محاولات ميلي لتحرير إقتصاد الأرجنتين تغيير 366 قاعدة بينها الخصخصة والسكن والعمل
أصدر الرئيس الأرجنتيني التحرري خافيير ميلي الأسبوع الماضي مرسوما ضخما لتغيير أو إلغاء 366 قاعدة اقتصادية في بلد معتاد على التدخل الحكومي المكثف في السوق.
هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ الأرجنتين، حيث لم يحاول أي من رؤسائها المنتخبين ديمقراطيا مثل هذا التفكيك الهائل للنظام، بحسب "الفرنسية". وهذا بالضبط ما وعد به ميلي خلال حملته الانتخابية، حيث كان يلوح بالمنشار الكهربائي ليرمز إلى محاولته خفض الإنفاق العام، في الوقت الذي تعاني فيه الأرجنتين تضخما من ثلاثة أرقام بعد عقود من سوء الإدارة المالية.
ومع ذلك، وفقا للقانون الأرجنتيني، لا يزال الكونجرس يتمتع بسلطة إغراق برنامج ميلي.
تغيير الحياة اليومية
بعد عشرة أيام من توليه منصبه، وعشية العطلات، قدم ميلي مرسومه "الضروري والعاجل" لتخفيف بعض القواعد التي تحكم اقتصاد البلاد، حيث وصل معدل التضخم السنوي إلى 160 في المائة.
أحد التغييرات الكبيرة سيكون إزالة جميع القيود بين المستأجر والمالك، مثل القوانين المتعلقة بزيادة الإيجارات. وفي الأعوام الأخيرة، قام الملاك بشكل متزايد بتسعير عقاراتهم بالدولار لتجنب الوقوع في فخ إيرادات الإيجار التي تجاوزها التضخم المتزايد منذ فترة طويلة. لقد كان هذا بمنزلة كابوس للمستأجرين في بلد، كان الوصول إلى الدولار يخضع لرقابة صارمة.
كما قامت خطة ميلي أيضا بتخفيف قوانين العمل، حيث زادت الفترة التجريبية للموظفين الجدد من ثلاثة إلى ثمانية أشهر. وتم تعديل قوانين التعويض عن الفصل دون سبب لمصلحة الشركات، ويخطط لإعادة التفاوض على اتفاقيات العمل المعمول بها منذ عام 1975. كما ألغى القيود المفروضة على الصادرات، وقال: إنه سيتم تحرير سوق الإنترنت.
كما تخلى ميلي عن القواعد التي تمنع تخصيص المؤسسات الحكومية، ووضع نصب عينيه بالفعل شركة الطيران الوطنية وشركة النفط. كما تحرك للحد من حق الإضراب الذي يكرسه الدستور.
الهدف من المرسوم
تلقي ميلي وهي شخصية فاجأ صعودها إلى أعلى منصب في البلاد، معظم المراقبين باللوم على سياسة التدخل والحمائية التي اتبعتها الحكومات السابقة في خنق الاقتصاد.
وقبل إعلان المرسوم، كانت الحكومة الجديدة قد خفضت بالفعل قيمة البيزو الأرجنتيني بأكثر من 50 في المائة، وأعلنت تخفيضات ضخمة في الدعم الحكومي السخي للوقود والنقل بدءا من يناير.
وقال ميلي: "الهدف هو البدء في مسار إعادة إعمار البلاد، وإعادة الحرية والاستقلالية للأفراد والبدء في تفكيك الكم الهائل من الأنظمة التي أوقفت وأعاقت النمو الاقتصادي". وذكر أحد المحتجين على إجراءاته أنه "قد يكون هناك أشخاص يعانون متلازمة ستوكهولم. إنهم مفتونون بنموذج يفقرهم". وانتقدت المعارضة التي أطيح بها أخيرا من الحكومة ميلي بسبب المرسوم، وعدته وسيلة لتجاوز افتقاره إلى الأغلبية في الكونجرس.
ويملك حزب مايلي ليبرتاد أفانزا، الذي يبلغ من العمر عامين فقط، 40 مقعدا فقط من أصل 257 مقعدا في مجلس النواب، وسبعة من 72 مقعدا في مجلس الشيوخ.
وقال جيرمان مارتينيز رئيس برلمان الائتلاف البيروني: "الاتحاد من أجل الوطن": "ليس هذا هو الطريق الصحيح. أرسلوا الإصلاحات كمشروعات قوانين. لا تخافوا من النقاش الديمقراطي".
وقال المحامي الدستوري إميليانو فيتالياني: إن أعلى القوانين في البلاد تنص على أنه "من حيث المبدأ لا يمكن تعديل القوانين بمرسوم ولا يمكن للرئيس أن يحل محل الكونجرس".
