كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح اليوم الرئاسي للمرأة فى مؤتمر المناخ COP27
السيداتُ والسادةْ ،،
أَسْتَهِلُّ كلمتى بالترحيبِ بضُيوفِ وضَيْفاتِ مصرَ في يومِ المرأةِ الذى تُنَظِّمُهُ جمهوريةُ مصرَ العربية، كرئيس للمؤتمر، وكأحدِ الأيامِ الموضوعيةِ المهمةِ للدورة السابعِة والعشرين لمؤتمر الدولِ الأطرافِ في الاتفاقيةِ الإطاريةِ للأممِ المتحدةِ حول تَغَيُّرِ المُناخِ COP 27.
ويُمثِّلُ تَنْظِيمُنا لهذا اليومِ بشكلٍ عامٍّ تجديدًا للتأكيدِ على الدَّورِ المِحْوَرِيِّ الذي تَلْعَبُهُ المرأةُ في المُضِيِّ قُدُمًا بالعملِ لمواجَهَةِ التحدياتِ والأزماتِ الرئيسيةِ التي يُوَاجِهُهَا عالَمُنا المُعَاصر، ومن بينِها بالطَّبْعِ التحدياتُ الخاصة بالتداعياتِ الجسيمةِ لظاهرةِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ ، وهو مَا يأْتي لِيُضِيفَ إلى دورِ المرأةِ فى النُّهُوضِ بالمُجتمعاتِ الإنسانيةِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وهو ما جَعَلَنا هُنا، في مصرَ، أَحْرَصَ ما نكونُ على العملِ، وبِكُلِّ قُوةٍ وإخلاصٍ، من أجلِ ضَمَانِ حصولِ النساءِ والفتياتِ على كافَّةِ حُقُوقِهنّ، وتفعيلِ السياساتِ التي من شأْنِها تحقيقُ المُسَاواةِ الكاملةِ بين الجنسينِ، وتمكينُ المرأةِ في مُختلفِ مجالاتِ العملِ السياسيِّ والاقتصاديِّ والاجتماعيِّ والبيئي.
الحضورُ الكريمْ،،
لا يَخْفَي عليكُمْ أنَّ مَا يُوَاجِهُهُ كوكبُ الأرضِ من تهديداتٍ واسعةٍ ومتعددةِ الأشكالِ بسببِ أزمةِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ.. وما يُصاحِبُها من تداعياتٍ خطيرةٍ تزدادُ تفاقمًا يومًا بعدَ يوم.. وهو ما جعلَ هذا الأمرَ يُمَثِّلُ التَّحَدِّيَ الوجوديَّ الأخطرَ لمستقبلِ البشريةِ جمعاء ..
وتأتي المرأةُ لتكونَ الأكثرَ مُعَانَاةً وتأثُّرًا بتلك التداعياتِ .. وذلك في ظلِّ استمرارِ وجودِ أَوْجُهٍ لعدمِ المُساواةِ في تأمينِ نفاذِ النساءِ إلى المواردِ الطبيعية والخدماتِ بشكلٍ عامٍّ .. وعدمِ كفاية البرامجَ والسياساتٍ التي تَكْفُلُ التعاملَ مع احْتياجَاتِهنَّ في أوقاتِ الأزماتِ البيئيةِ، وفي استيعابِ آثارِ ظاهرةِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ … بما في ذلك في المناطقِ الفقيرةِ والمناطقِ الريفية… ومع الأَخْذِ في الاعتبارِ بالطبعِ ما تواجِهُهُ النساءُ في مجتمعاتِ الدولِ النامية، ومن بينها قَارَّتُنَا الإفريقيةُ، من تحدياتٍ جسيمةٍ في هذا الصددِ.
