تراجع الدولار في السوق الموازي قد يدفع في اتجاه هبوط الذهب بمصر حال عودة التسعير
سجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاع خلال الأسبوع الماضي هو الأول بعد أسبوعين من الهبوط، وذلك على الرغم من تقلص مكاسب الذهب خلال تداولات الأمس بعد صدور بيانات تقرير الوظائف الأمريكي بأفضل من المتوقع مما دفع أسعار الذهب إلى التراجع.
ارتفعت أسعار الذهب الفوري خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.1% ليسجل أعلى مستوى منذ شهر عند 2065 دولار للأونصة قبل أن يغلق تداولات الأسبوع عند المستوى 2039 دولار للأونصة.
خلال جلسة أمس الجمعة انخفض الذهب بنسبة 0.7% وسجل أدنى مستوى في 4 جلسات عند 2027 دولار للأونصة ليسجل أول انخفاض بعد 5 جلسات متتالية من الصعود، وفق التحليل الفني لجولد بيليون، وذلك في ظل ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي بعد بيانات تقرير الوظائف الأمريكي عن شهر يناير والذي أظهر تعيين وظائف جديدة بمقدار 353 ألف وظيفة بأعلى من التوقعات 187 ألف والقراءة السابقة 333 ألف.
وقد شجع الاقتصاد المرن وإنتاجية العمال القوية الشركات على توظيف المزيد من الموظفين والاحتفاظ بهم، وهو الاتجاه الذي يمكن أن يحمي الاقتصاد من الركود هذا العام.
تسببت بيانات الوظائف في تغير توقعات الأسواق تجاه مستقبل خفض الفائدة الأمريكية، فقد انخفضت توقعات خفض الفائدة في مارس القادم إلى 20% بعد أن كانت عند 70% منتصف شهر يناير، بينما تراجعت توقعات خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي في مايو إلى 60%.
خلال هذا الأسبوع صدر اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي الأول لهذا العام ليقوم بتثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عند نطاق 5.25% - 5.50%، ويشير أن استمرار قوة الاقتصاد الأمريكي والأداء الجيد لسوق العمل ما يجعل البنك غير متسرع في اتخاذ قرار خفض الفائدة.
أشار البنك الفيدرالي في بيانه أن لجنة السياسة النقدية لا تتوقع أن يكون من المناسب خفض الفائدة حتى يتزايد اليقين لدى البنك أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو مستهدف التضخم للبنك عند 2%.
وفي تصريحات رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول في المؤتمر الصحفي عقب اجتماع البنك أشار أن كل أعضاء البنك يعتقدون أنه من المناسب خفض الفائدة في وقت قادم، ولكن على البنك أن يكون أكثر ثقة في استدامة تراجع مستويات التضخم قبل خفض الفائدة.
من جهة أخرى حقق الدولار الأمريكي استفادة كبيرة سواء من قرار الفيدرالي الأمريكي أو بيانات تقرير الوظائف الأمريكي، وقد سجل هذا الأسبوع ارتفاع بنسبة 0.5% ليسجل ارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي ليسجل اعلى مستوى منذ أكثر من 7 أسابيع.
الجدير بالذكر أن معظم ارتفاع الدولار جاء في جلسة يوم أمس الجمعة متأثراً بقوة بيانات الوظائف الأمريكية التي قللت من فرص خفض الفائدة في وقت مبكر من هذا العام، فقد سجل مؤشر الدولار ارتفاع خلال جلسة الأمس بنسبة 1% تقريباً.
وعند النظر إلى مستويات الذهب بشكل عام نجده قد تماسك خلال الأسبوع الماضي واستطاع أن يسجل ارتفاع على الرغم من كون نتائج اجتماع الفيدرالي وتقرير الوظائف الأمريكي كانت ضد أسعار الذهب.
السبب وراء هذا يرجع إلى ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق المالية بسبب التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، سواء العمليات العسكرية في البحر الأحمر او مقتل 3 جنود أمريكيين في الأردن، وهو ما نتج عنه قيام القوات الأمريكية يوم أمس بضربات على الحدود السورية والعراقية لأماكن وقوات تابعة لإيران.
انخفاض عقود شراء وبيع الذهب
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 30 يناير، حيث انخفضت عقود شراء الذهب بمقدار 35264 عقد مقارنة مع التقرير السابق، كما انخفضت عقود بيع الذهب بمقدار 35156 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر انخفاض في عقود شراء وبيع الذهب مما يعني عدم يقين الأسواق في أوضاع الاستثمار في الذهب حالياً، يأتي هذا بسبب عدم الاستقرار في توقعات الأسواق بشأن مستقبل أسعار الفائدة الأمريكية وهو ما ينعكس على الطلب الغير واضح على الذهب.
