إستونيا تعزز الابتكار الدفاعي العالمي عبر تحالفات استراتيجية مع الإمارات والسعودية

في إطار التزامها الراسخ بلعب دور رياديّ في الابتكار الدفاعي، تواصل إستونيا تعزيز حضورها على المستوى العالمي عبر شراكات استراتيجية فاعلة. وتجسيداً لهذا التوجّه، زار معالي هانو بفكور، وزير الدفاع الإستوني، دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شارك في معرض ومؤتمر الدفاع الدولي "آيدكس 2025"، الحدث الأبرز عالمياً في مجال الابتكار والتقنيات الدفاعية والتعاون في هذا المجال الحيوي.
من المتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمار في الشركات الناشئة الأوروبية المتخصصة في التكنولوجيا الدفاعية 1.04 مليار دولار هذا العام، مع تركيز أغلب هذه الاستثمارات على التقنيات ذات الاستخدام المزدوج. بالرغم من ذلك، لا تزال العديد من الصناديق الاستثمارية تواجه قيوداً على تمويل الابتكارات المرتبطة بالأسلحة.
في ظلّ هذا الواقع، تعزز الإمارات العربية المتحدة وإستونيا تعاونهما في تطوير قطاعاتهما الدفاعية، حيث تركز الإمارات على تقنيات الدفاع المتقدمة، بما في ذلك الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والأنظمة الذاتية. وتنسجم المكانة المرموقة التي حققتها الإمارات كمركز عالمي للتكنولوجيا الدفاعية مع النهج الابتكاري الذي تتبناه إستونيا، ما يفتح آفاقاً واعدة للتعاون بين البلدين في هذا المجال.
ابتكار تكنولوجي يقود التميز في قطاع الدفاع
تواصل إستونيا ترسيخ مكانتها كمركز رائد للشركات الناشئة في قطاع الدفاع، مع التركيز على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، والدفاع السيبراني، والأنظمة الذاتية. وفي الوقت نفسه، تعكس الاستثمارات المتزايدة لدولة الإمارات في حلول الدفاع القائمة على الذكاء الاصطناعي، والأنظمة غير المأهولة، والأمن الرقمي، التوافق الاستراتيجي المتنامي بين البلدين.
ويتميز قطاع الدفاع في إستونيا بحلول تكنولوجية متقدمة، تشمل ابتكارات الدفاع السيبراني من Cybers، والروبوتات المتطورة من Milrem Robotics، والأنظمة الذاتية من DefSecIntel، وتقنيات الاستشعار من ELSA Solutions، وحلول الاتصالات المتقدمة من Teleport . وتُعَدُّ هذه الابتكارات ركيزة أساسية لتحقيق التفوق الميداني، وتتيح فرصة لتعزيز جهود الإمارات في تطوير منظومتها الأمنية عبر أحدث التقنيات.
إلى جانب ذلك يحظى هذا القطاع المهم والاستراتيجي بدعم قوي من شركات متخصصة في تطوير القدرات العسكرية عبر حلول مبتكرة. ومن بين هذه الشركات، تستعد 21 شركة لعرض خبراتها في دولة الإمارات، مع التركيز على تقنيات الدفاع المتقدمة، بما في ذلك الأنظمة الذاتية، والابتكارات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والروبوتات المتطورة، والأمن السيبراني، وأحدث أنظمة الاتصالات والمراقبة.
وفي إطار تعزيز الشراكات الاستراتيجية في منطقة الخليج، عقد الوفد الإستوني سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى مع كبار قادة قطاع الدفاع، حيث التقى سعادة حمد المرر، الرئيس التنفيذي لمجموعة إيدج في الإمارات، وزياد المسلم، الرئيس التنفيذي لشركة الإلكترونيات السعودية المتقدمة "SAMI AEC"، ومعالي أحمد عبدالعزيز العوهلي، محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية في المملكة العربية السعودية. وجاءت هذه اللقاءات تأكيداً على التزام إستونيا بتوسيع آفاق التعاون الاستراتيجي مع الجهات الفاعلة في المنطقة.
وخلال حفل افتتاح معرض "آيدكس 2025"، أكد معالي هانو بفكور، وزير الدفاع الإستوني، على قوة العلاقة بين دولة الإمارات العربية وإستونيا والالتزام المشترك بتعزيز التعاون في المجال الدفاعي. وأشار إلى أن قطاع الدفاع في بلاده يرتكز على الابتكار والتطورات التكنولوجية المتقدمة التي تعزز الأمن الوطني، وتسهم في استقرار المنظومة الدولية. كما أوضح أن الشركات الإستونية تواصل تطوير تقنيات نوعية تعيد رسم ملامح القدرات الدفاعية الحديثة، منوّهاً إلى أن التعاون المتنامي مع دولة الإمارات لعب دوراً أساسياً في تسريع وتيرة التقدم الصناعي لمواجهة التحديات الأمنية المتجددة.
تعزيز الأمن السيبراني وتطوير حلول الدفاع الذاتية
تعد إستونيا من الدول الرائدة عالمياً في مجال الأمن السيبراني، إذ تحتل المرتبة الأولى على مستوى الاتحاد الأوروبي وفقاً لمؤشر الأمن السيبراني العالمي. كما تعكس استضافتها لمركز التميز التعاوني للدفاع السيبراني التابع لحلف الناتو مكانتها البارزة في هذا المجال، ما يعزز دورها كمحور رئيسي في تطوير الحلول السيبرانية الدفاعية عالمياً.
