هل ترفع البنوك الفائدة على القروض الاستهلاكية بعد زيادة الاحتياطى الإلزامى ؟
قال خبراء مصرفيون إن تأثير قرار رفع الاحتياطى الإلزامى، على القروض الاستهلاكية فى البنوك، سيختلف من بنك لآخر، وفقا لحجم السيولة لديها ، وبالتالى ستحدد إما تحريك سعر الفائدة أو الإبقاء عليها.
أن الربحية لدى القطاع المصرفى تتأثر بعدة عوامل وليس فقط رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى ، فى الوقت الذى تترقب فيه السوق تبعات حسم البنوك قرارتها بشأن رفع الفائدة على الإقراض من عدمه.
وكان البنك المركزى قرر خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم 22 سبتمبر الماضى رفع الاحتياطى الإلزامى للبنوك إلى %18 بدلًا من %14 ليساهم فى سحب سيولة من السوق تصل إلى 150 مليار جنيه، حيث إن فائض السيولة حاليًا فى السوق يصل إلى 600 مليار، وفقا لمصدر مسئول فى البنك.
من جانبه، كشف طارق متولى، الخبير المصرفى، أنه من الطبيعى عندما يرفع البنك المركزى نسبة الاحتياطى الإلزامى ؛ تقل الأموال الموجودة لدى البنوك للقروض والاستثمار، مشيرا إلى أنه فى ظل تواجد سيولة مرتفعة لدى البنوك، فمن المتوقع أن التأثير على حجم القروض لن يصبح كبيرا، معللاً ذلك بأن القطاع المصرفى يمتلك حوالى %48 تقريبا من نسبة الودائع إلى القروض.
أن البنك المركزى اتبع سياسة نقدية تشددية ولجأ لمثل هذا القرار ليسحب هذه السيولة من السوق.
وأوضح أن مصر من الدول القليلة فى العالم التى تمتلك نسبة منخفضة من «Long Deposit Ratio » أو الودائع طويلة الأجل، وبالتالى سيكون هناك تأثير للقرارعلى حجم السيولة لدى البنوك، مشيرا إلى أن تأثيره على الإقراض وبالأخص القروض الاستهلاكية، والاستثمار سيكون أقل وطأة فى حال إذا كانت نسبة القروض إلى الودائع أعلى من ذلك بكثير.
ولفت الخبير المصرفى إلى أن الربحية الخاصة بكل بنك تخضع لعدة عوامل، وليس فقط نسبة الاحتياطى الإلزامى لدى البنك المركزى، حيث إن عامل المنافسة المتواجد فى القطاع المصرفى سيجبر كل بنك على أخذ ردود فعل السوق فى الاعتبار، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسى للبنك هو اجتذاب العملاء، فعلى سبيل المثال حينما طُرحت الأوعية الادخارية ذات العائد 18 و %20 اضُطرت بعض البنوك لرفع نسبة العائد على الودائع، على الرغم من أن تكلفتها كانت مرتفعة بالنسبة لها، إلا أنها لجأت إليه حتى تجذب العملاء.
وذكر الخبير المصرفى، أن سعر الفائدة غير ثابت وغير موحد بين كل البنوك، وهذا الاختلاف يرجع لقوة كل بنك، وتكلفة الأموال لديه، وكيف يدير البنك تلك الأموال، بالإضافة إلى كفاءة الإدارة والسياسة التى يتبعها.
وأشار إلى أن حجم وتأثير قرار رفع الاحتياطى سيختلف من بنك لآخر، فبعضها لن يتأثر وبالتالى لن تحرك سعر الفائدة، بينما ستلجأ أخرى إلى رفعها، وحتى الآن لم يتضح من الذى سيتحمل تلك التكلفة البنك أم العميل.
وقال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى، إن البنك المركزى قرر ألا يتحمل تكلفة سحب السيولة هذه المرة، وأن يمررها للبنوك، وبالتالى فهناك بنوك ستضطر إلى رفع فائدة الإقراض حتى تعوض تلك التكلفة، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدى فى المجمل إلى انخفاض الطلب.
وأكد أن مصرفه يتابع رد فعل السوق وتبعات قرار البنك المركزى برفع نسبة الاحتياطى الإلزامى على البنوك، وسيقرر رفع أو تثبيت فائدة الإقراض فى اجتماع لجنة الأصول والخصوم (الألكو)، المقرر عقده الأيام المقبلة.
وقال الدكتور أحمد متولى، المحلل الاقتصادى إن تأثير رفع الاحتياطى الإلزامى على القروض الاستهلاكية، يتوقف على عدة عوامل أهمها حجم السيولة فى القطاع المصرفى وهل لديه سيولة كبيرة، تجعله يتأثر بالقرارأم لا، مشيرا إلى أن البنوك فى مصر تمتلك السيولة الكافية لتحمل تبعات هذا القرار.
وأوضح أن إجمالى الودائع فى القطاع المصرفى تجاوزت 6.549 تريليون جنيه لأول مرة فى تاريخها خلال 8 أشهر، بينما وصل حجم القروض إلى 2.9 تريليون بنهاية أغسطس 2022، مشيرا إلى أن الفجوة الكبيرة بين الرقمين يمكن أن تستغلها البنوك.
أما عن تأثرربحية البنوك، فأشار«متولى» إلى أنه حال فكرت البنوك فى كيفية تلافى ذلك، فمن الممكن رفع سعر الإقراض، لتحقيق مكاسب من القرار، ولكنه قد ينعكس سلبيا فى تقليل أعداد طالبى القروض الاستهلاكية.
وبالنسبة لتحجيم التضخم، أوضح أن هناك سيناريوهين أولهما زيادة الفائدة على القروض، فيقل الطلب على الاقتراض، ومع عدم تواجد سيولة ستقل السلع والخدمات مما يساهم فى تقليل معدلات التضخم.
وأوضح أن السيناريو الثانى يتمثل فى زيادة الفائدة على الودائع، من أجل تحصيل مزيد من الأموال، واستخدامها فى الاستثمار لدعم القطاع المصرفى، مؤكدا أن هناك توقعات بانخفاض معدلات التضخم بالتدريج، والوصول إلى رقم أحادى.
وكشف البنك المركزى المصرى فى نشرته الشهرية الصادرة خلال أغسطس الماضى عن زيادة إجمالى الودائع بالبنوك المصرية، بما فيها الودائع الحكومية، بنسبة %1.7 على أساس شهرى، لتسجل 7.21 تريليون جنيه بنهاية شهر مايو الماضى .
وقال محمد البيه، خبير مصرفى، إن البنك المركزى استخدم وسيلة رفع الاحتياطى الإلزامى، لتحجيم التضخم، مشيرا إلى أنه كان مقبولا خلال الشهور الماضية، ومتناسب مع المعدل العالمى، لكنه كسر %16 خلال شهر أغسطس مما تطلب تدخل لجنة السياسة النقدية.
وأضاف أن العائد على الودائع أصبح بالسالب، والناس لم يعد لديها رغبة فى الاحتفاظ بالودائع فى البنوك نظرا لأنها تخسر قيمتها.
وأشار إلى أن الاحتياطى الإلزامى يعد رقما على متوسط الودائع والأوعية الادخارية، من غير فوائد مقابل أن يتعهد البنك المركزى برد الودائع، موضحا أنه عند زيادة الاحتياطى الإلزامى ترتفع التكلفة على البنوك والتى بدورها ستمررها للعملاء.
وتوقع أن تزيد العوائد على الإقراض والتى تنعكس على التمويلات للسيارات وخلافه، موضحا أن العائد سيختلف من بنك لآخر، من خلال حساب متوسط تكلفة الأموال وتمريرها للمستهلك، نظرا لأن حجم الوادئع والقروض مختلفة فى كل بنك.