عماد أبو اليزيد يكتب : من أين يأتي الولد الصالح ؟
الحمد لله الذى ملأ قلوب عباده بالتقوى والايمان وجعل أسرارهم فى مكنون صدورهم لا يطلع عليها سواه والزمهم بعبادته وطاعته ورزقهم من فضله . نشهد أنك اللهم واحدا لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك ... وبعد
فإنه لا مخرجَ لنا منما نحن فيه إلا بالعودةِ إلى الله والى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم – قولاً وعملاً وتطبيقًا، وتحكيم الكتاب والسنة في كل أمورنا صغيرها وكبيرها ، ثم تنشئة أولادِنا على ذلك، وغرس حب الله والرسول في قلوبهم منذ الصغر ، والتضحية من أجل هذا الدين، والعمل لرفعة هذا الدين، وبذل كل غالي ونفيس في سبيل إعلاء هذا الدين وقتها سيعود جيل خالد بن الوليد، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن أبي وقاص، وقتها سيسود المسلمون العالَم كما ساده أجدادهم من قبل.
قال تعالى " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم "
وأساس الصلاح والتغيير هو الولد الصالح ونسأل أنفسنا من أين يأتي هذا الولد الصالح..؟ فهيا بنا لنعرف سوياً من أين يأتي .
الولد الصالح هو خير كنزٍ يتركه المسلم من بعده، فهو نافع لأبويه في حياتهما وبعد موتهما، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وقال تعالي " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ "
فعلى المسلم أن يأخذ بالأسباب لنَيْل الولد الصالح، وهذه الأسباب نجملها فيما يأتي :
أولاً : إختيار الأم
على المسلم أن يختار لأبنائه الأمَّ المسلمة التي تعرفُ حق ربها، وحق زوجها، وحق ولدها، والأم التي تعرف رسالتها في الحياة، الأم التي تعرف موقعها في هذه المحن، الأم التي تغار على دينها، وعلى سنة نبيها - صلى الله عليه وسلم - وذلك لأن الأم هي المصنع الذي سيصنع فيه أبناؤك، وهي المدرسة التي سيتخرَّجون فيها؛ فإن كانت صالحة أرضعتْهم الصلاح والتقوى، وإن كانت غير ذلك فكذلك
ثانياً : الدعاء
على المسلم أن يدعو الله أن يرزقه الولد الصالح الذي ينفعه في حياته وبعد مماته .
قال تعالى " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا "
ثالثاً : أذكار البناء
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا تزوَّج أحدُكم امرأةً، أو اشترى خادمًا، فليقل: اللهم إني أسألُك خيرَها، وخيرَ ما جبلتَها عليه، وأعوذ بك من شرِّها وشر ما جبلتَها عليه، وإذا اشترى بعيرًا، فليأخذ بذروة سنامه، وليقلْ مثل ذلك "
رابعاً : أذكار الجماع
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال " لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله اللهم جنِّبنا الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضرَّه الشيطان أبدًا "
خامساً : التأذين في أذن المولود
لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم فقد قال أبو رافع رضي الله عنه " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أذَّن في أُذنِ الحسن بن علي حين ولدتْه فاطمة رضي الله عنها بالصلاة "
سادساً : تحنيك المولود
يستحب تحنيك المولود عقب الولادة اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن ما التحنيك؟ وما الحكمة من ذلك؟
التحنيك معناه: مضغ التمرة، ودلك حنك المولود بها، وذلك بوضع جزء من الممضوغ على الإصبع، وإدخال الإصبع في فم المولود، ثم تحريكه يمينًا وشمالاً بحركة لطيفة، حتى يتبلغ الفم كله بالمادة الممضوغة، وإن لم يتيسر التمر، فليكن التحنيك بأية مادة حلوة .
والحكمة في ذلك تقوية عضلات الفم بحركة اللسان مع الحنك مع الفكين بالتلميظ، حتى يتهيأ المولود للَقْم الثدي وامتصاص اللبن بشكل قوي وحالة طبيعية ومن الأفضل أن يقوم بعملية التحنيك مَن يتصف بالتقوى والصلاح
عن أبي موسى رضي الله عنه قال : وُلِد لي غلامٌ فأتيتُ به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمَّاه إبراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة، ودفعه إليَّ "
سابعاً : إختيار الاسم الحسن
على المسلم أن ينتقي من الأسماء أحسنها وأجملها تنفيذًا لما أرشد إليه وحضَّ عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنكم تُدْعَون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسمائكم "
ثامناً : التربية الإسلامية المتكاملة
على الآباء والأمهات أن يعلموا أن أمر التربية ليس بالأمر اليسير، وإنما هو المحرِّك الأساسي لسلوك الولد فيما بعد؛ ولذا كان يجب على المربِّين - سواء كانوا آباء، أو أمهات، أو معلمين - أن يهتموا بأمر التربية ويتقنوا أصولها، ولقد كان المسلمون الأوائل ينتقون لأولادِهم أفضلَ المؤدِّبين علمًا، وأحسنهم خلقًا، وأميزهم أسلوبًا وطريقة
وخلاصة القول:
إن مسؤولية التربية الإيمانية لدى المربِّين والآباء والأمهات لهي مسؤولية هامة وخطيرة، لكونها منبع الفضائل، ومبعث الكمالات، بل هي الركيزة الأساسية لدخول الولد في طريق الإيمان، وبدون هذه التربية لا ينهض الولد بمسؤولية، ولا يتصف بأمانة، ولا يعرف غاية، ولا يتحقق بمعنى الإنسانية الفاضلة، ولا يعمل لمَثَلٍ أعلى ولا هدف نبيل، بل يعيش عيشة البهائم اعزكم الله ، ليس له همٌّ سوى أن يسدَّ جَوْعته، ويُشبعَ غريزته، وينطلقَ وراء الشهوات والملذات، ويصاحبَ الأشقياء والمجرمين .
فعلى الأب أو المربِّي ألاَّ يترك فرصة سانحة تمرُّ إلا وقد زوَّد الولد بالبراهين التي تدل على الله، وبالإرشادات التي تثبِّت الإيمان وبالصفات التي تقوي جانب العقيدة.
وهذا أسلوب فعَّال في ترسيخ العقيدة في نفوس الصغار، ولقد استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم فها هو ينتهز فرصة ركوب عبدالله بن عباس خلفه على حمارٍ، فيقول له
" يا غلام، إني أعلِّمك كلمات، احفظِ الله يحفظْك، احفظِ الله تجدْه تجاهَك، وإذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله، واعلمْ أن الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعتِ الأقلام، وجفَّت الصحف "
فنسأل الله تبارك و تعالى أنا يرزقنا ذرية صالحه مُصلحه بارين بنا وان يبارك لنا فيهم اللهم آمين يارب العالمين .