وفي السياق ذاته، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة توسيع قدراتها في مجال الدفاع السيبراني من خلال استثمارات استراتيجية تهدف إلى تعزيز أمنها الوطني عبر تطوير بنية تحتية متقدمة في الأمن الرقمي. ومع ميزانية دفاعية بلغت 23.2 مليار دولار في عام 2023، تحتل الإمارات المرتبة الثانية كأكبر مستثمر في القطاع الدفاعي على مستوى الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يصل إجمالي استثماراتها الدفاعية إلى 129 مليار دولار بين عامي 2024 و2028. ويعكس هذا التوجه التزام الدولة بتبني أحدث التقنيات وتعزيز التعاون الاستراتيجي، ما يرسّخ مكانتها كفاعل رئيسي في المنظومة الأمنية الدولية.
وتستعد شركة ميلريم روبوتيكس (Milrem Robotics)، الرائدة عالمياً في تطوير الروبوتات والأنظمة الذاتية، لإطلاق مركبة القتال الروبوتية هافوك (HAVOC) ذات الدفع الثماني (8×8)؛ وهي مركبة قتالية هجينة غير مأهولة تمثل نقلة نوعية في تكتيكات الحرب الحديثة. ويتماشى اهتمام دولة الإمارات بتطوير حلول الدفاع الذاتية مع هذه الابتكارات، مما يعزز فرص التعاون المشترك في هذا المجال.
وفي إطار التحول الرقمي في الأنظمة الدفاعية، كشفت شركة فيغفيسير(Vegvisir) عن محطة القيادة الافتراضية (Virtual Command Station)، وهي حل تقني متطور يوفر بيئة قيادة مدمجة وقابلة للنشر السريع تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي (VR)؛ لاستبدال الشاشات التقليدية الضخمة بأنظمة رقمية أكثر كفاءة وتفاعلية. وتشكل هذه التقنية نقلة نوعية في إدارة الأساطيل وحلول القيادة والسيطرة، وهو مجال يحظى بأهمية استراتيجية لدولة الإمارات.
وفي هذا السياق، أكد رينيه ايهسالو، مدير مجموعة الصناعات الدفاعية والفضائية الإستونية، على الدور المحوري للابتكار في تعزيز الأمن والدفاع، قائلًا: "يواصل القطاع الدفاعي في إستونيا دفع عجلة الابتكار التكنولوجي نحو الأمام، حيث تعكس شراكاتنا مع دولة الإمارات وحلفائنا الدوليين أهمية الحلول الأمنية القائمة على التكنولوجيا في تعزيز المرونة الأمنية ومواجهة التهديدات المتغيرة. إن خبرة إستونيا في الأمن السيبراني والأنظمة الذاتية، إلى جانب استثمارات الإمارات في حلول الدفاع المستقبلية، من شأنها الإسهام في بناء منظومة دفاعية متطورة وقادرة على التكيف مع متطلبات المستقبل."
ملامح التحول في قطاع الدفاع لعام 2025
يشهد قطاع الدفاع العالمي تحولاً استراتيجياً مدفوعاً باتجاهات رئيسية تعيد تشكيل المشهد الأمني. وتلعب الأنظمة الذاتية، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والتقنيات الروبوتية، دوراً محورياً في مستقبل العمليات العسكرية، حيث باتت هذه الحلول المتقدمة عاملاً حاسماً في رسم استراتيجيات الحروب الحديثة. كما تزداد أهمية الحرب الإلكترونية، إذ أصبحت من الركائز الأساسية في أساليب الدفاع والهجوم السيبراني لمواجهة التهديدات المتطورة.
إلى جانب ذلك، تكتسب تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أهمية متزايدة في تطوير الأنظمة الدفاعية، مما يعزز دقة عمليات اتخاذ القرار، ويرفع الكفاءة التشغيلية، ويدعم القدرات التنبؤية. كما بات تعزيز مرونة سلاسل التوريد والتوسع في التعاون الدولي عنصرين أساسيين لضمان قدرة الدول على التكيف مع بيئة أمنية متغيرة وسريعة التطور.
وفي هذا السياق، تواصل إستونيا تعزيز موقعها كرائدة في الابتكار الدفاعي، حيث من المتوقع أن تصل ميزانيتها الدفاعية إلى 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026، مع إمكانية زيادتها مستقبلاً. كما تلعب إستونيا دوراً فاعلاً في دعم حلف شمال الأطلسي (الناتو) والمبادرات الدفاعية الدولية، ما يعكس التزامها بالمساهمة في الأمن العالمي. علاوةً على ذلك، تصدّر البلاد نحو ثلثي إنتاجها الدفاعي للأسواق الدولية، ما يعكس الطلب الكبير على التقنيات المتقدمة لقطاعها الدفاعي.
عموماً، تواصل إستونيا والإمارات العربية المتحدة ريادتهما في تطوير التكنولوجيا الدفاعية، إذ تعزز شراكتهما الاستراتيجية قدراتهما على مواكبة الابتكارات الأمنية المتسارعة. ومن خلال هذا التعاون، يرسّخ البلدان مكانتيهما كلاعبين فاعلين في رسم ملامح المنظومة الأمنية العالمية.
