أنباء اليوم
 أنباء اليوم

التعليم تحت القصف: غزة تقاوم محو المستقبل

التعليم في غزة
آية سرور -

كتبت - دانة حبوب

في كل صباح تغادر “فرح” بيتها المهدوم جزئياً، تتسلل عبر أنقاض الشوارع، حاملة دفاتر مهترئة، إلى خيمة حولتها منظّمة إغاثية إلى صف دراسي. هذا هو “المدرسة” الآن في غزة.

منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، لم تعد المدارس في غزة أماكن للتعليم. صارت أهدافًا عسكرية. صار الطفل كتابًا في مرمى النار.

قطاع التعليم في غزة على حافة الانهيار الكامل. الأرقام لا تترك مساحة للتأويل:

• أكثر من 11,000 طالب وطالبة قُتلوا أو أصيبوا.

• مقتل 416 من الكوادر التعليمية، بينهم معلمون ومديرون وموظفون.

• تدمير أكثر من 562 مدرسة حكومية بشكل كلي، وأضرار جسيمة لحقت بـ 126 مدرسة حكومية و65 مدرسة تابعة للأونروا.

• تحويل 215 مبنى تعليميًا إلى مراكز إيواء، محرومة من أي مقومات تعليمية.

مدارس بلا جدران، طلاب بلا كتب، معلمون بلا منابر

في غزة اليوم، لا توجد بنية تعليمية. لا كهرباء، لا إنترنت، لا حواسيب، لا مكاتب. تجمّع الطلبة يتم أحيانًا تحت أشجار الزيتون، أو بين أعمدة الإسمنت التي نجت من القصف.

منصة التعليم الإلكتروني التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم تعطلت أكثر من مرة. فكيف يمكن لطفل مشرد بلا كهرباء أو جهاز ذكي أن يتلقى تعليمه؟

الطفولة تحت القصف: كلفة نفسية باهظة

ليست الحرب فقط على الجسد، بل على العقل أيضاً. عشرات الآلاف من الأطفال يعانون من:

• أعراض ما بعد الصدمة

• اضطرابات النوم

• صعوبة التركيز

• فقدان الدافعية للتعلم

• كوابيس متكررة عن الطائرات والغارات

الاحتلال يستهدف الوعي

ليست هذه أول حرب، لكنها الأعنف ضد التعليم. إسرائيل تدرك أن المدرسة ليست فقط مكانًا للتلقين، بل مصنع وعي، ومولد مقاومة. لذلك، المدارس تُقصف. المعلمون يُقتلون. المناهج تُمنع. ومراكز الطباعة تُدمر.

جهود خجولة لإعادة النبض

رغم كل شيء، تحاول الأونروا والمنظمات الأممية ترميم ما تبقى:

• إنشاء “صفوف خيام” في بعض مناطق الجنوب

• توزيع مواد دعم نفسي واجتماعي

• تدريب معلمين على التعامل مع الأطفال في الأزمات

• إرسال دفعات كتب جديدة، وإنشاء مكتبات صغيرة داخل أماكن الإيواء

لكن، هل يُبنى تعليم على ركام؟ وهل يُكتب الدرس والرصاص لا يزال في الهواء؟

غزة تعلّم العالم درسًا

وسط الدمار، يصرّ الفلسطيني على رفع كتابه كما يرفع رايته. الطفلة التي فقدت أمها وأختها، تحفظ جدول الضرب تحت القصف. المعلم الجريح يدرّس على عكاز. الأم النازحة تكتب الأبجدية على الرمل.

التعليم في غزة اليوم ليس حقًا.. إنه مقاومة.