من سمات أعمال الدراما التاريخية والدينية أنها تأخذك لمنبر حب الفصحي، في الحديث والإنفعال وكذلك في الجد والهزل، مما يأثر القلب خطوة تجاه لغتنا العربية الفصحي. والتي بفعل الزمن وإستخفاف الناس بها حولت لعامية دارجة غير منمقة ولامتزنة، مما جعلها مصنفة للهجات، وخالطت تلك اللهجات لغات أخري فأصبحت عامية مستشرقة تضيع رونق الفصحي وملامحها المهذبة. بادئ ذي بدأ كانت لغة فصحي مثقلة وراكزة وبمعاني وافية وكافية كالتي نراها في الشعر الجاهلي وعند بداية الإسلام، وقتها كان منبر الحياة هو اللغة العربية الفصحي، وكان السباق في التفنن فيها والتلاعب بألفاظها في حدود المزايدة والترفع بها لا التقليل منها وإستبدالها بما يغاير معايريها الثابتة المعروفة. وكان سوق عكاظ شاهداً علي كل محدثةٍ سجعية او لغوية او إستعارة مكنية جاءت لتزيد الفصحي خلابة وجمال. كما كان جرماً عربياً الخطأ في حيثيات اللغة من حيث رفع الفاعل ونصب المفعول، والمبتدأ بخبره وكان وحاشيتها من إخوة وكل قواعد وشذوذ القواعد التي لامحل للغة دونهما. فكان النحو نهج حياة والفصحي أسلوب تلك الحياة مما جعلهم أقوي العصور رغادةً في عوالم لغتنا العربية الفصحي. فجأنا نحن نمحي كل ذلك التراث اللغوي ونحوله لمجرد محادثات بالية من الردائة والدنو، تخلو من كل أصول اللغة، وتخالف كافة المعاني والمفاهيم. بإختراعنا للعامية وجعلها أسلوب تخاطبنا، وطرق تواصلنا ومايزيد الأمر سوء هو خلط العامية باللغات الأخري ليخرج منها لغة ثالثة لاعلم لنا بها. فإختراعنا "الفرانكو" وإستبدلنا فيه حروف لغتنا المصونة بحروف لغة أخري لتعطي معاني لغتنا، والله؛ شاهداً علي هذا الجرم الكبير، فكيف هذا يا أمة إقرأ؟!، وادخلنا علي العامية مداخلات أخري زادت الطين بلة كما يقال فجعلت اللفظ أو الكلمة لا أصل لها ولاحتي محل من الإعراب. وبهذا ضاع الحديث وأصوله وضاعت اللغة وتأثرت وبدأت في التلاشي شيئاً فشيئ حتي وصلنا لمراحلنا التي نحن فيها، ركيكين في لغة القرآن، بعيدين عن قواعد الصرف والنحو، في محلاً بعيد عن الإعراب نعيش، ولا نري تلك اللغة سوي تراث كان يزاوله القدامي فيكون لنا مجرد ماضي.