أنباء اليوم
الأحد 22 ديسمبر 2024 05:10 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

المحلل الاقتصادي ميشيل بيتس: أزمة الدين العام في أمريكا والصين وجهان لعملة واحدة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


في وقت سابق من العام الحالي شهدت واشنطن جدلا حادا حول ضرورة وضع سقف ملزم للدين العام الأمريكي، وافترض هذا الجدل، سواء بشكل ضمني، وأحيانا بشكل صريح، أن تزايد الدين العام يعكس إسراف الحكومة، وأنه لو تحلى صناع السياسة بقدر قليل من الاقتصاد في الإنفاق أو بالمسؤولية، فسيتوقف عبء الدين العام عن الارتفاع. وبهذا المنطق يستهدف سقف الدين العام فرض نوع من الانصباط المالي الملزم على أعضاء الكونجرس.

والمفارقة هي أن الجدل الدائر في أكبر اقتصاد في العالم، يدور أيضا في الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم بسبب تضخم الدين الحكومي الصيني خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة الماضية. وتفيض الصحافة الصينية بعشرات القصص عن محاولات الجهات التنظيمية والرقابية للحد من الديون المخفية للحكومات المحلية، و الممارسات الاحتيالية للاقتراض. كما تقول هذه القصص أنه بمجرد فرض ضوابط على اقتراض الحكومات المحلية والمؤسسات المملوكة للدولة، لن يصبح ارتفاع الدين العام مشكلة في الصين.

لكن ميشيل بيتس أستاذ المالية في كلية إدارة الأعمال بجامعة بكين الصينية والمتخصص في المالية الصينية يقول في تحليل نشره موقع مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إن هذه الفكرة في الحالتين مشوشة. فارتفاع الدين العام في كل من الولايات المتحدة والصين أمر هيكلي وضروري بسبب الطريقة التي يعمل بها الاقتصادان.

وفي حين من الممكن أن يكون جزء من زيادة الديون في الدولتين نتيجة السفه والسلوك غير المسؤول وربما الاحتيال، فإن هذا ليس السبب في الجزء الأكبر من الزيادة. فحتى مع وجود قواعد صارمة وحتى يتم إجراء تغييرات جذرية في الاقتصادين، فإنه إما يتم السماح بزيادة الدين العام أو سيتباطأ الاقتصاد إلى مستويات غير مقبولة سياسيا، وهي المستويات التي تقود إلى ارتفاع معدلات البطالة.

بمعنى آخر ، فإن الدين المرتفع يدخل في الهياكل الحالية للاقتصادين الأمريكي والصيني، مع أسباب متشابهة لزيادة الدين، وصور متماثلة للطرق التي تحدث بها الزيادة في الدين. وفي الولايات المتحدة يعتبر ارتفاع الدين الطريقة التي يحقق بها الاقتصاد التوازن مع تأثير الظروف بما في ذلك المستوى المرتفع من تفاوت الدخول والعجز التجاري الكبير والذي يقلص تلقائيا الطلب المتاح على الشركات الأمريكية.

والأمر نفسه ينطبق على الصين، ولكن لأسباب مختلفة بشكل طفيف. الصين تعاني من شكلين من تشوهات الدخول، والتي تحد من الطلب بالنسبة للشركات الصينية. الشكل الأول هو الأكثر حضورا في المناقشات يتعلق بتفاوت الداخل، فالأغنياء الصينيون ،مثل الأغنياء الأمريكيين، يحصلون على حصة هائلة من الدخل.

أما التشوه الثاني وهو الأكثر أهمية انخفاض حصة الأسر الصينية من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، حيث يحصلون على حوالي 60% من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 80% تقريبا في الولايات المتحدة. هذه الحصة من إجمالي الناتج المحلي، لها نفس تأثير التفاوت في الدخول.

وهذا التفاوت في الدخول، واستحواذ نسبة بسيطة من المواطنين على الجزء الأكبر من الدخل القومي، يخلق مشكلة للاقتصاد لأنه يؤدي إلى ضعف الإنفاق الاستهلاكي، دون زيادة في الإنفاق الاستثماري، وبالتالي يتراجع الطلب، فتقرر الشركات خفض الإنتاج وتسريح العمالة الذي يرتبط بتراجع جديد في الطلب.

ولمنع حدوث مثل هذا السيناريو في الولايات المتحدة يلجأ صناع السياسة إلى طريقتين أساسيتين. الأولى يقوم بها مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي لمنع تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدل البطالة، من خلال تخفيف السياسة النقدية وتشجيع المستهلكين على الاقتراض لتمويل إنفاقهم الاستهلاكي. في هذه الحالة يتم تعويض