قائمة المنقولات جدل وانقسام ما بين الإلغاء والتوثيق
ورقة عرفية استقر المصريين على كتابتها ، قد تجمع زوجان ، أو تنهي حب ، بل و تتحكم في مصير إثنين أرادوا البقاء معا ، ورقة .. ، تُبني عليها آمال وأحلام ، أو تنهار في لحظة ..وما زال المجتمع المصري يتداول موضوع «قائمة المنقولات الزوجية ما بين مؤيد ومعارض ، وأصبحت شغلاً شاغلاً للكثير من الشباب والآباء ، حيث جرى العرف عند إتمام الزواج أن يتفق العريس مع أهل العروس على قائمة ، يدون فيها جميع المشتريات التي اشتراها كلا منهما ، بحيث تصبح بمثابة عقد بين طرفين ، يقر فيها الزوج حق من حقوق الزوجة وضمانة لها ، بتسلمه ما دوّن بها ، حيث تعتبر عقداً يعاقب القانون المصري على خرقه بالسجن ، ويكون تصنيف التهمة تبديد المنقولات .فيما يرى البعض الآخر ، ضرورة تفادي التلاعب الذي يتم من خلال تلك الوثيقة ، برفض التوقيع عليها ، أو بتحمل العريس جميع تكاليف تجهيز عش الزوجية كاملاً ، على أن يدفع لها صداقها كما هو مقرر في شريعة الإسلام .
يقول "محمد عمر" مهندس : «قائمة المنقولات ماهي إلا ورقة لا تمنع الرجل من الطلاق ، ولكن تسمح بالاستغلال من قبل ضعاف النفوس ، وهناك أشخاص ليس لهم مرجعية دينية أو ضمير .
وأضاف : يجب إلغاء تلك الورقة ، بتجهيز الرجل منزل الزوجية دون الرجوع للزوجة ، وإعطائها مهراً كما حدد الشرع .
يقول آخر "عمرو هاشم" نائب مدير أحد الشركات : «الأب الذي يتنازل عن حق ابنته ، فهو يتنازل عن حق ليس من حقوقه ، ويعد ظالماً لها ، فعند الخلاف يغيب الحق كما يغيب الحب والإحترام ، فلا مجاملة في ذلك ، فالتنازل عن الحق من علامات الضعف ، وإذا حدث مكروه هل يضمن الأب لها أنها لن تشرد هي وأبنائها؟
بينما تصف "رضوى محمد "معلم مواد فلسفية: القائمة بأنها «ضمان لحق الزوجة إذا تعرضت للظلم ، وإذا أجبرتها الظروف على الإنفصال ، ولابد من إثبات حقوق الزوجة ، وخاصةً وأنها تشارك مع الرجل في كل شئ ، وأحياناً بالنصف ، وقد تتغاضى أيضا عن شبكتها مقابل خاتم الدبلة .
بينما تشير "منة حسن" موظفة : «إننا بصدد موضوع يهدد إستقرار المجتمع ، لما يعكسه من صراعات بين الأزواج وكذلك الأهل ، وتعد من المشاكل العويصة التي تواجه القضاء المصري ؛ نظراً لسوء استخدامها وغياب الوازع الديني لدى البعض ، ولكن أنا من مؤيدي كتابة قائمة المنقولات بلا زيادة أو نقصان كضمان لحق المرأة.
صارت حالة من الجدل والإنقسام حيال هذا التقليد في الشارع المصري ، لذلك تحدثت «جريدة أنباء اليوم المصرية» إلى الشيخ «خالد القط» من علماء وزارة الأوقاف والذي قال : «إن قائمة المنقولات أمر تقره الشريعة الإسلامية نظرا لما يترتب عليه من ضمان لحقوق الزوجة ، صحيح هو أمر استحدث فى هذا الزمان ، نظراً لفساد ذمم البعض وإنكارهم لحقوق الآخرين ، فكانت هذه الوثيقة بمثابة ضمان للحقوق ، فقد أخرج الطبراني وغيره بسند حسن ، قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عندَ اللهِ حسنٌ).
وأضاف : «إن الأصل في الزواج أن يؤسس الزوج بيت الزوجية ، وأن يدفع لزوجته مهراً حقا خالصاً لها ، حيث قال الله تعالى ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا) ، ولكن جرى العرف أن تساهم المرأة فى تأسيس بيت الزوجية من مالها مع زوجها ، بل هي تقبض المهر وتضعه فى تأسيس البيت ، فكانت قائمة المنقولات بمثابة عوض وبديل عن مهرها.
وأما عن السؤال الذى يتردد كثيراً ونراه أمامنا متكرراً ، وهو رفض بعض الأزواج التوقيع على قائمة المنقولات ، بل ويرون ذلك من باب الإهانة والإساءة إليهم ، فقد أكد «الشيخ خالد القط» على أن : «حقيقة الأمر ليست كذلك ، فكل ما من شأنه أن يضمن حقوق الناس ، ما ينبغى لأحد رفضه أو إنكاره ، فإحقاق الحق أقوى من أي ادعاءات.
