أنباء اليوم
السبت 22 مارس 2025 08:37 صـ 23 رمضان 1446 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
طاقم تحكيم أجنبي يدير مباراة الزمالك أمام سيراميكا بكأس مصر القوات الروسية تدمر دبابة و19 آلية عسكرية تابعة لأوكرانيا على محور كورسك ترامب ينفي عرض تفاصيل خطط البنتاجون لحرب مع الصين على إيلون ماسك منتخب مصر يتخطي عقبة إثيوبيا بثنائية نظيفة في تصفيات المونديال عاجل.. أمريكا توافق على مقترح مصري لوقف إطلاق النار في غزة محافظ القاهرة: تعويضات بقيمة 500 ألف جنيه لكل وحدة سكنية سيتم إزالتها بشمال الحرفيين وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يزوران دير سانت كاترين رئيس هيئة الدواء يبحث سبل تعزيز الاستثمار الدوائي مع شركتي ”بدائل” و”البترجي” السعوديتين نائب وزير الصحة يجرى زيارة ميدانية لعددٍ من المستشفيات ومنشآت الرعاية الأولية بمحافظة أسيوط وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يبحث مع سفير فرنسا بالقاهرة سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين تشكيلة المنتخب الوطني لمواجهة إثيوبيا في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026 السكة الحديد تجدد مناشدتها للمواطنين بعدم إقامة معابر غير شرعية

مفتي الجمهورية : العقيدة ضرورة أخلاقية والدين روح الأخلاق

د/ نظير محمد عياد مفتي الجمهورية
د/ نظير محمد عياد مفتي الجمهورية

قال فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن العلاقة بين العقيدة والأخلاق علاقة متينة وعميقة، لا يمكن إنكارها أو التقليل من شأنها، بل إن العقيدة تُعد في حقيقتها ضرورة أخلاقية، لأنها ترتكز على الإيمان بالغيب، وهذا الإيمان هو الأساس الذي يُبنى عليه السلوك المستقيم والخُلُق القويم.

وأوضح فضيلته في حديثه الرمضاني اليومي عبر قناتي DMC والناس الفضائيتين أن الإنسان إذا أيقن أنه محاسَب ومجازى على ما يفعل، التزم العدل، وتحرَّى الصدق، ورَدَّ الحقوق إلى أهلها، وسكنت الرحمة قلبه، فسيطرت على جوارحه، وظهرت آثارها في حركاته وسكناته، فتجده نزيهًا، عفيفًا، بعيدًا عن الدناءات، وملتزمًا بمكارم الأخلاق.

أما إذا أنكر الغيب، ورفض التصديق بالعالم الآخر، فإن الأفعال ستكون على خلاف الأقوال، ولا يكون للضمير سلطان عليه، فتراه يساوي بين الحلال والحرام، ويكذب في الحديث، ويفرِّق بين الناس، ويعتدي على الحقوق، ويستهين بالمحرمات، وتسود الخيانة قلبه، ويضيع فيه الحياء، ويصبح عبدًا لشهواته، تفارقه العفة، ويقوده ذلك إلى الانحراف والسقوط الأخلاقي، والانغماس في مساحات مظلمة، تهوي به في دركات الحياة.

وبيّن فضيلة المفتي أن الأخلاق في أصلها قوة داخلية مستقرة في فطرة الإنسان، تستمد مقوماتها من مصدر أعلى، وهو الوحي الإلهي، لتنظيم السلوك الإنساني بما يحقق الغاية من الوجود. ولهذا، كانت عناية الإسلام بالأخلاق عناية متكاملة، إذ ربطها بالعقيدة والشريعة معًا، وجعلها ثمرة صادقة لهما.

كما أكد فضيلته أن الأخلاق ليست تابعة للمنفعة، ولا تنشأ عن مصلحة شخصية، بل هي منظومة ثابتة لا تتغير، لأنها نابعة من أوامر الله ونواهيه، ولذلك كان اهتمام الإسلام بها اهتمامًا بالغًا، لأنها التطبيق العملي للإيمان، وانعكاس حقيقي للعقيدة في حياة المسلم.

وأشار فضيلته إلى أن الإسلام حفظ مكارم الأخلاق في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لتكون منهاج حياة متكاملاً للفرد والمجتمع، قوامه العقيدة والشريعة والأخلاق، من غير فصل أو انفصال بينها.

وتابع قائلًا: "دعوة الأنبياء جميعًا، من لدن آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كانت قائمة على الإيمان بالعقيدة، والعمل بالشريعة، وتحقيق الأخلاق، لأن صلاح المجتمعات لا يكون إلا بها. أما إذا فُصلت الأخلاق عن العقيدة، فإنه يترتب على ذلك انهيار في الدين، وضياع للقيم، وفساد في السلوك، لأن من أنكر الدين أنكر قيمه وأخلاقه، فتصبح الأخلاق بلا أساس، وتُفرغ من مضمونها".

وأضاف فضيلته أن الدين وحي من الله تعالى، بيّن فيه أصول العلم والمعرفة، ومبادئ الخير، التي حملها الأنبياء، وهو مصدر الأخلاق وروحها. فالأخلاق ليست مجرد أسلوب سلوكي، بل هي جوهر الدين، وهي النظام الذي يضبط النفس، ويهذب الغرائز، ويمنع الإنسان من الانحدار إلى الحيوانية، مصداقًا لقوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7–10].

وأكد مفتي الجمهورية أن الشهوة نار لا تنطفئ إلا بالإيمان الحقيقي، فالإيمان بإله خالق عليم بما في النفوس، عادل يجازي الخير ويعاقب الشر، هو الحاجز الحقيقي الذي يكبح جماح النفس، ويمنعها من الطغيان، وهو الذي يجعل الإنسان يقف عند حدود الحق، فيستريح هو، ويسلم المجتمع من أذاه، وتطمئن النفس.

وأوضح أن العقيدة الصحيحة هي التي تُنشئ الهيبة والوقار داخل النفس، وهي التي تُصلح الاجتماع الإنساني. فلا توجد مدينة أو حضارة على وجه الأرض عبر التاريخ استطاعت أن تحقق حياة آمنة مستقرة ما لم تتزيّن بالأخلاق وتُؤسس على القيم.

وشدد مفتي الجمهورية على أن الدين هو الذي يقضي على السلوكيات المنحرفة، ويُهذب النفس، ويضبط الأفعال، لأن الدين الحق هو مصدر الأخلاق القويمة، والعقيدة الراسخة هي التي تدعو إلى حُسن الخلق وتؤصل له.

وقال: "إذا فُقدت العلاقة بين العقيدة والأخلاق، أصبح المجتمع بلا ضمير، وصارت الأخلاق بلا دين، وهذا ما أدى إلى كوارث اجتماعية في بعض الدول، كما حدث في بريطانيا حين وقف القضاء محتارًا أمام قضايا أخلاقية لا يمكن ضبطها دون مرجعية دينية. فأخلاق بلا دين، عَمى. وما أحوجنا إلى ترميم هذه العلاقة في واقعنا، والرجوع إليها بفهم عميق".

وختم فضيلته حديثه بالقول: "إن الأخلاق ضرورة بشرية، لا تستقيم الحياة بدونها، لأنها الحصن الذي يمنع الإنسان من الانزلاق، ويمنحه الطمأنينة، ويحقق الراحة للنفس، والسلامة للمجتمع. ولا يمكن أن تستقيم الأخلاق إلا إذا بُنيت على عقيدة سليمة. فالدين هو الروح، والأخلاق هي الجسد، ولا غنى لأحدهما عن الآخر".