أعضاء القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف : ديننا دين السلام ونبينا نبي السلام
انطلقت قوافل دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى محافظات: (شمال سيناء، قنا) اليوم الجمعة 4/ 11/ 2022م وتضم كل قافلة (عشرة علماء): 5 من علماء الأزهر الشريف، و5 من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع: "السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون".
وقد أكد علماء الأزهر والأوقاف أن ديننا الحنيف دين السلام، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام، وتحيتنا في الدنيا سلام، والجنة هي دار السلام، وتحية أهل الجنة في الجنة السلام، وتحية الملائكة لهم سلام، حيث يقول (عز وجل): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ"، ويقول سبحانه: "لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ"، ويقول تعالى: "وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ"، ويقول (جل وعلا):"وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار".
ولمكانة السلام وشرفه سمَّى ربُّنا (عز وجل) نفسَه "السلام"، فقال سبحانه: "هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ"، وكان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) عقب كل صلاة: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَام".
والمسلم الحقيقي ودود، سهل، هين، لين، يألَف ويؤلَف، متسامح مع نفسه، ومع أهله وذويه، ومع جيرانه وأصدقائه، ومع مجتمعه، بل مع الناس أجمعين، سخي كريم، يحب الخير للناس جميعًا، ويشاركهم فيه، ويسهم في كل ما يحقق التراحم والتكافل المجتمعي، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "المُؤمِنُ يألَفُ ويُؤلَفُ، ولا خيرَ فيمَنْ لا يألَفُ ولا يُؤلَفُ، وخيرُ النَّاسِ أنفَعُهم للنَّاسِ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، ويقول (عليه الصلاة والسلام): "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"، فلا يغش ولا يخون، ولا يستغل، ولا يحتكر، ولا يهدم، ولا يخرِّب، ولا يكذب، ولا يرمي الناس بالإفك والبهتان ظلمًا وزورًا، ولا يحرِّف الكلم عن مواضعه، محب لوطنه، حريص على حفظ أمنه وأمانه واستقراره.
كما أن المؤمِنَ سِلمٌ سلامٌ مع البيئة التي يعيش فيها، يعي أن الحفاظ على البيئة مسئولية دينية وإنسانية ووطنية، وأن كل ما هو نافع لحياة العباد ومصالح البلاد فهو من صميم مقاصد الأديان، وكل ما هو ضار لحياة العباد ومصالح البلاد ففعله مفسدة، ودرؤه مصلحة واجبة بل محتَّمة.
وقد أرشدنا نبيُّنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) إلى أهمية السلام مع البيئة، حيث بيَّن أن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، فقال (صلى الله عليه وسلم): "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ"، كما حذَّر نبينا (صلى الله عليه وسلم) من تلويث البيئة بصفة عامة والماء بصفة خاصة، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "اتَّقوا اللَّاعِنَينِ، قالوا: وما اللَّاعنانِ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الَّذي يتخلَّى في طريقِ النَّاسِ أو ظلِّهِم"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "اتَّقوا الملاعنَ الثَّلاثَ: البَرازَ في المواردِ، وقارعةِ الطَّريقِ، والظِّلِّ"، وذلك حتى لا يكون الماء الملوَّثُ مصدرَ أذى، ونقل للأمراض المُهلِكة.
لا شك أن مفهوم السلام يمتد ليشمل الكون كله، فالمسلم لا يؤذي حيوانًا، ولا يحرق نباتًا، ولا يتلف شجرًا ولا ثمرًا، إنما هو بنَّاء معطاء، يحب الخير لا الشر، والبناء لا الهدم، والتعمير لا التخريب، وقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يؤصِّل لهذا السلام الكوني، فهو بحق رحمة للعالمين، حيث يقول تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، مما يقتضي أن نحمل الخير للإنسانية جمعاء، ونعمل جميعًا على الحفاظ على البيئة والسلام الكوني بما يرفع الأذى عن الجميع، مدركين أن التجاوز في حق البيئة تجاوز ممتد الأثر لا يقف عند حدود مرتكبيه أو دولهم أو إقليمهم، إنما يتجاوزهم إلى نطاق أوسع ربما يؤثر في الكرة الأرضية كلها وعلى البشرية جمعاء، مؤكدين أن الحفاظ على البيئة مطلب شرعي ووطني وإنساني.
فما أجمل أن يعيش الإنسان في سلام مع نفسه، وسلام مع أسرته، وسلام مع عائلته، وسلام مع جيرانه، وسلام مع زملائه، وسلام مع أصدقائه، وسلام مع المجتمع، وسلام مع بيئته، وسلام مع الكون كله.