وعلى الرغمِ من ذلك تَظَلُّ المرأةُ عُنصرًا مُحَرِّكًا رئيسيًّا وقُوةَ دفعٍ إيجابيةً لا يستهانُ بها للعَمَلِ من أجلِ التَّصَدِّي لآثارِ تَغَيُّرِ المُنَاخ .. فَنَجِدُهَا دومًا في طليعةِ صُفُوفِ مَنْ هُمْ أَكْثَرُ وَعْيًا بالأزمةِ، والأسرعِ تحركًا لمُوَاجَهَتِهَا والأقْدَرِ على ابتكارِ " الحلولِ الذكيةِ الخضراء " للتكيف مع تداعياتها واستيعابِ آثارِها.. سواءٌ على مستوى الأسرةِ أو المجتمعاتِ المحليةِ والوطنيةِ… وأيضًا على المستوى الدَّوليِّ وهو مَا لَمَسْنَاهُ جميعًا من واقعِ ما شَهِدْناهُ من مُشاركاتٍ فاعلةٍ ومُؤثِّرةٍ من جانبِ المرأةِ في عملِ مُؤْتَمَرِنَا هذا.
وليس بِخَافٍ عليكم أنَّ قادةَ الدولِ قد أجْمَعُوا خلالَ قِمَّتِهِمْ التي عُقِدَتْ مع مطلعِ هذا المؤتمرِ على أنَّ الهدفَ الأسمَى المنشودَ والمُلِحَّ هو تحقيقُ مستقبلٍ مستدامٍ للجميع.. وأُؤَكِّدُ لكُمُ اليومَ أنَّ تحقيقَ هذا الهدفِ لنْ يكونَ دونَ تَحْقيقِ الانتقالِ البيئيِّ العادلِ والطموح للمرأة .. وذلك عبرَ ترجمةٍ حقيقيةٍ ملموسةٍ للمساواةِ بين الجنسين وتمكينِ المرأةِ والفتاة .. ومن خلالِ نفاذٍ أفضلَ لَهُن في مَجَالَي التعليمِ والصحة .. وتوفيرِ فرصِ العملِ اللائقِ والحمايةِ الاجتماعية .. ومُشَارَكَتِهِنَّ بشكلٍ كاملٍ في عملِ الاقتصادِ الأخضرِ وتحقيقِ التنميةِ المُستدامة… والعملِ على إدْمَاجِهِنَّ في عمليةِ صنعِ القرارِ دونَ أيِّ تمييز… وضمانِ تمثيلِهنَّ بشكلٍ عادلٍ في مُختلفِ مجالاتِ البحثِ العلميِ ومن بينها مجالُ المُنَاخ والتكنولوجيا… وهي جميعُها عناصرُ أراها مِحْوريةً لتحفيزِ الجُهودِ المبذولةِ للحفاظِ على البيئةِ و تحقيقِ النموِّ الأخضرِ ومواجهةِ تداعياتِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ.
ولا تفُوتُني الإشارةُ في هذا السياقِ إلى أنَّ الحكومةَ المصرية، وفي إطارِ حرصِهَا المُسْتَمِرِّ على حمايةِ وتعزيزِ حقوقِ المرأةِ وتمكينِها في مُختلفِ المجالات… ومن بينها مجالُ مواجهةِ تداعياتِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ.. أوْلَتْ اهتمامًا خاصًّا بأنْ تتولَّى المرأةُ قيادةَ العملِ في عددٍ من الملفاتِ المحوريةِ والمهمةِ لهذا المؤتمر…. وفي إطارِ العمليةِ التحضيريةِ لانعقادِه… ومع الأخذِ في الاعتبارِ التمثيلُ النسائيُّ القويُّ في فريقِ الرئاسةِ المصريةِ للمؤتمر.
السيداتُ والسادةْ،،
في إطارِ الاستعدادِ لاستضافةِ مصرَ لمؤتمرِ المناخ COP 27 كُنَّا قد أطلقْنَا رؤيتَنَا بشأنِ المرأةِ والبيئةِ وتَغَيُّرِ المُنَاخِ في مارسِ الماضى على هامشِ الاجتماعِ السنويِّ لِلَجْنَةِ وضعيةِ المرأةِ بالأممِ المتحدةِ في نيويورك.. وتتشرفُ جمهوريةُ مصرَ العربية بأن تُطْلِقَ خلالَ المؤتمرِ مبادرةَ "المرأةُ الإفريقيةُ والتكيفُ مع تَغَيُّرِ المُنَاخِ " والتي نسعى من خلالها لإعطاءِ زَخَمٍ حقيقيٍّ وعمليٍّ للعملِ من أجلِ مُواجَهَةِ تداعياتِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ على النساءِ في قارَّتِنا الإفريقيةِ تأكيدًا لالتزامِ مصرَ تِجَاهَ قارتِنا الأُمِّ و تِجَاهَ كلِّ امرأةٍ وفتاةٍ إفريقيةٍ بالعملِ من أجلِ تحسينِ أوضاعِهِنَّ المعيشيةِ، ولِحَاقِهِنَّ بِرَكْبِ التنميةِ والتطورِ خاصةً مع أهميةِ دورِ المرأةِ الإفريقيةِ كشريكٍ أساسيٍّ في تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ، ومواجهةِ تداعياتِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ وضمانِ الانتقال المنشودِ في القارةِ الإفريقية.
