أ.د/ أحمد عمر هاشم : علينا أن نحافظ على القرآن وأن نعرف قدره العظيم وأن نتمسك به
أكد أ.د/ أحمد عمر هاشم أننا اجتمعنافي حب الله سبحانه وتعالى وحب رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وفي رحاب آل بيته، والذي دأبت وزارة الأوقاف في إقامة هذا الملتقى في مسجد من مساجد آل البيت حبًا في آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
قد جئت بابك سيدي و مكثت أدعو الله دون تردد
فرأيت أني في أعز شهادة و بأن كل الخير أضحى في يدي
و عليك أكثرت الصلاة بروضة فرأيت أني في مراقي السؤدد
لم لا و أنت المجتبى و المصطفى؟ لم لا و أنت المشفع لنا في غد؟
أنا لست أخشى الفقر في دنيا الوري فخزائن الرحمن لما تنفد
أنا لست أخشى من ظلامة ظالم أنا لست أخشى من عداوة معتد
أنا لست أخشى الضيم أو قهر العدا و أنا المقيم هنا بباب محمد
مؤكدًا أن مصر تعودت أن تُلقي الأسماع والقلوب إلي هذا الملتقى العامر، مشيرًا إلى أن رب العزة سبحانه قد رتب فرضية صيام رمضان على نزول القرآن، حيث يقول سبحانه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، وهو أجلُّ نعمة إلهية، يقول سبحانه: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"، وبه أخرج الحق سبحانه البشرية من الظلمات إلى النور، وهو شهر القرآن، وكان (صلى الله عليه وسلم) يحب تلاوة القرآن ومدارسته، فعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال: "كان رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم) أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ"، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب سماع القرآن من غيره، فعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: "قالَ لي النَّبيُّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ): اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ"، فيجب علينا أن نحافظ على القرآن، وأن نعرف قدره العظيم، وأن نتمسك به، وقراءته خاصة في هذا الشهر الكريم، فحين تتلو القرآن تتنزل الملائكة، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: "ما اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيوتِ اللهِ تَعالى، يَتلُونَ كِتابَ اللهِ، ويَتَدارَسونَه بَينَهم؛ إلَّا نَزَلتْ عليهمُ السَّكينةُ، وغَشيَتْهمُ الرَّحمةُ، وحَفَّتْهمُ المَلائِكةُ، وذَكَرَهمُ اللهُ فيمَن عِندَه"، ويروي لنا سيدنا أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ أنه بيْنَما هو لَيْلَةً يَقْرَأُ في مِرْبَدِهِ، إذْ جَالَتْ فَرَسُهُ، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، قالَ أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إلَيْهَا، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ في الجَوِّ حتَّى ما أَرَاهَا، قالَ: فَغَدَوْتُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بيْنَما أَنَا البَارِحَةَ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ في مِرْبَدِي، إذْ جَالَتْ فَرَسِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ قالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ قالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ قالَ: فَانْصَرَفْتُ، وَكانَ يَحْيَى قَرِيبًا منها، خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ، فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ في الجَوِّ حتَّى ما أَرَاهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: تِلكَ المَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، ولو قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ ما تَسْتَتِرُ منهمْ".
مؤكدًا أن هذه هي عظمة القرآن، ولو نعلم ما في القرآن الكريم من كنوز ما تركناه لحظة، وفي سوره من النفحات المباركات، فمن لم يستطع القراءة فليستمع، فعن سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال: "بينا رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلم) عنده جبريلُ إذ سمِع نَقيضًا من فوقهِ، فرفعَ جبريلُ بصرَه إلى السماءِ فقال: هذا بابٌ فُتِح من السماءِ ما فُتِح قطُّ قال: فنزل منه ملَكٌ فأتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقال : أبشِرْ بنورَينِ أوتيتُهما لم يؤتَهُما نبيٌّ قبلكَ فاتحةِ الكتابِ وخواتيمِ سورةِ البقرةِ لن تَقرأَ حرفًا منهما إلَّا أُعطيتَهُ"، فنحن في رحاب القرآن الكريم نعيش، والقرآن محفوظ بحفظ الله (عز وجل)، وسيبقى القرآن خالدًا إلى أبد الآبدين، والتقاؤنا على مأدبة القرآن أبلغ رد على المشككين والمفترين.
وفي كلمته قدم الدكتور/ هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني الشكر للأستاذ الدكتور/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على إقامة مثل هذه اللقاءات العامرة، مشيرًا إلى أن شهر رمضان شهر الرحمات والنفحات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا"، ومن نفحات هذا الشهر الكريم قراءة القرآن ومدارسته، وشهر رمضان هو شهر القرآن، مؤكدًا على ضرورة أن نتخلق بأخلاق القرآن، حيث تقول السيدة عائشة (رضي الله عنها) عندما وصفت أخلاق الرسول (صلى الله عليه وسلم): "كان خلقه القرآن"، وإذا أردنا أن نتخلق بأخلاق القرآن فلننظر إلى أخلاق الصحابة (رضوان الله عليهم) فعن سيدنا عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: "كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلمهن ونعمل بهن، ونعلمهن، ونعلم حلالهن وحرامهن، فأوتينا العلم والعمل"، وقراءة القرآن من أجلِّ الأعمال، فعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (ألم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ".
كما أكد على أهمية التدبر في آيات القرآن الكريم، وأن التدبر في آيات القرآن تسموا بأخلاق العبد إلى درجات عليا من الجنة، ونتعلم منها التأدب مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ"، مشيرًا إلى أن آيات القرآن تتوافر على أهمية التخلق بالأخلاق الحسنة، وهذا ما أكد عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والإنسان بخلقه يبلغ الدرجات العلا من الجنة، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ".