الخشت : التنمية المستدامة لن تنجح دون خطاب ديني جديد ومنظومة قيم جديدة حاكمة للسلوك
بدأت منذ قليل فعاليات المؤتمر السنوي لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة بعنوان "الدولة المصرية الجديدة والتنمية المستدامة - الفرص والتحديات" والذى تنظمه الكلية بالتعاون مع مشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وذلك تحت رعاية الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، والدكتور محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وبمشاركة عدد من الوزراء والمحافظين والبرلمانيين ورجال الأعمال والخبراء المحليين والدوليين.
وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، قال الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، إن مؤتمر كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يعد فرصة لطرح أفكار وآليات جديدة وصناعة فرص جديدة للشراكة وتقديم خبرات متعددة وأفكار جديدة للمساهمة في صناعة مستقبل أفضل.
وأوضح رئيس جامعة القاهرة أن هناك بُعدا مهما في أي عملية تنمية مستدامة وأن أي تقدم اقتصادى أو سياسي أو إداري غير ممكن بدون أمرين؛ الأول هو تغيير رؤية العالم عند الأفراد والأمر الثاني تغيير منظومة القيم الحاكمة للسوق ومن هنا يمكن ننتقل إلى أن أي عملية تقدم غير ممكنة بدون خطاب دينى جديد.
وتابع الدكتور الخشت خلال كلمته، أن التحول من المنظومة القديمة والجاهلية للإسلام لم يكن مجرد تحول من دين لدين، بل كان تحولا في المنظومة الحضارية والقيمية ، والتحول من العصور الوسطى الأوروبية الاقطاعية إلى الرأسمالية جاء من تغيير الخطاب الديني، وأن منظومة القيم التى حكمت العالم الجديد فى أمريكا الشمالية اعتمدت على التغيير.
وأكد الدكتور الخشت أن أي عملية تنمية مستدامة لن تنجح ولن تتم دون رؤية جديدة ومنظومة قيم جديدة تحمي السلوك وبدون خطاب دينى جديد وهذا ما وجدناه في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والصين عندما انتقلت من مرحلة إلى مرحلة وتم صناعة منظومة قيم جديدة ساهمت بطريقة كبيرة فى تحقيق التقدم.
من جانبه، ألقى الدكتور أحمد كمالي نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، كلمة نيابة عن الدكتور هالة السعيد وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية، قال فيها إن المؤتمر السنوي لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يتيح هذا العام إلقاء الضوء على ملامح الدولة المصرية الجديدة، وأبرز جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرًا إلى أن الدولة اتخذت مجموعة سياسات استباقية اعتمدت على خطة واضحة ومدروسة تستهدف كافة الفئات والقطاعات الاجتماعية من أجل التخفيف من آثار وباء كورونا.
وأشار الدكتور كمالي إلى أن الدولة تستهدف توجيه 1.4 مليار جنيه لإنشاء مُجمعات الخدمات الحكومية في الـمُحافظات، ضمن خطة التنمية المستدامة للعام المالي 2022 / 2023، تتضمن مجموعة من برامج ومُبادرات التنمية المكانية، وتطوير 75 تجمعًا حضريًا ضمن المرحلة الأولى لمُبادرة حياة كريمة باعتمادات 10 مليار جنيه.
من جهته، قال الدكتور محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن أهمية أي مؤتمر تستند لعدة مقومات رئيسية تتحقق بامتياز في مؤتمر هذا العام، أهمها موضوع المؤتمر، حيث يدور المؤتمر حول قضية القضايا وهي بناء الدولة، والتي تدور حولها كل القضايا الأخرى التي يتناولها المؤتمر، مشيرًا إلى أنه تم تفكيك هذه القضايا إلى محاور عدة تجمع ما بين أبعاد التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، في حالة تكاملية تسهم في استجلاء فرص التطوير والتحديات التي تقف في طريق تحقيق الأهداف المنشودة.
وأشار عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إلى أن انعقاد مؤتمر هذا العام يأتي بعد حدثين عالميين لم يشهد العالم مثلهما منذ عقود طويلة وهما: الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على كافة دول العالم نتيجة لأحداث سياسية خارجية، وجائحة كورونا العالمية، وبالتوازي مع دعوة القيادة السياسية إلى حوار وطني شامل، حيث يمكن أن يرسم المؤتمر قسمًا كبيرًا من أجندة هذا الحوار.
من جانبها، ألقت الدكتورة سلوى طبالة كلمة نيابة عن السيدة ليزلي ريد مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في القاهرة، قالت فيها إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دخلت في شراكة مع مصر لبناء اقتصاد قادر على التنافس دولياً من خلال عدد من المشروعات أهمها مشروع الحوكمة الاقتصادية الذي يهدف إلى العمل مع الحكومة المصرية لتعزيز النمو الاقتصادي، والتعليم، والصحة، والحوكمة لخلق فرص واعدة للشعب المصري وتعزيز ودعم الإسهامات والرؤى التنموية التى يقدمها المسئولون الحكوميون، والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأكاديميين.
وأشارت في كلمتها، إلى أن مشروع الحوكمة الاقتصادية هو مشروع مدته 5 سنوات بميزانية تقدر بنحو 37 مليون دولار أمريكي ويستهدف إلى تعزيز الحوكمة الاقتصادية وتعزيز الجهود المصرية للحد من الفساد وتحسين فعالية ومساءلة المؤسسات العامة، ومن ثم تشجيع الاستثمار في الاقتصاد المصري لافتة إلى أهمية المؤتمر في تحديد الاتجاهات والتطورات الجديدة خاصة في المجالات المتعلقة بالاقتصاد والحوكمة والإدارة العامة وهي المجالات التي يركز عليها المؤتمر.
وأكدت أن المناقشات بين الأكاديميين، وممثلي الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني خلال المؤتمر تعتبر هامة في تشكيل الحوار حول مستقبل الدولة، قائلة إن النقاش الحيوي بين كافة أصحاب المصلحة يُعد أمراً بالغ الأهمية ينعكس في السياسات الوطنية التي يمكن أن تؤدي لإصلاحات قانونية وإصلاحات تتعلق بالحوكمة وتدابير إعادة هيكلة الإدارة العامة، وعمليات التحول الرقمي، وزيادة إدماج المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة.
جدير بالذكر أن جلسات المؤتمر تناقش خلال الفترة من 27-29 يونيو 2022 مجموعة من المحاور الاستراتيجية الهامة أبرزها "الإصلاح المؤسسي والاستثمار في البشر كركائز للدولة الجديدة"، و "التحول الهيكلي المعاصر ودوره في التنمية المستدامة للدولة المصرية"، و"تمكين الشباب في الدولة الجديدة"، و "الأمن القومي المصري والسياسة الخارجية"، و "الحوكمة المحلية والدولية الجديدة" و "التطوير المؤسسي والتحول الرقمي في الدولة الجديدة" و "المواطنة الواعية ودورها في التنمية المستدامة"، كما ستتضمن فعاليات المؤتمر عقد 3 موائد مستديرة للنقاش حول "الحوكمة وتمكين الشباب"، و"الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الدولة المصرية"، و "التغيرات المناخية والتنمية المستدامة" وذلك بمشاركة وحضور لفيف من الوزراء والبرلمانيين والشخصيات العامة والخبراء والمسؤولين.