إسراء عاطف تكتب ” شروط وآداب الدعاء ”
الحمدُ للهِ وفَّقَ مَنْ شَاءَ لِمَكارِم الأخلاقِ, وهدَاهم لِما فيهِ فلاحُهم يَومَ التَّلاقِ, أَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ, المَلِكُ الخَلاَّق، وأَشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ أَفضَلُ الْبَشَرِ على الإطلاقِ, صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِه ومن تبعهم بإحسانٍ إلىَ يومِ الدّين ثم أما بعد ...
يقول رسول الله ﷺ.
« ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ »
فإجابة الدعاء ليست متوقفة على ألفاظ الدعاء وعباراته، بقدر ما هي متوقفة على القلب الذي يخرج منه هذا الدعاء، مم تغذى؟ وبم امتلأ ؟
ماهي شروط وآداب الدعاء ؟
قال ابن عباس رضي الله عنه: تليت هذه الآية عند النبي ﷺ: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا)، فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه- وهو خال النبي ﷺ وكان النبي ﷺ يحبه حبا شديدا- فقال يا رسول الله : ” ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة “- وكان بوسع النبي ﷺ أن يرفع يديه الشريفتين إلى الله عز وجل ويقول : اللهم اجعل خالي سعدا مستجاب الدعوة، ولكنه ﷺ أراد أن يعلم سعدا ويعلمنا ويعلم الأمة كلها درسا ..
فقال له الرسول ﷺ : يا سعد، أطب مطعمك تستجب دعوتك، والذي نفسي بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما، و أيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به .
أولاً : شروط الدعاء .
1- التوبة وتطهير الباطن : فقد قيل للحسن : ما لنا ندعو الله فلا يستجيب لنا ؟ فقال : ” دعاكم فلم تستجيبوا له “
2- حضور القلب : فالله عز وجل لا يقبل دعاء من قلب لاهٍ. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء”
3- الافتقار وإظهار المذلة بين يدي الله .
4- العزم في الدعاء : حيث يقول النبي ﷺ : “لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له” .
5- عدم الاستعجال : فقد قال الرسول ﷺ : “إن الله يستجيب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت ربي فلم يستجب لي”.
6- عدم الدعاء بشر : فقد قال الرسول ﷺ : “ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم”. وأذكر في هذا السياق قول ابن عطاء الله: “لا يكن تأخر أمر الإجابة مع الإلحاح في الدعاء من موجبات يأسك، فإنه يستجيب لك في الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد، وبالشكل الذي يريد، لا بالشكل الذي تريد”.
7- طلب الحلال : لقول النبي ﷺ : “إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا،وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا}
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}، ثم ذكر الرسول ﷺ الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، ويقول: يا رب، ومطعمه حرام ومشربه من حرام وملبسه من حرام وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب له”.
ثانياً : أدآب الدعاء .
1- استقبال القبلة ورفع اليدين عند الدعاء .
2- ابتداء الدعاء وانتهاؤه بالثناء على الله والصلاة على الرسول ﷺ ، فقد دخل رجل يصلي فقال: “اللهم اغفرلي وارحمني فقال الرسول ﷺ : عجلت أيها المصلي. إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي ثم ادعه”.
وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: “من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي ﷺ ثم يسأله حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي ﷺ فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.
3- تحري أوقات الإجابة كيوم الجمعة، وليلة القدر، والثلث الأخير من الليل، وحين يصعد الخطيب على المنبر، وبين الآذان والإقامة، وقبل الإفطار للصائم.
4- خفض الصوت : فقد قال تعالى: “ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين”، وقيل يا رسول الله: الله بعيد فنناديه أم قريب فنناجيه؟
فأنزل الله تعالى قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإن قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.
5- تجنب التكلف في الدعاء : كحفظ العبارات المسجوعة والإطالة في الدعاء، والأولى أن يكون من القلب وبالمأثور عن النبي ﷺ ، فقد جاء رجل إلى رسول الله ﷺ وقال : إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال له النبي ﷺ : ماذا تقول؟ قال: أسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، فقال الرسول ﷺ : “حولهما ندندن”. يقول أنس رضي الله عنه: دعا رجل فقال: “اللهم إني أسألك، بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم”، فقال النبي ﷺ : أتدرون بما دعا هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم : قال: “والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى”.