أنباء اليوم
الجمعة 8 نوفمبر 2024 01:50 صـ 5 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

لبنان .. مؤسسات رسمية منهارة وسط شلل سياسي وأزمة اقتصادية خانقة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أتى الإنهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان منذ 3 سنوات، فلم تعد قادرة على تقديم سوى ما قلّ من خدمات لمواطنين منهكين يبحثون عن سبل للاستمرار في بلد يبدو الأمل بالنهوض به ضئيلا.

ومنذ بدء الإنهيار، تتكرر إضرابات موظفي القطاع العام الذين تدهورت رواتبهم جراء انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، وآخرها بدأ في منتنصف يوليو. وانضم إليهم القضاة منذ أسبوعين بالإعلان عن إضراب مفتوح في انتظار أن تجد الحكومة حلا لمشاكلهم المادية.

يقول فيصل مكي "أحاول ألا أشرب المياه خلال الدوام كي لا أضطر إلى الذهاب للمنزل أو مكاتب نقابة المحامين المجاورة للدخول إلى الحمام"، كما يضطر القضاء لشراء مستلزمات مكاتبهم من مالهم الخاص، ويتساءل "لا يمكننا حتى شراء حاجاتنا الأساسية الخاصة، هل يتوقع منا أيضا أن ننفق على قصر العدل ؟".

وتتكرر المعاناة ذاتها في كل الوزارات والمؤسسات الرسمية، في وزارة الصحة التي عملت بأقصى طاقاتها خلال السنوات الثلاث الماضية لمواجهة الجائحة، يقول أحد مسؤولي الأقسام "كيف أطلب من موظفة راتبها أقل من 1.1 مليون ليرة فقط (33 دولارا) أن تأتي إلى الدوام ؟".

على غرار آخرين، توقفت كريستين الموظفة منذ 26 عاما في القطاع العام، عن الذهاب لعملها شمال شرق بيروت، إذ باتت قيمة راتبها لا تتخطى 75 دولارا في الشهر، بعدما كان 1600 دولار قبل الأزمة، حيث تذهب كريستين (50 عاما)، الوالدة لطفلين، مرة واحدة كل أسبوعين لوظيفتها لتضمن ألا تعتبر مستقيلة.

وتقول "يضطر الموظفون للصعود 7 طوابق على السلالم جراء انقطاع التيار الكهربائي". وبالكاد تؤمن مؤسسة كهرباء لبنان، جراء الشح في الفيول، ساعة واحدة فقط من التغذية بالتيار كل 24 ساعة. كما تُقنن المولدات الخاصة إمدادتها جراء غلاء مادة المازوت.

وتتابع "ليس هناك تبريد في المكاتب، ولا أوراق ولا أقلام، ولا ماكينات طباعة ويجدر بك أن تحمل زجاجة مياه إلى الحمام بعد استخدامه، إذ لا توجد فيه مياه".

وتقول "عرفت دوما أن وظيفة القطاع العام لا تأتي بحياة وردية، وهي مهترئة أصلا ويستشري بها الفساد، لكن كنت أعول على الأقل على الضمان الاجتماعي ومعاش التقاعد، لكن مع تدهور الليرة حتى المعاش فقد قيمته، ولم يعد الضمان قادرا على تغطية نفقات الاستشفاء، الموظف في لبنان هو تجسيد للفقر".

وبالطبع، انعكس تدهور مؤسسات الدولة على الخدمات المقدمة للمواطنين الذين بات من الصعب عليهم حتى استخراج إخراجات قيد أو جوازات سفر، إذ ليس هناك حبر أو أوراق كافية.

ويقول موظف بدوائر النفوس في لبنان "نصدر إخراجات القيد بالقطارة"، مشيرا إلى أن متبرعا قدم قبل مدة مبلغا من المال لطباعة أوراق إخراجات القيد التي انقطعت تماما، كما علقت لبنان إصدار جوازات سفر بعدما شارف مخزون الأمن العام من المستلزمات على النفاد. وبرغم استئناف إصدارها، ينتظر المواطنون أشهرا طويلة قد تصل إلى سنة لحجز موعد لمعاملة جواز السفر.

وجراء انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، طالت الأضرار مؤسسات حكومية عدة بينها مؤسسة كهرباء لبنان، ومقار وزارات عدة مثل الخارجية والبيئة والمالية. ولا يحضر إلى الوزارات سوى عدد قليل من الموظفين، في مرفأ بيروت، يعمل موظفو الجمارك في كرافانات، بدلا من مبناهم المتضرر، ولم يتمكن موظفو وزارة الخارجية حتى الآن من العودة إلى مكاتبهم التي استعاضوا عنها بمقر مؤقت آخر

أما وزارة البيئة، فيعمل موظفوها القلائل تحت ألواح مربعة تتدلى من الأسقف الاصطناعية، ويقول وزير البيئة ناصر ياسين لفرانس برس "الأبواب لا تزال مكسورة ولا يمكن إغلاقها"، مشيراً إلى أن "بعض الغرف تفتقر إلى خدمات أساسية، فلا يوجد فيها حتى لمبات".

في طرابلس، يقف مبنى البلدية الذي أحرقه متظاهرون العام الماضي احتجاجا على الأوضاع المعيشية، مثالا على شلل المؤسسات، ويواظب الموظفون على الحضور إلى مبنى جدرانه محترقة ومصدعة، ويقول رياض يمق رئيس البلدية الذي سحبت منه الثقة نتيجة خلافات سياسية "ذاهبون نحو الأسوأ .. انهيار تام وفوضى عارمة

موضوعات متعلقة