وقالت عالمة السياسة لارا جويبورو: إن القرار "يتخطى كل الحدود، ويفصل في عديد من القضايا التي تحتاج إلى اتفاقات سياسية من الكونجرس والمقاطعات".
وقال فيتاليني: إن المرسوم يمكن أبطاله إذا رفضه مجلسا الكونجرس. وإلا فإنه يدخل حيز التنفيذ في 29 ديسمبر.
وقال المحامي الدستوري أليخاندرو كاريو في مقال في صحيفة لاناسيون: إن "الرئيس قام برهان كبير للغاية، وسيعتمد نجاحه على قدرته على الحصول على الدعم التشريعي الذي لا يعرف حتى الآن". يأتي ذلك في وقت تعلق فيه الأرجنتين في قبضة أزمة اقتصادية مع أعلى تضخم في 30 عاما.
سيسيليا روخاس تبحث في كل متاجر مدينة بوينس آيرس الشاسعة للعثور على هدايا بأسعار معقولة لأطفالها ليوم الميلاد الذي يتوقع أن يكون قاتما هذا العام، فيما تواجه الأرجنتين أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
وقالت روخاس البالغة 47 عاما: "في السابق، كنت أشتري من سلسلة متاجر ألعاب معروفة، لكنني الآن أبحث في متاجر صغيرة مجاورة لأجد سعرا أفضل". لدى روخاس، وهي طبيبة نفسانية، ولدان الأول يبلغ 17 عاما والثاني ثمانية أعوام. وهذا العام، سيحصل كل منهما على هدية واحدة علما أنهما كانا يتلقيان عديدا من الهدايا في الأعوام السابقة".
وتنهي الأرجنتين هذا العام مع نسبة تضخم هي الأعلى خلال الأعوام الـ30 الماضية، تزيد على 160 في المائة على أساس سنوي.
وأدى خفض قيمة البيزو بنسبة 50 في المائة الذي أقرته حكومة الرئيس الليبرالي خافيير ميلي في 12 ديسمبر بعد يومين من توليه منصبه، إلى ارتفاع جديد في الأسعار في بلد أكثر من 40 في المائة من سكانه فقراء.
وارتفعت أسعار الألعاب بنسبة تراوح بين 110 و230 في المائة هذا العام، وفقا لأرقام الغرفة الأرجنتينية لصناعة الألعاب.
وبالتالي، يجب على المتسوقين في يوم الميلاد التحلي بالصبر والحنكة.
وقالت أوجوستينا جاجو (23 عاما) وهي أم لطفل يبلغ أربعة أعوام: "إذا مشيت قليلا يمكن العثور على المنتج نفسه في متاجر مختلفة وبأسعار مختلفة". وأضافت: "هذا العام، سنشتري له هدية بفضل المساعدة التي نحصل عليها من الجدات ولحسن الحظ، هناك عديد منهن". وترزح البلاد أيضا تحت وطأة التدابير الجذرية لحكومة الرئيس خافيير ميلي الجديدة التي أصدرت مئات المراسيم لإنعاش الاقتصاد المتعثر. كما أعلن ميلي الذي تعهد بخفض الإنفاق الحكومي، تخفيضات كبيرة في الدعم الحكومي على الوقود وقطاع النقل بدءا من يناير.
كذلك، ألغت حكومته برنامجا للسيطرة على أسعار بعض السلع كانت الحكومة السابقة قدمته لمحاولة تخفيف تأثير التضخم.
وحذر ميلي من أن البلاد على شفا التضخم المفرط وأن الأمور ستزداد سوءا قبل أن تبدأ في التحسن.
وقالت ألكسندرا مازي، وهي مدرسة تبلغ 49 عاما، شاركت في احتجاج ضد التدابير الجديدة: "إنهم يجوعون الناس، ويستخدمون سياسات طبقت في السابق ولم تنجح، وكل ما يفعلونه هو إفقار الطبقة العاملة".
وفرضت حكومة ميلي على منظمي أول تظاهرة ضدها دفع عشرات الآلاف من الدولارات لتغطية تكلفة نشر قوات أمنية لحمايتها.
وذكرت شبكة يورونيوز الإخبارية، أن آلاف الأشخاص شاركوا في تظاهرة الأربعاء ضد إجراءات التقشف التي اتخذها ميلي وإحياء لذكرى احتجاجات عام 2001 الدامية، التي أعقبت الانهيار الاقتصادي في البلاد.
وقال مانويل أدورني المتحدث باسم الحكومة، إن تكلفة النشر المكثف لقوات الشرطة ورجال مكافحة الشغب بلغت 60 مليون بيزو (73 ألف دولار بسعر الصرف الرسمي).
وأضاف أن الفاتورة سترسل إلى الحركات الاجتماعية كونها تتحمل مسؤولية التكلفة التي لا ينبغي أن تقع على عاتق المواطنين.