وكانتِ الأسابيعُ الأخيرةُ قد شهدتْ انعقادَ عددٍ من الاجتماعاتِ التشاوريةِ المهمةِ مع مُختلفِ الأطرافِ الإقليميةِ والدوليةِ ذاتِ الصلةِ والمعنيةِ بالعملِ في هذا المجالِ، ومن بينها بالطبعِ مؤسساتُ المجتمعِ المدنيِّ، وذلك في إطارِ السعىِ للاستفادةِ بكلِّ رَأْىٍ ورُؤْيةٍ يمكنُ أنْ تُثْرِىَ أو أنْ تُضيفَ إلى هذه المُبادرةِ، والتي أدعُوكم جميعًا لِدَعْمِهَا والانضمامِ إليها في ضَوءِ ما نُعَوِّلُهُ عليها من أهَميةٍ لتحقيقِ ما نصبُو إليه لصالحِ المرأةِ الإفريقية.
وختامًا،،
أقُولُها صريحةً ..إنَّ تحقيقَ أىِّ تقدمٍ ملموسٍ في ملفِّ مواجهةِ تداعياتِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ لن يكونَ دونَ تحقيقِ العدالةِ المُناخيةِ للجميع، والتي تشكلُ بلا شكٍّ الإدماجَ والانخراطَ الكاملَيْن للمرأةِ في مُختلفِ جوانبِ التعاملِ مع هذه الظاهرة .. وهو ما يجبُ أن ينعكسَ في تأمينِ احتياجاتِها في إطارِ الاستراتيجياتِ والبرامجِ والخُططِ التمويليةِ المَعْنِيةِ بمواجهةِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ.. وبما يُمْكِنُ أنْ يُسْهِمَ بدورِهِ في تشجيعِ المرأةِ على المُشاركةِ الفعَّالةِ ولَعِبِ دَورٍ قياديٍّ في مواجهةِ تلك التداعياتِ، وفي إيجادِ الحُلولِ الذكيةِ والمُبْتَكَرةِ في هذا الإطار.
ورسالتى لنساءِ العالم،،
" لقد أَثْبَتُّنَّ قوةً وحكمةً مُتَفَرِّدَةً في مُواجهةِ أزمةِ جائحةِ (كوفيد ١٩) التي عصفتْ بالعالم على مدَى الأعوامِ الثلاثةِ الأخيرة.. ونُعَوِّلُ عليكُن الآنَ لمُواصَلَةِ دَورِكُنَّ السامى والنبيلِ في ظلِّ يقينٍ بأنَّ المرأةَ سوفَ تكونُ أيقونةَ التغييرِ الايجابي في مُواجهةِ تداعياتِ تَغَيُّرِ المُنَاخِ ".
شكرًا لكم .. وأتمنى أن يُكَلَّلَ هذا اليوم بالتوفيقِ في أنْ يشهدَ نقاشاتٍ جادةٍ تثمرُ عن التوصُّلِ إلى حُلولٍ وتوصِياتٍ قابلةٍ للتنفيذِ تُعَزِّزُ عملَ ومشاركةَ المرأةِ في ملفِّ تَغَيُّرِ المُنَاخِ ؛ بما يدفعُ إلى الأمامِ بِجِهُودِنا من أجلِ تحقيقِ مستقبلٍ أفضلَ لأبنائِنا وبناتِنا والأجيال القادمة.