عش بقلبٍ أخضرٍ…! بقلم - محمد عبدالعاطي دهشان
لقد قيل اذا انتعشت الروح تعافى الجسد, واذا حزنت الروح مرض الجسد, فجسدك إذن هو انعكاس لروحك ولفكرك ولباطنك ولعقلك,
فاحرص كل الحرص على سلامته فالقلب يشرق الوجه وينور بصيرته, فالسعادة قرار والغضب قرار, نمر بحياتنا بصعاب جسيمة تؤلمنا حتى الطرقات القديمة التي نعبر بها يؤلمنا جدرانها وشروخها المتصدعة وربما رائحتها العتيقة لأنها ما زالت راسخة في قلوبنا التي باتت شبه محطات الوداع التي تلوح بها كفوفنا, ويؤلمنا حتى كلام البشر فنغوص ببحر الكلمات ونحلل لماذا قالوا ولماذا فعلوا ذلك!
القلب له أحكام وأشكال يفرح تارة فنقول «قلبى هيقف من الفرحة» ويخاف ويتوتر تارة أخري فنقول «هنموت من الخوف» فيحزن فنقول «قلبى انكسر” فقد نجد قلب مشروح و قلب مجروح و قلب مذبوح ، قلب رحيق و قلب سحيق ، و قلب حريق و قلب غريق ، قلب منقوع وقلب مفجوع ، قلب سليم و قلب عليل وقلب سقيم، وقلب فياض و قلب جياش ، وقلب مغرور و قلب مسرور, وفي كل الحالات يدفع القلب فاتورة الحالة النفسية لكل إنسان, ولهذا قال عالم القلب العالمي الدكتور مجدى يعقوب: «السعادة تطيل العمر.. والحزن يقصر العمر, وقد ينفجر القلب من الحزن..
افعل جميلاً بلا مقابل وأعلم انه من يوزع الورد على الآخرين فإن بعضًا من عطر الورد سيلصق بيديه, وتقبل الآخرين كما هم وعلى ما هم عليه بلا شروط, فاذا آلمك كلام البشر فلا تؤلم نفسك ثق فقط بالله ومن ثم بنفسك طالما هم بشر مثلك فليس لديهم سوى ألسنتهم, فهم لا يملكون نفعا ولا ضرا فلا تعط الأمر أكبر من حجمه وتمتع بالحياة, وتعايش وتقبل حالاتهم وقدراتهم وتعامل معهم بلطف ومحبة بدون قسر أو تعنيف وافتح نوافذ قلبك لان القلب العامر بالمحبة يشرق ويلمع فابحث في الزوايا وفي دروب الحياة عن أية فرصة تسعد بها نفسك بلا كلل ولا ملل, واجعل جل اهتمامك لأي شيء مهما كان بسيطا ما دام يضفي على دنياك الجمال والحسن والبهاء.
فلا تهمل القيام ببعض الأعمال الصغيرة إذا كانت تضيف على الحياة لمسة إنسانية وتجعلها أجمل, وعش راضياً بأبسط الأمور وتقبل تضاريس جسدك وتقبل الناس على اختلاف الوانهم واشكالهم لأن جوهر العيش بالتقبل والامتنان وهو غاية الحكماء في عيش حياة طيبة ,وتقبل لحظات الخسارة مثلما تتقبل لحظات الفوز واعلم أن الأشياء الكبيرة ماهي إلا تراكمات من صغار الأشياء ولولا السواقي لما كان هناك أنهار, وعش ممتناً بما تهبه لك الحياة حتى لو كانت نعما صغيرة, وأكرم أصدقائك وأقربائك وأحبابك سراً ولا تهمس مع نفسك منتظرا رد الجميل, فالكلمة الطيبة والعطاء هما أجمل الهدايا و أقلها سعراً.
أصحاب القلوب الخضراء هم أول من تلمحهم عيناك عند انكسارك, ينتشلونك بغرقك ويمنحونك أنفاسهم عند الاختناق, فهم كالعملة النادرة في زمن القلوب الملونة لا يجيدون التخفي وارتداء الأقنعة, تجد محياهم يرتسم على وجوههم فلمعه اعينهم صادقه وقلوبهم ناصعه البياض مثل براءة الأطفال, يسهمون في بناء مدن الحب والفرح والبهجة لمن حولهم يتحدثون بصوت مليء بالنقاء والصفاء والصدق والحلم يتمسكون بالبدايات ويرفضون النهايات ولهم خارطة أحلام شاسعة بلا حدود, فلا يلمحون اللون الاسود في حياتهم ولديهم القدرة على التسامح والانسانية السامية بلا حدود لانهم يعيشون الحياة الحقيقية, فعش وأنت تملك قلب أخضر طاهر محب حنون متفاهم حنون عطوف وعش بقلب يضم الكثير من الاحباب دون تفريق وابتسم بقلب نقي لا تجرح قلوب المحبين ولا تغدر الطيبين ولا تتجاهل قلوب الاوفياء المخلصين ولا تظلم وتعيش وانت ظالم وقاسي والناس تخشي من ظلمك ولا تعش قاسي تجرح ولا تبالي ولا شرير حاقد حسود أناني واستغلالي لأنك في النهاية ستجد نفسك وحيدا لا أحد يريد قربك وودك ولا تعيش وأنت والشيطان في روح واحده و تصير مثله أو أحسن منه, ولكلمة طيبة تخرج من لسان محب وتستقر في قلب محب لهي أفضل من كل هدايا العالم وكنوزها, ولروح تنبض بالخير لكل من حولك بنية صافية لهي لحظة تشفيك من كل أمراض القلق والحسد والوحدة والكآبة, فالحياة أوسع من أن نقضيها بالهموم والدموع والخلاف والمشاحنة, والقلوب أطهر من أن نلوثها بالكره والضغينة وسوء الظن والشر بكل ألاعيبه وأكاذيبه, فعش ما تبقي لك من عمر طاهر الروح كرامتك دائما مرفوعة مصانة, وطنك هو حبك وهمك وظلك, واحترم ذاتك وشخصيتك وحافظ عليها واهتم بها ففي جوف قلبك يكمن عالمك ! ابق هناك في ذلك اللّب وانغمس في حلاوته وتنفس شذاة, واحتضن في قلبك من يستحقون أن يكونوا معك في كلّ مكان من يمنحونك الودّ الأنيق والاحترام الدافئ، من يجعلونك ترى الحياه بضوء مختلف , ولا تسخر من روحك لأنها بمثابة الخطوط الحمراء في حياتك والسور الذي يحميك, واحرص على سكينة قلبك فهي حصنك الحصين تكن أجمل !