قصص واقعية حدثت عبر شبكات التواصل "محمود" يرفض مساومة «الشات الإباحي» مقابل كروت الشحن «أم نور»: شخص «مرموق» نصب على «ابني» في 70 دولارًا.. وذهب ولم يعد «محمود»: نجوت من شبكة نصب على «فيسبوك» باسم وهمي لبنك دولي كبير «أيمن» يفلت من فخ عصابة نصب دولية بـ«طرد المليون»
خبير قانوني: جريمة النت «جنحة مكتملة».. والعقوبة حبس 3 سنوات وغرامة أستاذ إعلام: التحول الإلكتروني يحتاج آليات وضوابط تحمي المستخدمين «القانون لا يحمي المُغفلين».. عبارة تنطبق على عمليات النصب عبر الإنترنت في ظل التطور التكنولوجي الذي نعيشه بالعالم العربي وتطور المعاملات المالية والتي انتشرت خلال السنوات الأخيرة، حيث بدأ المحتالون في نصب شباكهم لإسقاط ضحاياهم بطرق أكثر ذكاء وحذرًا لا يمكن تعقبهم أو الوصول إليهم من خلالها، كما يعتمدون على أطماع الضحايا بعروض وخصومات وهمية حتى يقوم بتحويل مبالغ مالية «بمحض إرادتهم» عن طريق كروت شحن أو البريد الإلكتروني أو حتى البوليصة التأمينية، وذلك بعد إقناع الضحية إقناعا كاملاً بمخطط الثراء، وبعد كل هذا يهرب المحتالون من العدالة بطرق سهلة، وفي لمح البصر تتبخر أموال الضحايا.
روايات.. النصب الإلكتروني نستعرض هنا روايات لبعض ضحايا النصب والاحتيال الإلكتروني، لتسليط الضوء على تلك الظاهرة، في محاولة لوقفها، وتحذير الضحايا الجدد من تلك الألاعيب الوهمية.
أسماء.. وطالب الهندسة الرواية الأولى، كانت لأسماء أو «أم نور»، فبدأت حديثها قائلة: «ابني خريج هندسة اتصالات، وكان يطمح في وظيفة حكومية تؤمن له الرزق، مع العلم أنه كان يعمل وهو طالب لأربع سنوات لتوفير احتياجاته الخاصة، وبالصدفة تعرف على شخص وعده بوظيفة مرموقة».
وأضافت: «هذا الشخص بدأ يتحدث مع ابني يوميًا على الإنترنت، ويدفعه ويشد من أزره، وأنه يعتبره مثل ابنه لأنه محروم من الذرية، وأنه يتوسم فيه الخير لأن ابني عصامي وليس له اهتمامات سوى العمل وتكوين ذاته، وبالتالي أخذ منه مبلغ 70 دولارًا واختفى.. وهذا الشخص بموقع مسؤولية ويعمل في وظيفة مرموقة». وتابعت: «طبعًا اكتشفنا تعرضنا للنصب، وحاولنا بكل السبل استعادة تلك الأموال دون جدوى، ولجأنا إلى تحرير محضر بالشرطة ومباحث الإنترنت، ومازالت الإجراءات سارية للوصول إلى هذا الشخص حتى لا يفلت من العقاب».
الصيد.. وسرقة الهويات أما الرواية الثانية، فهي للشاب محمود رضا، حيث أكد أن أحد الأشخاص، أرسل له إيميلاً باسم أجنبي، يطلب منه في هذه الرسالة الدخول على الرابط الموجود في الرسالة، لتعديل بياناته، إلا أنه اكتشف أنه «هاكر» لجمع البيانات، يديرها «نصاب» يقوم بجمع بيانات دخولك لـ«فيسبوك» أو «الإيميل» أو «البنك»، ثم يستخدم هذه البيانات إما ببيعها أو بالسرقة عن طريقها، كأن يرسل لكل جهات الاتصال الخاصة بك رسالة يطلب منهم على لسانك إرسال نقود لأنك في بريطانيا وليس معك ما يكفي من الأموال للعودة.
وتابع: «الحل يكون بعدم فتح الروابط المرسلة بالإيميل، والأفضل التأكد من أنك تدخل على رابط الموقع بشكل صحيح، حتى لا تتعرض لسرقة معلوماتك والمتاجرة بها». وأوضح أنه تعرض أيضا لتجربة شبيهة، حيث طلبت منه أحد الحسابات باسم فتاة، إرسال كروت شحن مقابل التحدث معه، و«شات جنسي»، إلا أنه رفض تلك المساومة الرخيصة، وقرر حذف هذا الحساب نهائيًا.
