جبانات منف والإمام الشافعي نموذج حضاري عريق
تضمنت الحضارة المصرية القديمة اهتمامات كبيرة بعقيدة الموت تلك التي آثرت عليهم في تشييد مقابرهم ويوجد مقابر تعود لعصور ما قبل التاريخ، ومنهم حضارة البداري ودير تاسا مروراً بالعصر العتيق وتم بناء مقابر من الطوب اللبن في أبيدوس، ولقد لعب المهندس المعماري ايمحتب، دوراً في بناء مجموعة الملك زوسر الجنائزية بمنطقة سقارة والتي تم تشييدها من الحجر وقام بتشييد هرم الملك زوسر والمقبرة الجنوبية وحجرة السرداب، ولذلك تعد فكرة الاهتمام بالمقابر منذ اقدم العصور وبرع المصري القديم في تطوير شكل الهرم من هرم مدرج مكون من مصاطب مروراً بهرم حوني في ميدوم، ولقد قام الملك سنفرو بتشييد هرمين في دهشور وهم الهرم المنحني والهرم الأحمر ولقد قام المصري القديم بعمل أبداعي كبير في أنشاء مقابر الملوك وبحوارهم مقابر كبار رجال الدولة، وتعتبر هذه الأهرامات والمقابر بداية حقيقية استمرت في الحضارات المصرية حتي وصلنا الي تشييد المقابر بعد الفتح الإسلامي في سفح المقطم وتعتبر امتداداً وثيقاً يذكرنا بفكرة أنشاء المصري القديم وبناء المقابر في الجبال ومنها مقابر وادي الملوك والملكات في الأقصر.
أن التراث المصري عبر العصور ممتداً ومتأصل في جينات المصريين وأصبحت جبانة الأمام الشافعي رمزاً ونموذجاً مثل الهرم فهي، وتضم رموز الصالحين ورموز الوطن وقيادتها ومن ضمنها علي بك الكبير وإبراهيم باشا ابن محمد علي باشا الكبير، وتضم مسجد وضريح عبر الصحابي الجليل عقبة بن عامر وقبر عمرو بن العاص وقبر يحيي الشبيه وغيرها مما يمثل القيمة والرمز كالهرم الذي شيد ودفن بجواره الرموز المصرية الوطنية، ومن ضمنها مقبرة سردار الجيش المصري محمد راتب باشا التي تذكرني بوجود مقبرة قائد الجيش حور محب قبل ان يصبح ملكا في سقارة وكذلك تضم جبانة الأمام الشافعي رموز وقيادات ووزراء مثل التي موجودة في جبانات منف مما يجعل هذه البقعة التاريخية مزاراً سياحياً بعد افتتاح متحف الحضارة وأصبح هذا المكان مجمعاً تاريخياً يبدأ من المتحف الذي يضم مومياوات ملوك مصر والذي يعبر عن حضارة مصر القديمة ومنطقة مجمع الأديان مروراً بجبانة الأمام الشافعي التي تستحق أن تكون مزاراً سياحياً محتفظة بجبناتها التي تضم شخصيات آثرت في مجتمعنا الوطني علي مر العصور حتي العصر الحديث.
تتضمن جبانة الأمام الشافعي عدد من المعالم التاريخية والتراثية ومن ضمنها مشهد الطباطبا وينسب هذا المشهد إلى إبراهيم طباطبا حفيد سيدنا علي بن أبي طالب، وقبة رقية دودو بنت الأمير رضوان بك وبنت بدوية شاهين خلال العصر العثماني، كما يوجد قبر الأمام ورش، ورموز مصر التي آثرت في تاريخ مصر الثقافي والعسكري والسياسي والوطني، ومن ضمنهم قبر عائلة وأسرة الفنان صلاح ذو الفقار، وقبر محمد راتب باشا سردار الجيش المصري خلال عصر الخديوي إسماعيل، وكذلك يوجد قبر محمود سامي البارودي وهو شاعر ووزير مصري ولد عام 1838م ، وهو أحد زعماء الثورة العرابية. وتولى منصب وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار لهُ، ولقب برب السيف والقلم، وكذلك يوجد قبر الأمير يوسف كمال وهو حفيد محمد علي باشا الكبير، وهو رحالة و جغرافي مصري وقام بتأسيس مدرسة الفنون الجميلة في عام 1905 وجمعية محبي الفنون الجميلة العام 1924 وشارك في تأسيس الأكاديمية المصرية للفنون بروما، ويوجد قبر عائلة ذو الفقار الذي ينتمي ليوسف ذو الفقار المستشار بمحكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية، وهو ابن على باشا ذو الفقار محافظ العاصمة الأسبق، وحفيد يوسف بك رسمي أحد كبار ضباط الجيش المصري في عهد خديوي مصر إسماعيل باشا، وهو والد الملكة فريدة وحما الملك فاروق، ولقد دفنت الملكة فريدة في هذه المقبرة وتم نقلها بجوار أبنائها في مسجد الرفاعي عام 2022، وكذلك يوجد قبر أسرة سعد زغلول وهو زعيم مصري وقائد ثورة 1919م في مصر وأحد الزعماء المصريين التاريخيين، أحد الذين طالبوا باستقلال مصر، وشغل منصب رئيس وزراء مصر ومنصب رئيس مجلس الأمة ولقد دفن في هذا القبر قبل نقله لضريح بالقرب من بيت الأمة المصري.