الاختصاص القضائي في القانون المصري
بقلم الدكتور/ سعيد فتوح النجار
دكتوراه في قانون المرافعات، جامعة المنوفية
يستحيل أن تباشر محكمة واحدة الولاية القضائية في الدولة، فتنظر كافة المنازعات في جميع أنحاء الدولة الواقعة بين جميع الأفراد، وأيًّاما كان نوع تلك المنازعات، فيستلزم تجزئة تلك الولاية إلى أنصبة، بحيث يكون لكل محكمة نصيب من هذه الولاية، وهذا النصيب الممنوح للمحكمة من ولاية القضاء هو اختصاصها
ولكي يكون العمل عملًا قضائيًّا لا بد أن يكون داخل نطاق الولاية القضائية للقاضي، فإذا تجاوز القاضي حدود ولايته القضائية؛ فإن حكمه يكون منعدمًا، ولا يحوز أي حجية، كالحكم الصادر في عمل من أعمال السيادة والحكم الصادر ضد أجنبي لا يخضع لولاية القضاء الوطني، فهي كالأحكام الصادرة من غير قاضي فتكون هي والعدم سواء.
أما إذا أصدر القاضي حكمًا خارج اختصاصه، ولكن في حدود ولايته القضائية؛ فإن هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي؛ حيث إنه صدر من قاضي ذي ولاية، إلا أن هذا الحكم يشوبه عيب عدم الاختصاص، ويمكن الطعن عليه بالطرق القانونية المقررة بالطعن عليه، والدفع بصدوره من محكمة غير مختصة، فإذا استنفدت طرق الطعن أصبح الحكم نهائيًّا.
وإن كانت ولاية القضاء في مصر تقسم على جهتين رئيستين، هي جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري، إلا أن المشرع قد يلجأ إلى إنشاء جهات خاصة على سبيل الاستثناء، ومنحها نصيب من ولاية قضاء الدولة، كاللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي، أو المحاكم الخاصة ذات الولاية المحدودة.
ويتم توزيع الولاية القضائية على المحاكم في عدة صور، فقد يعتمد اختصاص المحاكم على أساس نوع القضية ذاتها بحيث تختص المحكمة بنوع معين من القضايا دون غيره، وهذا هو الضابط النوعي للاختصاص كاختصاص المحكمة الجزئية بدعاوي قسمة المال الشائع طبقًا للمادة (836) من القانون المدني واختصاص المحكمة الابتدائية، بنظر دعاوي الإفلاس والإعسار المدني.
وقد يعتمد تحديد الاختصاص القضائي على أساس النصاب القيمي للحق المطالب به، ولا تكون المحكمة مختصة إلا في حدود هذا النصاب، وهذا ما يعرف بالاختصاص القيمي.
وقد يعتمد الاختصاص على أساس مكاني بحيث تكون المحكمة مختصة بنظر القضايا الرابطة بينها وبين هذه الدائرة الإقليمية صلة معينة كالدعاوي العينية العقارية ودعاوي الحيازة؛ حيث ينعقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار، طبقًا للمادة (50) من قانون المرافعات، وهو ما يعرف بالاختصاص المكاني.
وتوزيع الولاية القضائية على جهتي القضاء الرئيستين: (القضاء العادي والقضاء الإداري)، وعلى الهيئات والمحاكم الخاصة الممنوح لها نصيب من ولاية القضاء يعرف هذا التوزيع بالاختصاص الولائي.
وقد منح المشرع المصري المحاكم المصرية نوعًا من الولاية القضائية لنظر المنازعات والقضايا ذات العنصر الأجنبي في نطاق العلاقات الخاصة الدولية، وهو ما يعرف بالاختصاص القضائي الدولي. فالقضاء المصري يمارس نوعا من الولاية القضائية على الأجانب، تلك الولاية القضائية على الأجانب ممنوحة له ويمارسها بموجب الاختصاص القضائي الدولي، أي: نظر القضايا ذات العنصر الأجنبي.