هبة قاسم تكتب :مابيني وبين نفسي
النفس هي تلك الروح التي تسكن الجسد وقد فسرها كثيرا من العلماء أنها ذلك النشاط الذي يميز الكائن الحي ويسيطر على حركاته والبعض قال عنها هي تلك القوة الخفية التي يحيا بها الإنسان، فحينما يختلي الإنسان بنفسه لايعلم مابينهم الا الله وحده وأما ان تكن الملائكة بقربهم او يكن الشيطان رفيقهم.
وبحسب ماجاء في القرآن الكريم واوضحه المفسرون ان هناك ثلاث انواع من النفس البشرية.
النوع الأول : نفس أمارة بالسوء، وهذا هو الأصل في النفس أنها أمارة بالسوء تريد الشر وتطيع الشيطان، وتتبع هواها يسهل عليها فعل المحرمات والشهوات ويصعب عليها فعل الطاعات والواجبات، فتحتاج من صاحبها إلى مجاهدة ومرابطةٍ ومصابره حتى تطمأن وترجع الي الله عز وجل
النوع الثاني: نفس لوامة، فالنفس اللوامة التي يحصل منها الشر والسوء ثم تندم وتلوم صاحبها حتى تحمله على التوبة إلى الله وهذه أحسن من الذي قبلها، ولهذا أقسم الله بها فقال سبحانه:( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).
والنوع الثالث: نفس مطمئنة ارتاحت إلى طاعة الله وطمأنة بذكر الله وتلذذت بالطاعات ونفرت من المعاصي فهذه التي ينادي عليها يوم القيامة(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي)، وهذه النفس قد أعان الله صاحبها عليها في الدنيا فألزمها طاعته ونهاها عن معصيته،
و قد يختلي الانسان مع نفسه او مايسمى بذاته ليراجع أموره وحساباته سواء العملية او الاجتماعية وحتى العلاقة الربانية بينه وبين الله، فليس من السهل ترويض نفس متمردة وليس من الصعب أيضا ومايفرق بينهم هو التقرب من الله، فالنفس التي يصاحبها ضمير يقظ دائما ماتخطئ وتعاود التصحيح اما النفس التي مات ضميرها انعدم منها الاحساس لكل مايدور من حولها.فتزداد كل يوم سوء عن ذي قبل.
ونري ان البعض منا قد تعود علي محاسبة ومراجعة ما فعلتة نفسة طيلة يومة اثناء فترة الليل وبالاخص وقت نومة ليحاور نفسة بما فعلة من افعال صائبة كانت او خطأ فيعود تصحيح مسار يومة للأصح ومعالجة ما تم منة من خطأ وذلك استعدادا منة لبدايات افضل مع نفسة ومع من حولة ايمانا منة بان خير الخطائين هم التوابون. كما قال الله تعالة بكتابة الكريم بسم الله الرحمن الرحيم
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} }[آل عمران: 135-136].
وللأسف اغلب البشر الان لايقصدون تلك الجلسات بسبب انهم أصبحوا غارقين في النوم المظلم المتوج بالظلم ليل ونهار حتى غرتهم الدنيا بمتاعها المزيف، فنسوا الله فأنساهم أنفسهم وكما قال الله تعالى بسم الله الرحمن
إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد/11.
تري هل خلقت النفس لتهذبنا ام خلقنا نحن لتهذيبها قبل أن تنعطف للسوء، فلن ياتي تهذيب النفس واستقامتها الا بتقوي الله وحب الاخرة، التي هي حياتنا الأبدية التي سننعم بها بفضل رحمة الله والعمل الصالح والايمان بالله ورسوله واليوم الاخر.
فما أصعب النفوس التي قد سحرتها الدنيا بسحر أشد من سحر الملكين هاروت وماروت الذين علموا البشر السحر و حذروهم بأنه فتنه حتى لا يكفرون بالله ولكن نفوسهم الضعيفة تغلبت عليهم وجعلتهم ينصتون لتعليم الاسحار الخبيثة، فتعلموا أشد وافتك انواع السحر، وهو التفريق بين المرء وزوجة وكل ذي صلة رحم، فخاب حقا من سار وراء نفسه واهواها.
ولكن مازال الأمل موجود طالما الروح تسيري بالجسد والقلب يطلق نبضاته، لكي نيقظ أنفسنا ونحاسبها قبل فوات الاون و قبل أن تشهد هي علينا يوم الموقف العظيم وتتبرا من فواحشنا
فالنبي صل الله عليه وسلم قال للصحابة عند رجوعهم من الغزو: (رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر)، قالوا: وهل هناك جهاد أعظم من جهاد الكفار؟ قال: (نعم . جهاد النفس)