كريم.. والمافيا الدولية بينما روى «كريم» قصته قائلًا: «حد طلب مني فلوس، وقالي هايبعت 20 مليونًا دفعات على حسابي، وبعدين أنا هابعتهم على حساب حد تاني مقابل أني آخذ 5 ملايين». وأضاف: «سألت محامي قال لي دي عمليات غسيل أموال ومافيا، وابعد عشان بمجرد ما هايتبعت على حسابك مبلغ زي دا، هتتحط تحت المراقبة».
وتابع: «أول ما رديت عليه وقلت له كده مخالف للقانون في بلدي وممكن اتحبس، الأكونت اتقفل، حتى الكلام اللي كان بعته ليا، اتحذف معرفش إزاي!».
أيمن.. وطرد المليون ورد عليه «أيمن» قائلًا: «حصل معايا وكان واحد عايز يحول كم مليون وأنا استلمهم بنفسي عن طريق طرد يعني شنطة مغلقة بالبريد، وظللت أجاريه إلى أن أرسل لي صورة الطرود، وهي عبارة عن ملايين الدولارات وأخرتها قال لي هتدفع مبلغ 250 دولارًا علشان شركة الشحن تحول الطرود باسمك، وتستلمهم بنفسك، وبعت لي رقم واحد بدأ يتواصل معايا من شركة شحن دولية، وعايزين بيانات كاملة ورقم هاتف والعنوان بالتفصيل، فرفضت دفع المبلغ، ومن بعدها لم يعد يتواصل معي». وتابع: «هذه عصابات نصب دولية فليحذر الجميع من التواصل مع أي شخص غير معروف».
العقوبة القانونية.. جريمة نصب كاملة «القانون لا يحمي المغفلين».. بهذه المقولة بدأ الدكتور أحمد بن الحاج، أستاذ القانون العام، ومدير المركز التونسي للدراسات السياسية والقانونية، حديثه عن الظاهرة، مؤكدًا أن للنصب صور متعددة، ومع استخدام الإنترنت أصبحت أحد صور النصب، من خلال إعلانات وخدمات وهمية، لإرسال مبالغ للحصول على أموال دون وجه حق. وأضاف «بن الحاج» في تصريحات خاصة ، أن أمثلة الإعلانات لبيع شقق وأراضي، واتضح أنها أراضٍ مسروقة ووضع يد وشقق، وأدوية علاج كل الآلام، وفي النهاية يتم اكتشاف أنها مكملات غذائية، وجميعها صفحات وهمية غير معروف أصحابها.
وتابع: "هذه الجرائم ضمن لائحة جرائم الإنترنت، وتعتبر جريمة نصب كاملة، إذا تم إيقاع المجني عليه بالخطأ، وتصل إلى جنحة عقوبتها الحبس الذي لا يزيد عن 3 سنوات مع تغريم الجاني في حالة ضبطه".
الإعلام.. والرقابة الذاتية أما د. صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة تونس فقال إن استخدامات الإنترنت أو كل ما يرتبط به يحتاج ضوابط تحكم الأداء الاتصالي والإلكتروني، التي وصفها بـ«غير المضمونة»، مضيفًا: «علينا دعم شرعية هذه الأدوات حتى يمكن الاستفادة كمواطنين ودولة من هذا التطور، وهذا يساعد في البيع والشراء الإلكتروني، والترابط بين المؤسسات وجمهورها، وجعل التعاملات المادية أكثر انتشارًا وسرعة».
وأضاف «العالم» أن العمليات التي تحكم السحب والإيداع الإلكتروني ودفع الفواتير، يتخللها مشكلات، فتقل مصداقيتها، وهذا الأمر يحتاج متابعة لأنها تتخللها عمليات نصب، لافتا إلى أن «السوشيال ميديا» تلعب دورًا قويًا في عمليات النصب الإلكتروني. وأشار إلى أن الإنترنت لا غنى عنه، وللأسف نحتاج إجادة اختيار مصدر المعلومة والشراء، مع متابعة غير مباشرة، وتجريم العقوبة مع وضع قوانين وعقوبات رادعة لهذه العمليات، مشددًا على أن التحول الإلكتروني يحتاج آليات وضوابط وآليات المتابعة والرقابة الذاتية لتأمين العمل على الإنترنت.