كما علق على موقف إساءة استخدام قائمة المنقولات من جانب الرجل والمرأة ، وخاصةً في حال النزاع بين الزوجين وقال : «ينبغى على الطرفين أن يتقيا الله سبحانه وتعالى عند كتابة قائمة المنقولات ، فلا يزيد ولا ينقص عن الحقيقة ولا يستحل طرف لنفسه حق غيره بغير حق ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمً) .
وأكد على أنه : « ينبغى عند الخلاف والنزاع ، أن يتحلى الطرفان بضبط النفس والتسامح ، تقديراً للحياة والعشرة التى كانت قائمة بينهما ، لأن هذه الخلافات والنزاعات أمر بلا شك يسبب صداعاً كبيراً للأسر والمجتمع عموماً ، قال الله تعالى : ( وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير) .
وفي النهاية أشار «الشيخ خالد القط» إلى أن : « بعض أولياء الأمور يغضون الطرف عن قائمة المنقولات ، ويتساهلون مع الأزواج ، حيث يقول الأب ، أنا أعطى هذا الرجل أغلى ما عندي وهي ابنتى ، ثم بعد ذلك أبحث عن منقولات ؟! ، والحقيقة أن رد فعل الأزواج هنا متباين ، فأكثرهم يقدر هذا التصرف والفعل الكريم من ولي أمر الزوجة ، بل ويعده جميلاً ومعروفاً مدى الحياة ، ولكن لا تخلو الحياة من مستغلين انتهازيين ، لا يبالون بمن أحسن إليهم ممن أساء.
ومن جانبه أوضح رامي فكري المحامي بالنقض : «أنا شخصياً أؤيد فكرة القائمة ، لأن الأصل أن الرجل يقوم بتأسيس منزل الزوجية حسب مقدرته ، ويقوم بدفع مهر للزوجة ، ومؤخر الصداق يعطيه لها في حياتهم الزوجية ، ولكن الظروف الاقتصادية التي جعلت تكفل الرجل بتأسيس بيت الزواج أمراً شاقاً ساهمت على مر السنوات في جعل عادة القائمة عرف مقبول اجتماعياً ، فبالتالي أصبح من حق الزوجة المنقولات كاملة في حالة الطلاق والمؤخر ونفقه العدة ونفقة المتعة وذلك شرع الله .
وتابع فكري حديثه «لأنباء اليوم» مؤكداً على أن : « قائمة المنقولات تابعه للأحوال الشخصية ، ولها دعوى تسليم بأكثر من طريقة ، كحصول الزوجة على حكم من محكمة الأسرة يقتضي تسليمها قائمة المنقولات أو قيمتها مقدرة بالمال ، وذلك بعد تقدمها برفع دعوى إلزام زوجها برد تلك المنقولات ، وبما أنه وقع علي القائمة فهي من حق الزوجة وهي أمانة عنده» .
ولفت فكري إلى أن : «قائمة المنقولات والمتغيرات التى تطرأ عليها ، أصبحت هم يشغل الأزواج المتضررين بمحاكم الأسرة بعد اشتعال الخلافات مؤخراً بين الأزواج والزوجات ، ورغبة كلا منهما فى الحصول على مكتسبات ، وربط قائمة المنقولات بالصراعات الخاصة بـ الرؤية والنفقة والطلاق والطاعة والمصروفات والأجور الخاصة واستخدامها كسلاح بين طرفي الخلاف.
وحول تلك الأزمة التي يعيدها التاريخ دائماً ، رأى فكري « أنه من الأفضل أن يقوم الزوج بتأسيس مسكنه ويتفق علي مهر حسب مقدرته كبديل لهذا التقليد لتفادي مشكلة القائمة» .
أما مشكلة صيغة كتابة الأثاث في القائمة استرسل فكري حديثه قائلا : «الأثاث يكتب مواصفات ، ولا تحدد له قيمة ماليه ويتم إضافه جملة أنه إذا تم تلف أو هلاك الأثاث أثناء الحياة الزوجية ، فلا يحق للزوجة الرجوع على الزوج بأي حق مدني أو جنائي .
في الختام يجدر القول أن المحافظة على الأمانة من شرع الله حيث قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجلٍ مسمىٍ فاكتبوه » ؛ وقال رسولنا الكريم : «أدِ الأمانة إلى من ائتمنك » ، وتعد قائمة المنقولات في حكم الأمانة والدَّين ، فإذا استقر الأمر على كتابتها فلابد من المحافظة على العهد ، و لا يجوز التلاعب في بنود القائمة أو إجراءاتها بعد التراضي عليها ، وفي حال الرفض لابد من تطبيق الشرع إذا كانت مقدرة الرجل تسمح ، وما دون ذلك يعتبر بمثابة ضياع للحقوق التي سنُسأل عليها أمام الخالق ، فكل حالة تختلف عن الأخرى وما يناسبك قد لا يلائم غيرك.