سلاح ( الهاسبرا ) و تسميم العقول و اختراق الوعي الوطني!!!
بقلم - سهير البحبوحي
مع احتدام الصراعات و ازديادها في منطقة الشرق الأوسط و كيف من الممكن ان تؤدي الي جر المنطقة لحرب إقليمية واسعة او ان تتحول لحرب عالمية ثالثة نظرا لتواجد اساطيل و بارجات و حاملات طائرات أمريكية و أوروبية بالبحرالاحمر و المتوسط بدأ الحديث مجددا عن سلاح الهاسبرا و الانهماك و تعظيم و توسيع الدور الذي يقوم به هذا السلاح .
وهنا يأتي السؤال ما هو سلاح الهاسبرا؟
الهاسبرا هو أخطر أسلحة إسرائيل في إدارة الصراع و منهجية المواجهة الذكية و دور النخب علي مستوي العالم في التأثير علي صناعة الرأي العام لدعم كل ما يؤيد الرواية الصهيونية و مواجهة الحكومات و المنظمات المعارضة للتوسع الاستيطاني للدولة العبرية و اسكات أي صوت يتصدي لها خاصة في القضايا الاستراتيجية و بعيدة المدي.
و التي كانت من الأهمية بحيث أنشئت لها وزارة خاصة بالشئون الاستراتيجية و ترصد لها ميزانية سنوية تقترب من 50 مليون دولار واغلب من يعملون بها ضباط سابقون في المخابرات الإسرائيلية و كتاب أعمدة الرأي في الصحف المرموقة و اكثر الإعلاميين شهرة .
و في هذه المرحلة تتولي الهاسبرا التابعة لوزارة الشئون الاستراتيجية الصهيونية الحملة المضادة لمحاولة نزع الشرعية عن إسرائيل و وظيفتها احتلال عقول النخب و برمجة العقول لكل ما يصب في مصلحة الكيان الصهيوني و لديها خطط للاعتماد علي المصادر العلنية و السرية مقسمة الي ثلاث دوائر , الدائرة الأولي تعرف باسم دائرة "جمع المعلومات" الاستخباراتية و ادواتها التقنية , و الثانية دائرة " التوعية" أو الاتصال و النشر عبر وسائل اليكترونية و مهمتها التأثير علي وسائل الاعلام و شبكات التواصل الاجتماعي الدولية , و الثالثة هي دائرة "العمليات" و الهدف منها تنفيذ الخطط و الأفكار .
ولقد تم الكشف في عام 2016 عن سر استخدام القوة الناعمة الهيونية و بالأسلحة الثقافية و بالأدوات الأستخبارتية و الأعلامية و الفنون المختلفة و التوثيقية و المسرحية و السينمائية و الروائية علي نحو يهدف الي تبيض سجل المجرم و اختراع البطولة و تحويل الجندي الصهيوني القاتل الي ضحية و بطل اسطوري لابد منه في الشرق الأوسط الاستبدادي و شيطنة الضحية و تشويه و تجريم المقاومة و الدفاع عن المقدسات و الأرض و العرض .
و تقوم " الهاسبرا" بتدريب أقلام صحافية و شخصيات ثقافية و نقابية و فنية و رياضية و أدبية علي مستوي العالم لتأدية دور في غسل الدماغ البشري و برمجة العقول للرأي العام و ممارسة شتي الحيل الترويضية و اللغة المقنعة و المنطق التبريري الذي تتميز به "الهاسبرا" مثل ان ارتكاب " إسرائيل " لمجازر صبرا و شاتيلا و مجزرة دير ياسين و غيرها و الان ما تقوم به من مجازر و إبادة للشعب الفلسطيني بغزة و الضفة الغربية علي انها دفاع عن النفس و كل من يعارض هذا يتهم " بمعاداة السامية " و استخدام هذه الدعاية القديمة الجديدة لمواجهة كل انتقاد أو ادانة بالتلويح بكراهية اليهود و هي طريقة للضغط علي المجتمع الدولي و الرأي العام العالمي و هذه الطريقة شبيهة بالابتزاز السياسي و الإرهاب الفكري ضد الأوروبيين و العرب خاصة المقيميين بأوروبا و دول الغرب حتي لا يكون هناك حراك سياسي او إضرابات تصب للصالح الفلسطيني .
و يأتي السؤال هل هناك من "هاسبرا مضادة " هل يوجد استراتيجية ذكاء ثوري في سبيل توعية وطنية تعمل علي انهاء دور الثقافة المعاقة التي تسعي لانتاج الفراغ و الامية و فتح نافذة في جدار الجبهة الثقافية كي تمر الهزيمة او تمرر الرواية الصهيونية الملفقة .
و يأتي الجواب بنعم هناك " انتي هاسبرا" او العبقرية الثقافية و الثورية و التي تحمي و تصون و تحفظ ارثنا و حكاوينا عن الأرض و ما دفع و بذل فيها من دماء شهدائنا و أبنائنا و اهالينا خاصة عندما نقرأ بدقة منهجية تفكير العدو للاستيلاء علي كامل الااضي و تهديد الأمن القومي يصبح وجودها ذا أهمية قصوي لكن الأهمية تستدعي أولوية البدء بمحو الأمية الثقافية التي خلفها غياب المشروع الثقافي العربي و هو بحجم الحاجة الملحة لثورة جديدة أو استراتيجية جديدة لتأصيل القومية العربية و الاصطفاف جنبا الي جنب و يدا بيد للقضاء علي المفاهيم المغلوطة عن اختلاف اللغة و المفاهيم و لغة المصالح لمواجهة الهاسبرا الصهيونية كي نعيد الأرض التي هي آرثنا و أيضا الوقوف ضد الخديعة الفكرية التي تتكيء علي استخدام اللاسامية بالوثائق التوثيقية الفنية و الأدبية و الإعلامية و الثقافية و ليس السياسية فقط .
و كما قال محمود درويش : "من يكتب حكايته يرث ارض الكلام و يملك المعني تماما"
و في النهاية فالحرية في قول الحقيقة هي التي ستجعلنا نمتلك قوة الحق و ان نسمي كل الأشياء بمسمياتها حتي لا يختلط العدو بالصديق و العمل علي الا يوجد نافذة علي الاطلاق لتزوير الحقيقة و تدمير التاريخ ماضيه و حاضره و طمس الهوية و ازهاق روح الحرية ," فالحقيقة و الحرية " صنوان لا ينفصلان فالحرية تعني أن تمتلك كامل الحرية بقول الحقيقة و ان تكون مقاوما لمن يجبرك علي قول الخطأ و ان تكون مقاوم ضد الكذب و ان لا تستلم للخديعة أو ان تكون صامتا عنها او مروجا لها من خلال البرمجة الفكرية و اللغوية و النفسية فالمسألة ليست فقط يأحتلال الأرض بل احتلال العقول و نشر ثقافة الدونية و الخنوع كبديل للثقافة التحريرية و امتلاك حرية الرأي و القرار و ان نعمل جميعا علي صد اختراق الوعي الوطني و منع تمييع الثقافة و فرض ثقافة التطبيع و الهزيمة و الاستسلام و الوقوف صف واحد لمنع طمس الثقافة الشعبية و الهوية العربية و حل سوء التفاهم بين المجتمعات العربية و انتهاج استراتيجية وطنية عربية جديدة و استعادة الترابط الاجتماعي و استعادة الرموز البطولية للكفاح الشعبي و انعاش الهوية الوطنية .