أنباء اليوم
 أنباء اليوم

هل يخبرنا الفلك عن مستقبلنا أم الكون عن أسراره ؟ ما بين علم الفلك والتنجيم

إلهام كرم
-

بقلم - إلهام كرم

منذ العصور القديمة والسماء بجمالها وأسرارها مصدر لاهتمام البشر وجذب أنظارهم. من النجوم اللامعة إلى الكواكب التي تدور في مداراتها، حاول البشر فهم الكون المحيط بهم بطرق متعددة. ومن بين هذه الطرق، يبرز علم الفلك والتنجيم كأكثر المحاولات شهرة لفهم ما يحدث في السماء. ورغم أن الاسمين قد يبدوان للبعض وجهين لعملة واحدة، إلا أنهما يمثلان عالمين مختلفين تماماً في الطريقة والهدف، لكل منهما منهجه وأثره في حياتنا.

علم الفلك هو أحد فروع العلوم الطبيعية، يهدف إلى دراسة الأجرام السماوية مثل الكواكب والنجوم والمجرات. يستخدم علماء الفلك أدوات وتقنيات متقدمة مثل التلسكوبات والأقمار الصناعية لمراقبة السماء وجمع البيانات. كما يستخدم الفلكيون علوم الرياضات والفيزياء والكيمياء والبيولوجي والإحصاء وغيرها لمحاولة تفسير الظواهر الفلكية المختلفة. فعلماء الفلك يقومون بدراسة حركة الأجرام السماوية، وتحليل الضوء الذي يصل إلى الأرض من النجوم والكواكب البعيدة. هذه الدراسات تساعد في فهم كيف تولد النجوم، وكيف تتحرك الأجرام السماوية، وكيف يتغير الكون مع مرور الزمن. علم الفلك ليس مجرد دراسة للسماء من بعيد، بل له تأثير مباشر على حياتنا اليومية. فعلى سبيل المثال، الأقمار الصناعية التي تساعدنا في التواصل، التنبؤ بالطقس، تحديد المواقع عبر GPS، كلها تعتمد على فهمنا لحركة الأجرام السماوية. هذه التقنيات، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ما كانت لتوجد لولا الفهم العميق لحركة الأجرام السماوية وقوانين الفيزياء التي تحكمها. وفي الماضي ايضا، كانت الخرائط الفلكية هي البوصلة التي تستخدم لمساعدة البحارة في رحلاتهم الطويلة.

إن علم الفلك هو رحلة عقلانية في الكون يسعى لكشف أسرار الكون من خلال الملاحظة الدقيقة، والتجربة، والحسابات الرياضية المعقدة. علماء الفلك هم بمثابة المحققين الكونيين، يستخدمون التلسكوبات الأرضية والفضائية والأقمار الصناعية لدراسة الأجرام السماوية؛ من الكواكب والنجوم وصولاً إلى المجرات البعيدة. هدفهم فهم تكوين هذه الأجرام، وحركتها، وتطورها عبر مليارات السنين.

على الجانب الآخر، يعتمد التنجيم على قراءة في خرائط السماء بحثاً عن إجابات شخصية كاعتقاد قديم يربط بين مواقع وحركات الأجرام السماوية وبين شخصياتنا وأحداث حياتنا. يعتمد المنجمون على تفسير مواقع الكواكب والأبراج الفلكية عند ولادة الشخص، ليقدموا رؤى حول صفاته وميوله وحتى مستقبله المحتمل. ورغم أن البعض يحب التنجيم ويؤمن به، إلا أنه لا يعتمد على أسس علمية كما في علم الفلك. فالتنبؤات التي يقدمها المنجمون غالبًا ما تكون عامة للغاية فعلى سبيل المثال، إذا وُلِدت عندما كان كوكب المريخ في برج الأسد، قد يُقال لك أنك شخص نشط وقوي. ولا يمكن التحقق منها علميًا. ولا يوجد دليل على أن مواقع الكواكب تؤثر فعلاً على حياتنا بشكل مباشر. فلنفكر في الأمر هل ممكن الكواكب تتحكم في حياتنا؟

فعجبا أذا صدقنا هذا.

التنجيم لا يعتمد على الدليل العلمي، ولهذا يُعتبر في معظم الأحيان مجرد معتقدات أو خرافات. وليس علما على عكس علم الفلك، التنجيم لا يعتمد على أدوات دقيقة أو حسابات رياضية، لذا يصعب التحقق منه أو إثبات صحته.

الفرق بين علم الفلك والتنجيم واضح جدا وذلك يكمن في تأثيركل منهما على حياتنا. علم الفلك يقدم لنا تقنيات مفيدة مثل الأقمار الصناعية والتنبؤات الجوية، التي غيرت حياتنا بشكل كبير. أما التنجيم، فيؤثر أكثر على المستوى النفسي والاجتماعي؛ حيث يستخدمه البعض للراحة أو اتخاذ قرارات حياتية، لكنه لا يعتمد على أدلة علمية قوية.

من المهم أن نميز بين علم الفلك، الذي يركز على الفهم العلمي للكون، والتنجيم الذي يعتمد على المعتقدات والتفسيرات الرمزية. كلاهما يثير الفضول حول السماء، لكنهما يقدمان إجابات مختلفة تمامًا. علم الفلك يشجعنا على التفكير النقدي والاستكشاف، بينما التنجيم يقدم تفسيرات قد تكون غير دقيقة أو قابلة للتحقق.

في النهاية، لكل شخص الحق في اختيار ما يعتقد به، ولكن من المهم أن نعرف الفرق بين المعرفة القائمة على الأدلة والحقائق، وبين المعتقدات التي تعتمد على التفسيرات والتقاليد.

الكون مازال مليء بالأسرار التي تنتظر العلم والكشف عنها عبر البحث والفهم المنطقي، لا من خلال التنبؤات أو التخمينات.