت إلى مستوى 1.1234 يوم الجمعة.
وساهم قرار بنك إنجلترا بالتدخل في سوق السندات البريطانية لدعم الطرف طويل الأجل للمنحنى لحماية الاستقرار المالي في المملكة المتحدة في تصعيد المخاوف المتعلقة بالتداعيات السلبية التي قد تتعرض لها الأسواق المالية والاقتصادية نتيجة لفقد الثقة في الأوضاع المالية للمملكة المتحدة.
وأكد بنك إنجلترا أنه إذا استمر الخلل الوظيفي في الأسواق المالية أو ساء، فسيكون هناك خطر جوهري على الاستقرار المالي في المملكة المتحدة.
وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تشديد غير مبرر لشروط التمويل وتقليل تدفق الائتمان إلى الاقتصاد الحقيقي، وباختصار، سيساهم ذلك في تفاقم حالة الركود الأعمق والأطول للاقتصاد البريطاني.
وفي إطار استجابته لخطورة الموقف، اتخذ بنك إنجلترا تدابير سريعة لإعادة النظام إلى الأسواق وتقليل مخاطر انتقال عدوى تشديد شروط التمويل للأسر والشركات من خلال الإعلان عن أنه سيجري عمليات شراء للسندات طويلة الأجل حتى 14 أكتوبر حسبما تقتضي الحاجة.
تخطت معدلات التضخم في منطقة اليورو مرة أخرى توقعات الإجماع وبشكل مفاجئ، إذ ارتفع معدل التضخم من 9.1% على أساس سنوي في أغسطس إلى 10.0% في سبتمبر متجاوزاً بذلك توقعات السوق التي اشارت إلى وصله إلى 9.7%.
وسجلت قراءة كلا من معدل التضخم الأساسي ومؤشر تضخم قطاع الخدمات نمواً بنسبة 0.5% إلى 4.8% و4.3% على التوالي، أي أعلى من التوقعات بنسبة 0.1%.
كما ارتفع تضخم السلع الصناعية الأساسية من 0.5% إلى 5.6%، وفي ذات الوقت، عاد معدل تضخم أسعار الطاقة للارتفاع مجدداً، حيث صعد من 38.6% إلى 40.8% على أساس سنوي في ظل انتقال ارتفاع أسعار الطاقة في أغسطس إلى المستهلكين.
كما يواصل مؤشر تضخم أسعار المواد الغذائية ارتفاعه، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية غير المصنعة على وجه الخصوص من 11.0% إلى 12.7%.
وقد تكون تلك القراءات غير مريحة للبنك المركزي الأوروبي الذي يستهدف نمو الأسعار بنسبة 2%، حيث تشير إلى أن تزايد معدلات الطلب تساهم في تعزيز التضخم مما يزيد من مخاطر أن يصبح راسخ في الاقتصاد.
ويقوم السوق حالياً بتسعير رفع المركزي الأوروبي لسعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى بنسبة 100% وبنسبة 30% لرفعها بمعدل 1% في الاجتماع القادم.