أنباء اليوم
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:41 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي
وزير الرياضة: لن نتخلى عن أبناء محمد شوقي لاعب كفر الشيخ وسندعم زوجته صندوق النقد الدولي: مصر تنفذ إصلاحات جوهرية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي نبذه عن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير ” محمد الشناوي” ”أصالة” تروي أولى ”حكايات الطرب” في موسم الرياض محافظ الوادى الجديد: انطلاق أول ”سباق هجن” محافظ الجيزة يقود حملة لمنع الإشغالات والتعديات للمحال والمنشأت التجارية البرلمان العربي يدين تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بضرب جمهورية العراق وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى الكونجو الديمقراطية في زيارة ثنائية الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب يكرم وزير التموين بجائزة التميز والانجاز المصرفي العربي للعام 2024 وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ البحيرة تنفيذ المبادرة الرئاسية” بداية جديدة ” خمس لاعبين يتنافسون علي أفضل لاعب بالشهر في الليجا وزير الثقافة: نحرص على الحفاظ على مقتنيات الفنان أحمد زكي وعرضها بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث قريبًا

حقيقة العائن والمعيون!! .. بقلم - هبة قاسم

من المؤكد أن العين والحسد حق لا شك فيهما، وقد أثبت صحة وجودهما بالكتاب والسنة، والكثير مصابين بسببهم بأضرار عديدة ربما تصل للهلاك والدمار النفسي والجسدي ولكن قد يغفل البعض عن التفريق بينهم وأن العين أشد فتكاً بالإنسان من الحسد، رغم أنهم متشابهين في الأضرار وإن اجتمعا الإثنين معاً فالله يكون بعون العبد.

فالحسد تقع اصابته عند غيبة المحسود أو عند حضوره والحاسد دائماً يحمل بقلبه كره وغل وحقد لمن يحسده حتى أنه يتمنى زوال النعم منه حتى قبل حدوثها.

اما العين ويسمي صاحبها عائن فتصيب الشخص وقت حضوره وبواقع حدوث النعم عليه ورؤيتها؛ فإيذاء العين ياتي غفلة فيكون لها تأثير وأضرار بالغة تصيب المعيون لذلك وجه النبيﷺ العائن أو أي شخص يري مايعجبه أن يبادر بالدعاء بالبركة بقول: "اللهم بارك" أو "بسم الله ماشاء الله" ، فنظرة العائن نظرة إعجاب وتحديق ترشق بالشخص كالسهم المسموم مالم يذكر اسم الله وأحياناً كثيرة تكون العين مصحابة بحسد أي ينظر العائن بالعين نظر باستحسان مشوب بحسد..

لذا فإن تأثير أضرار الحسد أقلّ من تأثير العين، فقد أوضح علماء الدين أن الحاسد أعم أما العائن فهو حاسد خاص لشخص بعينه أي كل حاسد عائن، وليس كل عائن حاسد، ولذلك جاء ذكر الإستعاذة فى سورة الفلق من الحاسد فإذا استعاذ المسلم من شر الحاسد دخل فيه العائن، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته..، كما ذكر الله الحاسد في كتابه مقروناً بالشر فقال تعالى: {ومن شر حاسدٍش إذا حسد}.

وقد نجد بعض أصحاب العين لايشعرون أن أعينهم تصيب بأضرار عديدة والآخر منهم يعلم أنه قادر علي الرشق بالعين ووقوع أذى وأضرار فيتعمد التحديق والنظر فكان رأي الفقهاء رحمهم الله فيهم أن مَن عُرف بالعين، أي من يعلم حقيقة عينه بالضرر ويؤذي الناس ، فإن ولي الأمر يأمر بحبسه، ويجري له ما ينفق عليه إلى الموت.. قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا هو الصواب قطعًا" لتلاشي الأضرار والمصائب التي تصيب المجتمع من إهلاك الأنفس، وهدم الأسر والبيوت.

فقد صدق النبيﷺإذ يقول: «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين» رواه البخاري
، وقد شبّه النبيﷺ العين بآلة القتل والنظرة الصادرة منها بالقتل بقوله علام يقتل أحدكم أخاه»؟
وقال ﷺ العين: «تورد الرجل القبرَ، وتُدخل الجمل القدر»
و«العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استُغسلتم فاغسلوا» رواه مسلم في صحيحه.
كما يقول الله عز وجل لنبيه: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) [القلم: 51...أي يعينونك بأبصارهم. حيث أكد ابن كثير رحمه الله: إن هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حقٌّ بأمر الله عز وجل" .

