أنباء اليوم
الخميس 21 نوفمبر 2024 02:28 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

الصحة العالمية تدعو إلى حماية الحيز الإنساني في غزة بعد تأخيرات في نقاط التفتيش العسكرية وإحتجاز شركاء الصحة

تجدد منظمة الصحة العالمية دعوتها لحماية الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية في غزة بعد تأخيرات في نقاط التفتيش العسكرية واحتجاز شركاء الصحة أثناء بعثة لنقل مرضى الحالات الحرجة وتسليم إمدادات صحية إلى أحد المستشفيات في شمال غزة. ويُذكر أن مريضًا تُوفي أثناء البعثة.

وفي 9 كانون الأول/ ديسمبر 2023 نَفَّذَ فريق تابع لمنظمة الصحة العالمية بعثةً محفوفة بالمخاطر العالية إلى مستشفى الأهلي في مدينة غزة لتسليم إمدادات طبية وتقييم الوضع في المستشفى ونقل المرضى المصابين بجروح خطيرة إلى مستشفى في الجنوب، وكان ذلك بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وإدارة شؤون السلامة والأمن في الأمم المتحدة. وقد سَلَّمت البعثة لوازم لعلاج الرضوح ولوازم جراحية تكفي لعلاج 1500 مريض إلى المستشفى، ونقلت 19 مريضًا في حالة حرجة مع 14 مرافقًا إلى مجمع ناصر الطبي في جنوب غزة حيث يمكنهم تلقي مستوى أعلى من الرعاية.

وفي الطريق نحو الشمال خضعت قافلة الأمم المتحدة للتفتيش عند نقطة تفتيش وادي غزة، وكان على أفراد طاقم الإسعاف النزول من المركبات للتحقق من هوياتهم. وقد احتُجز موظفا جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لأكثر من ساعة، مما تسبب في زيادة تأخير البعثة. ورأى موظفو منظمة الصحة العالمية أحد موظفي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يُجبَر على الركوع تحت تهديد السلاح، ثم أُخِذ بعيدًا عن الأنظار، وذُكر أنه تعرض للتحرش والضرب وجُرِّد من ثيابه وخضع للتفتيش.

وعند دخول البعثة مدينة غزة تعرضت شاحنة المساعدات التي تحمل الإمدادات الطبية وكذلك إحدى سيارات الإسعاف لإطلاق الرصاص.

وفي طريق عودة القافلة نحو جنوب غزة وهي تحمل المرضى من المستشفى الأهلي، تعرضت مرة أخرى للإيقاف عند نقطة تفتيش وادي غزة، وأُجبِرَ موظفو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ومعظم المرضى على النزول من سيارات الإسعاف للتفتيش الأمني. وخضع مرضى الحالات الحرجة الذين ظلوا في سيارات الإسعاف للتفتيش على يد جنود مسلحين.

كما أُخِذ أحد موظفَي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنفسهما اللذين تعرضا للاحتجاز المؤقت قبل ذلك في طريق الدخول للاستجواب مرةً أخرى. وحاولت البعثة عدة مرات التنسيق لإطلاق سراحه، لكن بعد أكثر من ساعتين ونصف اضطُرت لاتخاذ قرار صعب بمغادرة المنطقة المحفوفة بالمخاطر ومواصلة طريقها وذلك من أجل سلامة المرضى والعاملين في المجال الإنساني. (واصلت ثلاث سيارات إسعاف تحمل مرضى في حالات حرجة للغاية طريقها بالفعل في وقتٍ سابقٍ، في حين ظلت ثلاث سيارات مع القافلة.) وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بعد ذلك أن أحد المرضى المصابين قد تُوفي أثناء نقله نتيجة لعدم علاج الجروح.

وقد أُطلِق سراح موظف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في وقتٍ لاحقٍ من تلك الليلة بعد جهود مشتركة من جانب الأمم المتحدة. وقد قابله فريق منظمة الصحة العالمية أمس، كما التقى الفريقُ بوالده ومشرفه وزملائه أيضًا. وقال ذلك الموظف أنه تعرض للتحرش والضرب والتهديد وجُرِّد من ملابسه وكان معصوب العينين. وكانت يداه مقيدتان خلف ظهره، وكان يُعامَل بطريقة تنطوي على الإهانة والإذلال. وبمجرد أن أُطلِق سراحه، فقد تُرك يسير نحو الجنوب ويداه ما زالتا مقيدتين خلف ظهره، وبدون ملابس أو حذاء.

