كتب _الدكتور . سعيد فتوح النجار دكتوراه في الحقوق- جامعة المنوفية
استحوذت حقوق المرأة الإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية على اهتمام المجتمع الدولي خلال العقد الماضي بشكل متزايد؛ وذلك أن زيادة الإعتراف بالمساهمة الرئيسية التي تقدمها المرأة في الإقتصاد العالمي من خلال جهودها الإنتاجية والإنجابية، وكذلك الإعتراف باستمرار تهميشها على المستوى الإجتماعي، من خلال التوجهات الجديدة في الحياة الإجتماعية والثقافية، والتي تسعي إلى تحديد نفاذ المرأة إلى الحياة العامة؛ أدت جميعاً إلى وضع حقوق المرأة الإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية في بؤرة الإهتمام, فبعد أن كان يُنظر إلى تلك الموضوعات على أنها مسائل هامشية في محيط اهتمامات حقوق الإنسان أصبح حضور كل حقوق المرأة (المدنية، والسياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية) أكثر وضوحاً – الإعتراف بأن تحقق كل حقوق الإنسان بالنسبة للمرأة لن يتأتى إلا بالوفاء بكل حقوقها الإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية. وتبدو حقوق المرأة مستظلة بمعايير حقوق الإنسان الدولية التي تظل وتحمي حق المرأة في المساواة، وكذلك حقوقها الإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية، وقد أرستها اتفاقيات حقوق الإنسان ،ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية, هذا فضلا عن أن تقارير مختلف المقررين الخاصين لمجلس حقوق الإنسان، مثل المقرر الخاص المعني بتحقيق الحق في المسكن اللائق، والمقرر الخاص للصحة، تساعد جميعاً في إرساء معايير جديدة في هذا الميدان, ولكن تظل الهيئتان الرائدات في عملية إرساء المعايير في مجال حقوق المرأة الإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية هما: لجنة الأمم المتحدة المعنية باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. ويشكل التمييز ضد المرأة انتهاكاً لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدهما السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، ويعوق رخاء المجتمع والأسرة، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها والبشرية. وفيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، أشارت لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) إلى أن: (العنف القائم على أساس نوع الجنس هو شكل من أشكال التمييز يكبح قدرة المرأة على التمتع بحقوقها وحرياتها على أساس المساواة مع الرجل)، كما أشارت تحديداً إلى تضرر حقوق المرأة في الحصول على أعلى المعايير الممكنة من الصحة الجسدية والعقلية والظروف العادلة والمناسبة في العمل. ولا يمكن إنكار وجود إرتباط بين العنف ضد المرأة وحقوقها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، حيث أن الفقر والبطالة يزيدان من فرص الإنحراف, وأنه يمكن أن تحدث إساءة بالغة تمس المساواة في العمل عندما تتعرض المرأة للعنف لكونها امرأة، مثل المضايقة الجنسية في مكان العمل. وللمرأة الحق في حيازة الممتلكات وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها, فللمرأة الحق في التمتع بالاستقلال المالي, وفي كثير من البلدان سيكون لهذا الحق أهمية حاسمة فيما يتعلق بقدرة المرأة على كسب عيشها وعلى توفير سكن ملائم وتغذية كافية لنفسها ولأسرتها. وقد حدد "العهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية" الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الفعلية، بما فيها الحق في مستوى معيشة مناسب، والحق في المسكن، والحق في العمل، والحق في الغذاء، والحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، والحق في الرعاية الإجتماعية، والحق في الأمان في حالة البطالة، والحق في التعليم، واعترف "بالحقوق المتساوية للرجل والمرأة في التمتع بكل الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية." كذلك حظر العهد أي تمييز قائم على النوع الإجتماعي (الجنس). ويجب وضع نظام حماية شامل لمكافحة التمييز الجنسي (على أساس النوع الاجتماعي), وضمان تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة بين الرجل والمرأة من حيث الحق في العمل، وذلك بضمان أجر متساوي مقابل العمل المتساوي, وبصفة خاصة، يجب ألا يشكل الحمل عائقاً أمام التوظيف كما يجب ألا يشكل تبريراً لفقدان العمل وبالأخص العمل في القطاع الخاص. ويتعين توسيع مظلة التأمين الإجتماعي للمرأة وبالأخص المرأة المعيلة؛ لما قد تلاقيه من صعوبات حياتية لها ولأولادها.