( أمل ) بقلم - رضا العزايزة
لم تكن إنسانة عادية... بل كنت أراها خارقة على الأقل من وجهة نظري
كنت صغيرة ، و أستغرب من صبرها و حبها المريض لزوجها الغير مبرر سنعلم بعد ذلك لماذا اقول هذا
أحياناً كنت أجرحها دون أن اقصد لقلة خبرتى في الحياة
......كنت أناديها دائماً أبله (أمل )
هى سيدة ذكية ولطيفة لأبعد الحدود تعرف اكثر من مهنة يدوية مثل التطريز و الكروشية والخياطة بخلاف عملها في إحدى الشركات الكبري
أبله (أمل) تزوجت كبيرة في السن لأنها كانت سمينة جداً
ولم يتقدم لها إلا القليل، ولم يتم الزواج إلا مؤخراً
كانت تعانى من أمراض السمنة المفرطة الوراثية في عائلتها ، ولكن حين تراها تشعر بالأمل والحياة والنشاط كانت شعلة من الحركه والأمل
كان زوجها نحيف جداً ببشره قوقازية وملامحه تنم عن اللئم والبخل .....لا اعرف لماذا كان هذا شعورى نحوه
مع الوقت تعرفت على ابله( أمل) اكثر و احببتها كثيراً كانت تذاكر لي اللغه الفرنسية وتحاول أن تعلمنى الكروشيه ، لكنى رفضت، لأني أحب تعلم الأشياء السريعة و هذا ممل بالنسبه لي
ذات يوم كنت أراها تبكي لا اعرف لماذا ؟
سمعتها تحكى لأمى أن زوجها يتنمر عليها وعلى حجمها ومشاكل أخرى ، ويقول لها يجب أن تشاركه في مصروف البيت لأنها تعمل مثله
حاولت أمى أن تجعلها تهدأ وتقول لها كل البيوت على تلك وذاك ، وقالت لها أن تتخطى الأمر وأن لا تأخذ كل كلمه على محمل الجد حتى تستمر الحياة
مر الوقت وأبله( أمل) تعانى في صمت وظهر عليها بعض الأمراض بخلاف السكر، عرفنا بعد ذلك أنها أصيبت بفشل كلوي ، وكانت تذهب بمفردها للغسيل الكلوى لأن أهلها فى مكان بعيد عنها وهى لم تخبر الجيران بمرضها
إستمرت تعانى حتى أنجبت طفل ليفرح زوجها
تحدثت معها ذات مرة
لماذا لا تواجهى زوجك بما يضايقك منه ؟!!!
ردت على رد غريب جداً
«قالت مش كفاية أنه مستحمل مرضى »
بدأ زوجها يتمرد ، و أصبح سلوكه غير منضبط ، وكلما تعارك معها تقول له
...« أصبر أنا قربت أموت»
كنت احزن عليها كثيراً ، لأنها تعاني من حبها لزوجها ، وهو لا يشعر بها ، وحبها لإبنها وخوفها من الموت قبل أن تربيه
جاء تنسيق الجامعة وسافرت بعيدا عنهم للدراسه وجلست فى إحدى المدن الجامعية
وفى الإجازة عدت وجدت حالتها قد تدهورت من الغسيل الكلوى ، وظهر عيها المرض ، و الحزن بعد وفاة أخيها
وأختها بسبب أمراض السمنة
حاولت أخفف عنها و أقول لها هذا قضاء الله وقدره وأصبري ولا تتركى العلاج ، وأن لى صديقة طبيبة فى نفس التخصص سوف اسألها عن حالتها ، وأخذت منها صور الأشعة والتحاليل
وقمت بالإستعداد للرحيل و سلمت على ابله (أمل)
لأول مره تقوم بحضنى وقت طويل وقالت لى
..........«متتأخريش عليه»
شعرت بقبضه فى قلبى وقلت لها لن أتأخر عليكم
أول إجازة إن شاءالله هكلمك
ذهبت إلى المدينة الجامعية لكن لم أشعر بالراحة والهدوء
لم يمر أسبوع و رجعت للبيت وقبل أن أغير ملابسي
_قلت لهم سأتصل بأبله( أمل)
_قالوا لى لا تتصلي
_ظننت أن زوجها هناك وأنه لا يصح فى هذا الوقت أن اكلمها
_قلت لأمى هل زوجها هناك ؟
_قالت لا
_قلت لها ما المانع إذن.... أبله( أمل) تستيقظ مبكراً
_قالت وعيونها كلها دموع
.....أبله( أمل) ماتت من أسبوع
لم أتمالك نفسى من البكاء ولم اتذكر سوى حضنها الأخير
وصوتها وهى تقول لا تتأخرى على
لا أشعر أنها رحلت هى بقلبى دائماً
ولا اعلم إلى الآن من قتلها الجفاء أم السمنه ؟!!!!!
بقلم// رضا العزايزة