ورغم أن العين حقاً ثابتاً بالقرآن والسنة إلا أن هناك البعض يستنكر وجودها والبعض يستخدم العين والحسد شماعة يعلق عليها قلة حيلته وتقصيره وهنا يجب أولاً الأخذ بالأسباب قبل أن نرمي التهم على العين والحسد ونصاب بالهلع وهواجس العين اصبحت مسيطرة على أغلب الأذهان البشرية، وأن كل وعكة أو بلاء أو نكسة تصيب النفس هي عين أصابت الجسد !! وما يؤكد ذلك هو انتشار منشورات عن العين والحسد علي مواقع التواصل الإجتماعي تدل علي أن صاحبها معيون ومحسود وكثرة الشكوي والاعتقاد طيلة الوقت بالاصابة بالعين .

فهل من المعقول أن الناس جميعها أصبحت في آنٍ واحدٍ معيونة ومحسودة !!؟؟
بالطبع لا...فالأخذ بالأسباب أمر واجب أولاً، فالله تعالى هو خالق الأسباب، وهو الذي جعل لتلك الأسباب مسببات، وهو قادر على أن يمضيها، ويمنعها، فلا يقع شيء في الكون إلا بعلمه، وإرادته ولا يخرج شيء عن قدرته وإرادته... وما علينا كبشر إلا السعي والإجتهاد للأفضل ومجاهدة النفس بالايمان بالله، ففي الكثير من الأحيان يكون العيب والتقصير وجلب العين نحن السبب فيه وليس أعين من حولنا، وذلك بكثرة التباهي والتفاخر بنعم الله دون مرعاة شعور من هم أقل منا نعماً أو حظاً، والبعد عن الله وحسن عبادته والإستسلام للكسل واليأس واتباع أهواء الشيطان هما اهم أسباب الحزن والإكتئاب وعدم الراحة التي يعاني منها الكثير وليس كما يظن البعض أنه معيون او محسود.

والوقاية من العين والحسد لهما طريقتين هما: طريقة شرعية، وطريقة قدرية، الطريقة الشرعية أن يقرأ الشخص على نفسه ويحصن نفسه وأولاده بآيات القرآن كالفاتحة وآية الكرسي، والإخلاص والمعوذتين، وغيرها من آيات القرآن، وكذا أذكار الصباح والمساء والأدعية النبوية الثابتة عن النبيﷺ حيث كان يعوذ الحسن والحسين بقوله: «أعوذكم بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن عين لامة» هكذا كان يعوذ إبراهيم عليه السلام إسماعيل وإسحاق عليهما السلام».
وكرقية جبريل للنبيﷺبقوله: «بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، وَمَنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أوَ عَيْنٍ حاسد، اللَّهُ يَشْفِيكَ، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ»
والاغتسال من طرق العلاج التي شرعها الله وقال النبي ﷺ «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استُغسلتم فاغسلوا» رواه مسلم في صحيحه.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ " رواه أبو داود، وصحح إسناده الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة .

اما عن الوقاية القدرية المقصود بها أن يحتاط الإنسان في لباسه وكلامه وحياته الشخصية وفي الشيء الذي يميزه عن غيره، فلا يظهِره للناس على أكمل وجه، . وعدم وضع التمائم بكافة اشكالها والايمان بها لأنها تعد شرك بالله.

أيها العائن اتقِ الله وادعوا الله لنفسك ان يُذهب من قلبك الحسد والنظر بيد غيرك وأن يطفئ نار إعجابك بالشيء واذكر الله دائماً، وادفع بنفسك شر عينك انت وغيرك بقول: "اللهم بارك عليه وبسم الله ماشاءالله" ولتكن لسانك دائماً حتى تعتاد عليها كالأكل والشراب وتكن حاجب بينك وبين أذى الناس، فكم ثناثرت جثث بالقبور وتهالكت أرواح وأجساد وتعطلت نعم جراء أعين لاتذكر الله ولا ترتضي بما آتاها الله من فضله.

ولنجتهد جميعاً كأفراد بالمجتمع لنصحح علاقتنا مع الله وبعضنا البعض قبل فوات الأوان، وألا نشغل أنفسنا بغيرنا وبما يملكون وبحياتهم الخاصة، ويكفينا أن ننشغل بأنفسنا ومايخصنا وبذكر الله وحسن عبادته ولنتأدب جميعاُ في معاملتنا اليومية مع بعضنا وننزع الحقد والحسد من أنفسنا ونزرع مكانهم نعمة الرضا ومحبة الخير للغير والقناعة بأن الله ليس بظالم للعباد وأنه مقسم الأرزاق والنعم كلاً بما يستحق... وندعوا اللهم أشغلنا بك عماً عاداك، وبذكرك عماً سواك..

جعلني الله وإياكم مما ذُكر فنفعته الذكرى
واسأل الله العظيم جل وعلا أن يكفيكم ويكفينا من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل عين لم يذكر صاحبها اسم الله.