احمد المنظري: 20 بلداً من بُلدان أقليم شرق المتوسط خالياً من فيروس شلل الأطفال البري
أكد الدكتور أحمد بن سالم المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط في كلمته إلى المؤتمر الصحفي الإلكتروني عن شلل الأطفال والتمنيع الروتين،
انه بفضل الحملات القوية والفعَّالة ضد شلل الأطفال، أصبح 20 بلدًا وأرضًا من بلدان وأراضي الإقليم البالغ عددها 22 خاليًا الآن من فيروس شلل الأطفال البري. ولا يزال المرض متوطِّنًا في أفغانستان وباكستان وحسب، وقد أحرز كلا البلدين تقدمًا كبيرًا في الوصول إلى الأطفال دون سن الخامسة المصابين بشلل الأطفال في كل حملة تطعيم.
فمنذ إنشاء البرنامج المُوسَّع للتمنيع في أواخر السبعينيات، أمكن حماية الملايين من الناس، ولا سيَّما الأطفال، من الأمراض المُهدِّدة للحياة بلقاحات مأمونة وفعالة.
وحتى نضع هذا الأمر في منظوره الصحيح لإقليم شرق المتوسط، فقد حال التطعيم ضد الحصبة دون وقوع ما يقرب من 10 ملايين وفاة في صفوف الأطفال دون سن الخامسة في الفترة بين عامَي 2000 و2021
وقد بدأ كلمته بالتوجه بخالص التعازي القلبية إلى أسرة الأمم المتحدة وإلى برنامج الأمم المتحدة للغذاء في وفاة ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني الذين فقدوا حياتهم أثناء العمليات العسكرية في السودان . قلوبنا مع أسرهم وأحبائهم ودعواتنا للمصابين بالشفاء العاجل. آملين أن يتوقف الصراع ويعم السلام ربوع السودان وأن يحفظ الله أهله الكرام.
وبهذه المناسبة الأليمة نؤكد مجدداً على ضرورة حماية العاملين في المجال الصحي والإنساني الذين يقومون بواجبهم بحياد ونزاهة ويضحون من أجل صحة وحياة الآخرين. لابد من إجراءات تضمن سلامتهم وهم يؤدون مهامهم النبيلة.
وقال أن جائحة كوفيد-19 عطلت أنشطة التمنيع. إذ لم يتلقَّ أكثر من 6.5 ملايين طفل لقاحهم ضد الحصبة بين عامَي 2020 و2021، أيضًا لم يتلقَّ 6.4 ملايين طفل أي تطعيمات روتينية. وتوقفت أيضًا حملات مكافحة شلل الأطفال أربعة أشهر، تاركة العديد من الأطفال أشد عرضة لخطر الإصابة بالمرض.
وعلى مدى العام الماضي شهدنا أثر هذا التعطُّل، وتعكف الآن بلدان كثيرة على الاستجابة لفاشيات متعددة للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل شلل الأطفال والحصبة والدفتيريا والسعال الديكي، والتي تُعرِّض حياة الأطفال للخطر.
غير أن الحكومات اجتمعت من أجل الاستجابة عن طريق تعزيز النُّظُم الصحية وإعطاء الأولوية لحصول الجميع على التطعيمات، لا سيَّما الفئات السكانية المهمشة. وتُظهر استجابتنا لكوفيد-19 ثمار تلك الجهود، إذ أُعطِيَ حوالي 890 مليون جرعة من لقاح كوفيد-19 في الإقليم منذ عام 2021.
وقد رأى الإصرار ذاته يتكرَّر فيما يتعلَّق بشلل الأطفال. فقد أقرَّت اللجنة الفرعية الإقليمية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته ببلدان الإقليم التي شنت حملات تطعيم قوية ومناسبة التوقيت، وعززت ترصُّد شلل الأطفال، ومضت قُدُمًا نحو تحقيق التكامل والانتقال في الأصول الخاصة بشلل الأطفال في البلدان الخالية منه.
وانه زار باكستان مرتين العام الماضي في إطار الزيارات الرفيعة المستوى التي أجرتها المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، وشاهد بنفسه مدى الالتزام السياسي والعزيمة من جانب العاملين الصحيين للقضاء على شلل الأطفال في البلاد. لقد أوصلتنا الجهود الحثيثة الآن إلى عتبة استئصال فيروس شلل الأطفال البري في كلٍّ من أفغانستان وباكستان.
ومع ذلك، فلا يزال هناك الكثير مما ينبغي فِعله. إذ يجب أن نوقف فاشيات فيروسات شلل الأطفال المُتحوِّرة في الصومال والسودان واليمن. ويتحتَّم علينا جميعًا، حكومات وشركاء، التخطيط لكيفية الوصول إلى الأطفال الذين فاتهم التطعيم خلال السنوات القليلة الماضية، وضمان حصول جميع المجموعات الجديدة من الأطفال على التطعيم الكامل دون أي إبطاء.
وخلال أسبوع التمنيع العالمي، ستدعو منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في مجال التمنيع الحكومات إلى اتخاذ إجراءات متضافرة، لتدارُك الجهود واستعادة التغطية بالتمنيع الروتيني ضد شلل الأطفال، وبناء نظم صحية قادرة على الصمود والتصدي لنقاط الضعف الكامنة، وتمكين برامج التمنيع من تحمل أي صدمات أو اضطرابات تحدث في المستقبل.
إن هذا العام حاسم لإقليمنا. فقد اقتربنا أكثر من أي وقت مضى من القضاء على شلل الأطفال في أفغانستان وباكستان، وهو ما من شأنه توفير الحماية للأطفال، ليس في إقليمنا وحسب، بل في جميع أنحاء العالم، من الإصابة بالشلل الذي يسببه شلل الأطفال.
واللقاحات تنقذ الأرواح، وتظل واحدة من أكثر أدوات الصحة العامة تأثيرًا في العالم. فمن خلال اللقاحات تمكنَّا من استئصال الجدري، وكان لها أيضًا دور رئيسي في التصدي لفيروس كوفيد-19. ويُعدُّ التمنيع الكامل والمناسب التوقيت جزءًا جوهريًّا من رؤية منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، وهي «الصحة للجميع وبالجميع».
ومن ثَم، فإنني أحث الجميع -حكومات وأُسرًا ووسائل إعلام- على الاضطلاع بدورهم في حماية أطفالنا من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، والمساعدة على ضمان تمتعهم بما يستحقونه من مستقبل موفور الصحة.
وكما قال الله عز وجل:
«مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا ۚ.»