من جهة أخرى أعلن مجلس الذهب العالمي إن الطلب العالمي على الذهب باستثناء التداول خارج البورصة، انخفض بنسبة 5% إلى 4448.4 طن ذهب في عام 2023، لكنه ظل قوياً مقارنة بمتوسط عشر سنوات بسبب عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي.
وقال مجلس الذهب العالمي في تقريره أن الطلب على الذهب متضمن التداولات خارج البورصة والمصادر الأخرى، ارتفع بنسبة 3٪ إلى مستوى قياسي سنوي جديد عند 4898.8 طن ودعم نمو متوسط سعر الذهب لعام 2023 إلى مستوى قياسي بلغ 1940.54 دولار.
كما استمرت سلسلة مشتريات البنوك المركزية من الذهب على مستوى كبير بداية من عام 2022، لتصل مشتريات البنوك المركزية إلى 1037.4 طن في عام 2023، بانخفاض 4٪ عن المستوى القياسي لعام 2022.
أسعار الذهب محلياً
استمر الأسبوع الماضي في سوق الذهب المحلي بدون وجود تسعير في ظل امتناع تجار الذهب والخام عن وضع أسعار للتنفيذ، مما يجعل هناك تفاوت كبير في أسعار الذهب بين التجار وبعضها على حسب تحوط كل تاجر وكمية الذهب المتاحة لديه.
خلال الأسبوع الماضي كانت الأسعار الاسترشادية للتنفيذ في سوق الذهب حول المستوى 4000 جنيه للجرام عيار 21، واليوم نجد أن الأسعار تحت المستوى 4000 جنيه للجرام.
قام البنك المركزي المصري خلال الأسبوع الماضي برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس لتصل الفائدة على الإيداع إلى 21.25% وعملية الإقراض إلى 22.25% وسعر العملية الرئيسية عند 21.75%، ليشير البنك إلى استمرار ضغوط التضخم وارتفاعه عن المعتاد.
أشار المركزي المصري أيضاً في بيانه أن البيانات الواردة منذ اجتماعه الأخير في ديسمبر بما في ذلك بيانات التضخم جاءت أعلى من المتوقع، ليشير في توقعاته إلى استمرار الضغوط التضخمية واسعة النطاق لتؤثر على عمليات الاستهلاك والتسعير.
وبسبب غياب عمليات تسعير الذهب لم يتضح تأثير قرار البنك المركزي على سعر الذهب، ولكن في المقابل تراجع سعر الدولار في السوق الموازي خلال اليومين الماضيين، وهو ما قد يؤثر على سعر الذهب عند عودة التسعير.
بعثة صندوق النقد الدولي تواصل المناقشات مع الحكومة المصرية لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لقرض الصندوق والذي تشير الأخبار والتوقعات حالياً إلى ارتفاع قيمته من 3 مليار دولار إلى أكثر من ضعف قيمته.
وأشار صندوق النقد الدولي أن الحكومة أكدت على التزامها بالعمل الفوري على جميع جوانب الاتفاق، مع أهمية تعزيز الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات محدودة الدخل.
الآن الأسواق تتوقع حدوث تعويم في سعر الصرف سواء بشكل تدريجي أو حدوث تخفيض في قيمة العملة إلى مستوى محدد، وتشير توقعات المؤسسات العالمية إلى انخفاض سعر صرف الجنيه إلى المنطقة بين 45 – 50 جنيه للدولار.
من جهة أخرى صرحت مؤسسة جولدمان ساكس المالية أن التشاؤم بشأن السندات الدولارية المصرية أمر مبالغ فيه، وأنها تتوقع عدم تخلف مصر عن سداد أي من التزاماتها، وأن السوق يسعر السندات الدولارية المصرية بأقل من المفترض.
وفي سياق منفصل أعلن مجلس الذهب العالمي عن ارتفاع مشتريات المصريين من الذهب خلال عام 2023 إلى 57 طن مرتفعاً بنسبة 11% مقارنة مع مشتريات عام 2022 بمقدار 51.5 طن.
فقد ارتفع الطلب على السبائك والعملات الذهبية خلال العام بأكمله بمقدار 30.3 طن ذهب مرتفعا بنسبة 58% عن عام 2022 عندما كان عند 19.2 طن، بينما انخفض الطلب على المشغولات الذهبية خلال العام إلى 26.7 طن من عام 2022 عند 32.2 طن بنسبة انخفاض 17%.