سباق الذكاء الاصطناعي يتواصل .. جوجل تطلق منصة ”بارد” في 180 دولة
قررت شركة التكنولوجيا الأمريكية جوجل إطلاق منصة محادثة الذكاء الاصطناعي "بارد" الخاصة بها والمنافسة لمنصة المحادثة شات جي.بي.تي التابعة لإمبراطورية البرمجيات مايكروسوفت في 180 دولة حول العالم، في حين لن يتم إطلاقها حاليا في دول الاتحاد الأوروبي.
وقالت جوجل إنها أرجأت إطلاق المنصة التي تتحدث باللغات الإنجليزية واليابانية والكورية، في دول الاتحاد الأوروبي حتى تتأكد من توافقها مع الأطر القانونية للاتحاد، وفقا لـالألمانية.
وأدخلت جوجل كثيرا من التحسينات على تصميم ونتائج "بارد"، خاصة توضيح مصادر المعلومات مع إضافة وضع التشغيل في الظلام وخيار إرسال شفرات البرمجة التي يقوم بتوليدها، بحسب ما أعلنته في مؤتمر للمطورين. وتدعم لغة برمجة "بارد" 40 لغة أخرى سيتم إطلاقها تباعا.
كما يستطيع الإصدار الجديد للمنصة الإجابة عن أسئلة معقدة، ويستطيع صياغة جمل كاملة ردا على الأسئلة، في الوقت الذي يقدم فيه روابط الإنترنت العادلة ومصادر المعلومات.
على سبيل المثال عندما تم توجيه سؤال إلى منصة بارد عن الدراجات الهوائية فإن الإجابة تشمل إلى جانب الإشارة إلى ضرورة التأكد من كفاءة نظام التعليق فيها، تشمل أيضا العروض المناسبة المتاحة من متاجر بيع الدراجات.
كما عرضت المنصة في الإجابة عن السؤال المعلومات الأساسية وروابط لمزيد من المعلومات، إضافة إلى أسئلة متابعة عن أشياء من الفترة الزمنية اللازمة للوصول إلى مناطق انتظار الدراجات في المدينة.
كما طورت جوجل نموذجا لغويا جديدا باسم بالم 2 يتيح استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة الروايات، لمنافسة منصة جي.بي.تي4 التي تطورها شركة أوبن آيه.آي المملوكة لمجموعة مايكروسوفت. ويمكن أن يستخدم النموذج اللغوي بالم 3 أكثر من 100 لغة، مع قدرات الكتابة والبرمجة والتحليل. في الوقت نفسه ستعمل منصة المحادثة الآلية بارد في جوجل على أساس النموذج اللغوي بالم 2.
يذكر أن منصة شات جي.بي.تي أثارت اهتماما كبيرا عند إطلاقها لأول مرة في العام الماضي وفجرت جدلا قويا عن التغييرات التي يمكن أن يسببها استخدام الذكاء الاصطناعي في كثير من مجالات العمل.
وتعمل منصة بارد كما هو الحال بالنسبة لمنصة جي.بي.تي على أساس نموذج بحث لغوي كبير أو "إل.إل.إم". وتطور شركة أوبن أيه.آي حاليا الإصدار الرابع من جي.بي.تي. في المقابل تستخدم جوجل نسخة مختصرة ومحسنة من النموذج اللغوي إل.أيه.إم.دي.أيه، الذي يتم تحديثه بمرور الوقت بنماذج أحدث وأقوى.
في غضون ذلك، بدأ الذكاء الاصطناعي يحول عالم الكتب الصوتية، مع قدرته على إنشاء تسجيلات متسلسلة من دون الاستعانة في كل مرة بإنسان يتولى مهمة السرد بالصوت، في تطور يثير قلق العاملين في مجال التسجيل الصوتي الذي يسجل انكماشا منذ أعوام.
تسجل تانيا إبي نصوصا بصوتها منذ 20 عاما، ممتهنة هذه الوظيفة بدوام كامل لكن خلال الأشهر الستة الماضية، تراجعت أنشطتها إلى النصف، شأنها في ذلك شأن كثير من زملائها الذين تباطأت أعمالهم.
وتقول "من المنطقي أن الذكاء الاصطناعي يؤثر فينا"، و"أظن أن الخطة المستقبلية تقوم على استبدال موظفين (بأنظمة الذكاء الاصطناعي) لخفض التكاليف"، وفقا لـ"الفرنسية".
وفيما لا يوجد حاليا أي نسق معلن للكتب الصوتية المطورة بالذكاء الاصطناعي، غير أن اختصاصيين في القطاع يؤكدون أن الآلاف من هذه الكتب المطورة بالاعتماد على قاعدة بيانات صوتية باتت موجودة في الأسواق.