وقد كان هناك عمليات احتجاز قبل ذلك أثناء البعثات الإنسانية في غزة.

ففي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، احتُجز ستة أشخاص من وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أثناء بعثة كانت تقودها منظمة الصحة العالمية لنقل المرضى من مستشفى الشفاء. وما زال هناك أربعة أشخاص - ثلاثة منهم من وزارة الصحة وواحد من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني - محتجزين بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع. وليس هناك أية معلومات عن سلامتهم أو مكان وجودهم. وهذا أمرٌ غيرُ مقبول. ويساور منظمةَ الصحة العالمية، وكذلك أُسرَهم وزملاءهم ومحبيهم، قلقٌ بالغٌ بشأن سلامتهم. ونكرر نداءنا بضرورة احترام حقوقهم القانونية والإنسانية.

إن عرقلة سيارات الإسعاف وشنّ الهجمات على العاملين في المجال الإنساني والصحي أعمالٌ تَنُمُّ عن غياب الضمير. فمرافق الرعاية الصحية، بما في ذلك سيارات الإسعاف، محميةٌ بموجب القانون الدولي. ويجب احترامها وحمايتها في الظروف كافة.

وتكشف الصعوبات التي واجهتها هذه البعثة عن تراجع الحيز المتاح للجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني لتقديم المساعدات داخل غزة، على الرغم من أن الحاجة مُلحة للتخفيف من وطأة الوضع الإنساني الكارثي وذلك وفقًا لما دعا إليه القرار الذي اعتمده أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في 10 كانون الأول/ ديسمبر.

وما زالت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها ملتزمين بشدة بالبقاء في غزة ومساعدة الناس. لكن مع زيادة الأعمال العدائية في أنحاء غزة، وعدم كفاية المساعدات لتلبية الاحتياجات، فإن نظام الدعم الإنساني على وشك الانهيار.

والحل الفعال الوحيد هو استمرار وقف إطلاق النار حتى يتسنى لمنظمة الصحة العالمية وشركائها العمل بأمان ودون عراقيل لتعزيز نظامٍ صحيٍ مُتداعٍ، وتوفير إمدادات الوقود الضرورية والأدوية وغير ذلك من المساعدات الأساسية، ومنع انتشار الأمراض والجوع والحيلولة دون وجود مزيد من المعاناة في قطاع غزة.

ملاحظة إلى المحررين بشأن المستشفى الأهلي

أثناء البعثة المذكورة أعلاه إلى مدينة غزة التي دُمِّرَت دمارًا شديدًا، رأى موظفو منظمة الصحة العالمية مئات الأشخاص، ومنهم النساء والمسنون والشباب والأطفال، وقد بدت عليهم الدهشة لرؤية العاملين في مجال المساعدات في المنطقة في ضوء الوضع شديد التقلب، علاوة على انعدام الأمن.

ووصف موظفو المنظمة المستشفى الأهلي بأنه «منطقة تعاني من فوضى عارمة وكارثة إنسانية.» فالمستشفى مكتظٌ بالعديد من النازحين وأكثر من 200 مريض في حين أن موارده لا تكفي إلا لدعم 40 سريرًا - أي نصف طاقة المستشفى الاستيعابية الأصلية. وقد تعرض المبنى لأضرارٍ بالغةٍ بسبب الأعمال العدائية.

وقال الأطباء أن الوضع «خارج نطاق السيطرة» إذ أنهم يواجهون نقصًا في الوقود والأكسجين واللوازم الطبية الأساسية، علاوة على عدم توفر الغذاء والماء للمرضى ولأنفسهم. كما أن قدرة موظفي الصحة ضئيلة، والرعاية التي تقدمها طواقم التمريض محدودة للغاية، ويعتمد المستشفى على المتطوعين اعتمادًا كبيرًا.

وفي ضوء الأعداد الهائلة من المرضى المصابين برضوح داخل المستشفى وخارجه في الشارع، اضطر الأطباء لتحديد المرضى الأولى بتلقي الرعاية والمرضى الذين لا يمكن تقديم الرعاية لهم. ويتولى الأطباء علاج العديد من حالات الإصابات الخطيرة في ممرات المستشفى وعلى الأرضيات وفي مُصلَّى المستشفى وحتى في الشارع. ويعاني المستشفى من نقص شديد في الموظفين، ويفتقر إلى القدرة على أداء عمليات الأوعية الدموية. وتُتَخذ قرارات بتر الأطراف بوصفها الحل الأخير عند تعذر الحلول الأخرى كافة.