نهاية عصر عوائد الديون الأوروبية السلبية
أصبحت العوائد السلبية مهددة بالانقراض، حتى في أوروبا التي ظلت لفترة طويلة مركزاً للسندات التي يجب على المستثمر أن يدفع حتى يحتفظ بها.
تحولت مجموعة من العوائد في مختلف أرجاء المنطقة إلى موجبة خلال الأسبوع الماضي، مع تزايد رهان المتعاملين على تشديد البنك المركزي الأوروبي سياسته النقدية لمواجهة تضخم ارتفع إلى مستوى قياسي.
فى هذا السياق يذكر بأن أسواق النقد حالياً تتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة على الودائع بمقدار 50 نقطة أساس في 2022، ليعود بها إلى مستوى صفر بالمئة لأول مرة منذ ما يقرب من ثمانية أعوام.
يذكر بأن ذلك دفع الأوراق المالية قصيرة الأجل الحساسة لسياسة البنك المركزي الأوروبي إلى مزيد من الهبوط، مما دفع أسعار العائد على السندات لأجل 5 سنوات في ألمانيا وهولندا وسويسرا بنسبة كبيرة فوق مستوى الصفر يوم الجمعة الماضي لأول مرة منذ سنوات.
وتشكل سندات أوروبا نحو نصف إجمالي معروض العالم من الأوراق المالية ذات العائد السلبي، وقد أصبحت الآن في أدنى مستوى لها منذ عام 2019 وتبدو مهيأة لمواصلة الانخفاض.
فى هذا السياق قال أنطوان بوفيه، محلل أول أسعار الفائدة لدى شركة "آي إن جي غروب": "ستتحول عوائد سندات ألمانيا لأجل عامين قريباً إلى موجبة. إنه قطار منطلق ومحطته التالية هي صفر بالمئة، في إشارة إلى أن عصر الديون ذات العوائد السلبية يقترب من خط النهاية".
وستكون العوائد الموجبة بمثابة تعويض لهؤلاء المستثمرين الذين اضطروا في الأعوام الأخيرة إلى تحمل زيادة في المخاطر سعياً وراء تحقيق عائد، من الأسواق الناشئة إلى الديون عالية المخاطر.
لا يسمح لبعض مديري المحافظ، بما في ذلك البنوك المركزية، إلا بشراء الأوراق المالية ذات العوائد الموجبة.
وقدإنخفضت قيمة الديون ذات العوائد السلبية بما يقرب من الثلث، يوم الخميس فقط، بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي، وهي أكبر نسبة انخفاض يومية في تاريخها
وتجدر هنا الإشارة إلى أنه حالياً، تبلغ قيمة هذه الديون مجرد نسبة صغيرة من قمتها التي تجاوزت 8 تريليونات يورو (9.5 تريليون دولار) أثناء تفشي جائحة كورونا.
فيماتحولت عوائد السندات لأجل خمسة أعوام في جميع الاقتصادات الكبرى في أوروبا إلى عوائد موجبة خلال تحركات السوق الأسبوع الماضي. وستليها عوائد السندات لأجل 3 سنوات، مع بقاء عوائد سندات دول مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا فقط في منطقة سلبية.
تختفي العوائد السلبية بشكل أسرع في سوق ديون الشركات. ويكشف مؤشر "بلومبرغ" الذي يتتبع السندات الأوروبية من الدرجة الاستثمارية أن نحو 5% فقط منها تعطي عائداً يقل عن الصفر، مقارنة مع ما يزيد على 50% منذ ستة أشهر فقط.
يتجه متوسط العائد على المؤشر نحو 1% لأول مرة منذ منتصف 2020. وفي حين أن حركة المؤشر تضغط أكثر على إجمالي العوائد، التي مازالت سلبية هذا العام، قد يساعد ارتفاع العائد على جذب مشترين جدد.
وفي إشارة إلى قطاعات تجارة التجزئة والتكنولوجيا والسيارات، كتب استراتيجيو "بنك أوف أميركا" بقيادة بارنابي مارتين في مذكرة: "في ذروة تداول الديون ذات العوائد السلبية في العام الماضي، لم يكن الاستثمار ممكناً في بعض القطاعات ذات الدرجة الاستثمارية لأنها كانت تطرح سندات بعوائد سلبية أكثر مما تطرح من سندات بعوائد إيجابية. وبالتالي، ربما سيعود الطلب إلى سندات هذه القطاعات مع اختفاء العوائد السلبية".
جدير بالذكر أن الأسبوع القادم سيشهد قائمة كبيرة من خطابات البنوك المركزية سيبحث فيها المستثمرون عن إرشادات إلى المستقبل، ومن بينها حديث لرئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، بالإضافة إلى كلاس نوت و فرانسوا فيليروي.
حيث سيركز المستثمرون أيضاً على تعليق حاكم بنك إنجلترا أندرو بيلي، وكبير الاقتصاديين هيو بيل بحثاً عن أي علامات تتعلق بوتيرة تقشف السياسة النقدية.
كما ينتظر أن يبلغ إجمالي مبيعات السندات من ألمانيا وإيطاليا والبرتغال نحو 11 مليار يورو، وفق تقديرات بنك "كوميرزبناك" (Commerzbank)، وأن يبيع الاتحاد الأوروبي ديوناً من خلال البنوك الأسبوع القادم، بحسب "بنك دانسكي" (Danske Bank) الذي يتوقع أن تزيد آجال الاستحقاق عن 25 عاماً لجمع نحو 8 مليارات يورو. كما يتوقع أن تطرح المملكة المتحدة من خلال ضامني الاكتتاب سندات جديدة لأجل 50 عاما.
معظم الأرقام الاقتصادية في منطقة اليورو وألمانيا من المستوى الثاني وتتعلق بفترات مضت، بينما تنشر المملكة المتحدة أرقام النمو الاقتصادي عن الربع الأخير من العام