ومن بين أكثر الخدمات تطورا في هذا المجال، تتيح "ديب زن" تقنية يمكن من خلالها تطوير كتاب صوتي بربع القيمة المترتبة عن المشاريع التقليدية.
تعتمد هذه الشركة الصغيرة التي تتخذ مقرا لها في لندن، على قاعدة بيانات أنشأتها من خلال تسجيل أصوات ممثلين مختلفين طلب منهم التعبير عن مشاعر متنوعة.
ويقول كاميس تايلان المدير العام لـ"ديب زن" "وقعنا اتفاق ترخيص مع كل الأصوات التي نستخدمها"، مضيفا "ندفع في مقابل التسجيلات إضافة إلى دفع إتاوات في كل مرة نستخدم فيها صوتا من أجل مشروع".
وتحذر تانيا إبي من أن "الأمور تتطور بسرعة كبيرة لدرجة أن كثيرا من الوافدين الجدد لا يتحلون بالأخلاقيات نفسها، ويستعينون بأصوات من دون الدفع لأصحابها.
ويوضح كاميس تايلان "ثمة منطقة رمادية" تستغلها منصات عدة، إذ "يأخذون أصواتا مختلفة لكم ولي ولخمسة أشخاص آخرين، ليصنعوا منها صوتا جديدا من دون أن يدفعوا شيئا بحجة أن الصوت لا يعود لأحد".
وتتيح شركة "سبيتشكي" الناشئة التي تتخذ مقرا لها في تكساس، إضافة إلى أصواتها المسجلة مسبقا، الاستعانة بأصوات موجودة في قواعد بيانات قائمة، وفق المدير العام ديما إبراموف الذي يوضح أن هذه الميزة الثانية تتطلب توقيع عقد يلحظ حقوق الاستخدام.
ولم ترد الدور الخمس الكبرى العاملة في القطاع في السوق الأمريكية على أسئلة في هذا الموضوع.
لكن بحسب مهنيين فإن عديدا من الأسماء في مجال النشر التقليدي تستخدم بالفعل ما يسمى بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي تكنولوجيا قادرة على إنشاء نصوص أو صور أو مقاطع فيديو أو أصوات، من دون تدخل بشري، اعتمادا على محتوى موجود.
وقالت ناطقة باسم شركة أوديبل العملاقة في مجال الكتب الصوتية، التابعة لمجموعة أمازون الأمريكية، "لطالما كانت رواية القصص الاحترافية ضرورية للاستماع إلى أوديبل وستظل كذلك".
وأضافت "مع ذلك، مع تحسن التكنولوجيا، نتصور مستقبلا يمكن أن يتعايش فيه التفسير البشري والمحتوى الذي يتم إنشاؤه (باستخدام الذكاء الاصطناعي)".
يستثمر عمالقة التكنولوجيا بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي، ويشاركون في الاقتصاد المزدهر للكتب الصوتية التي تم إنشاؤها بواسطة هذه البرمجيات.
في بداية العام، أطلقت "أبل" عرضا يشمل "سرد القصص الرقمية"، ويهدف، وفق الشركة، إلى "جعل إنشاء الكتب الصوتية في متناول الجميع"، ولا سيما "للمؤلفين والمستقلين والناشرين الصغار".
تقدم جوجل خدمة مماثلة، تصفها بأنها "للسرد الذاتي".
ويقول كاميس تيلان "نحن بحاجة إلى تعميم صناعة النشر على أوسع نطاق، لأنه في الوضع الراهن، وحدها الأسماء الأكثر شهرة تتحول إلى كتب مسموعة".
ويوضح ديما إبراموف أن "السرد الآلي للقصص يفتح الباب أمام جميع الكتب الموجودة التي لم تسجل (بالصوت)، وجميع الكتب المستقبلية التي ما كانت لتتحول أبدا (إلى كتب صوتية) بسبب القيود الاقتصادية"، لافتا إلى أن 5 في المائة من الكتب الموجودة حاليا تتحول كتبا صوتية".
ويلفت إلى أن نمو السوق سيفيد الممثلين الصوتيين، إذ "سيصنعون مزيدا من التسجيلات ويكسبون مزيدا من المال".
وتقول إميلي إليت رئيسة جمعية رواة الكتب المسموعة المحترفين إن "سرد القصص، في جوهره، هو السماح للبشر بإعادة الاتصال بإنسانيتهم"، معتبرة أن "رواية القصص يجب أن تظل بشرية بالكامل".
بالنسبة إلى تانيا إبي، فإن سرد القصص باستخدام الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الاتصال العاطفي هناك فرق حقيقي مع التسجيلات الكلاسيكية.
لكن بمرور الوقت، قد يعتاد المستمعون على ذلك، أعتقد أن الأمر يحدث بالفعل.