الفجوة بين الاجيال تحديات وحلول

لكل عصر عاداته وتقاليده وأفكاره، التي تتغير مع مرور الزمن، مما يؤدي إلى اختلافات جوهرية بين الأجيال المتعاقبة. ونتيجة لذلك، تتسع الفجوة الفكرية والثقافية واللغوية بين الآباء والأبناء، مما قد يؤدي إلى صراعات وخلافات تنشأ من اختلاف طرق التفكير والإدراك بين الجيلين.
وهنا نتساءل لماذا تحدث فجوة الأجيال؟
تمر الأجيال بتغيرات سريعة، خاصة في مرحلة المراهقة، حيث تتشكل لديهم تساؤلات عميقة حول الهوية والمعنى والهدف من الحياة. في المقابل، قد يتمسك الآباء بأنماط تفكير تقليدية، مما يخلق مسافة بينهم وبين أبنائهم. ووهناك العديد الأسباب التي تؤدي إلى هذه الفجوة من أهمها:
الرغبة في نسخ مكررة من الأبناء، فيعتقد بعض الآباء والأمهات أن ما وصلوا إليه هو النموذج المثالي، فيسعون إلى تكرار تجربتهم من خلال أبنائهم، سواء عبر إجبارهم على السير في نفس المسار التعليمي أو الوظيفي، أو تحقيق أحلام لم يتمكنوا من تحقيقها بأنفسهم. كما أن عدم التسامح مع أخطاء الأبناء وميل بعض الأسر إلى فرض معايير صارمة، وعدم تقبل الأخطاء، في حين أن التجربة والخطأ عنصران أساسيان في نمو الأبناء وتطورهم. ولا يراعى الوالدين أحيانا ان إهمال استشارة الأبناء وعدم إشعارهم بالقبول وعدم منحهم فرصة التعبير عن آرائهم، يعزز شعورهم بالتجاهل وعدم التقدير، مما يعزز الفجوة بينهم وبين آبائهم. وقد يسئ الوالدين او أحدهما استخدام السلطة الأبوية بفرض القوانين الصارمة دون تفسيرها أو مناقشتها مما يجعل الأبناء يشعرون بالقيود بدلاً من الإرشاد، مما يؤدي إلى التمرد أو الانعزال. والطبيعة البشرية تميل الى المقارنات المستمرة فتبدأ مقارنة الأبناء بأقرانهم أو بآبائهم عندما كانوا صغارًا ويأتي ذلك بنتائج عكسية تضعف ثقتهم بأنفسهم، وتحدّ من تطورهم الطبيعي، وتجعل العلاقة بينهم وبين والديهم أكثر تعقيدًا. ومن الأمور الخطيرة في الوقت الحالي وراء السعي من أجل متطلبات الحياة أو سعيا لحياة أفضل أو رفاهية زائدة يؤدى الى الانشغال الدائم للوالدين في العمل مما يقلل من وقت التواصل مع الأبناء، وتكون النتيجة تآكل الروابط العائلية وزيادة الفجوة بينهم.
فإذا كان هناك فجوه بين الأجيال فلابد من بناء جسور للتواصل فإذا تخيلنا مثلا أن الآباء والأبناء يمثلون جبلين تفصل بينهما فجوة، فإن الحل ليس في تحريك الجبال، ولكن في بناء جسر يربط بينهما. وهذا الجسر يمكن أن يستند إلى الأعمدة أولها ينبغي ان نتفهم الوضع مع الاعتراف بوجود المشكلة وهي الخطوة الأولى نحو حلها، لذا من المهم أن يدرك الآباء الفجوة بين الأجيال موجودة ويجب العمل على معالجتها. ولابد أن يتدارك الى الأذهان ضرورة القبول فيجب أن يتقبل الآباء أبناءهم كما هم، دون فرض توقعات غير واقعية عليهم، وأن يسعوا إلى دعمهم ومساندتهم بدلاً من التحكم في حياتهم.
إن التواصل الفعّال بين الآباء والأبناء من خلال الاهتمام باهتماماتهم، والاستماع إليهم بلغة يفهمونها، والتفاعل معهم بشكل إيجابي أصبح من الضروريات لكي يبني الآباء جسور تواصل مع أبنائهم. مع منحهم الوقت القيم فقضاء وقت ممتع مع العائلة، مثل الاجتماع على مائدة الطعام مرة أسبوعيًا، يعزز الروابط العائلية ويحافظ على كيان الأسرة. وبالتالي سيكون هناك حوار بناء بين الآباء والأبناء مبنيًا على الاحترام المتبادل، حيث يُسمح لكل طرف بالتعبير عن رأيه دون التقليل من شأن الآخر. وقد يخال الوالدين أو أحدهما أن مشاركة الآباء لأبنائهم في بعض الأنشطة شيء غير لائق إذ يحطم علاقة احترام أبنائهم لهم ولكن حقيقة الأمر انها تعزز ثقتهم بأنفسهم وتقوي العلاقة بين الطرفين. وفى النهاية نقول إن الفجوة بين الأجيال أمر طبيعي، لكنها ليست مستعصية على الحل. من خلال بناء جسور التواصل والتفاهم، يمكن للآباء والأبناء تحقيق توازن صحي يضمن لكل جيل مساحته الخاصة، مع الحفاظ على روابط الاحترام والمودة التي تجمعهم.