هل أنت سعيد؟
بقلم - محمد فاروق
السعادة هي الغاية الأولى للإنسان والتي يبذل من أجلها كل نفيس ويعيش حياته باحثاً عنها لا يألوا جهداً في الحصول عليها مهما كلفه ذلك من عناء أو مجهود ومع ذلك لا نستطيع أن نحدد مقياس أو ميزان للسعادة فكثير من الناس يرى أن السعادة الحقيقية في توافر المال الكثير حيث يستطيع التمتع بملذات الحياة والنيل من مباهجها وهذا المقياس يتسم بالسطحية والبساطة حيث أن وفرة المال لا قيمة لها إذا اعتلت الصحة وسيطر المرض وعجز الأطباء، وعليه نقول بأن المال والصحة مجتمعان هما أصل السعادة في هذه الحياة حسبما يرى الكثير ولكن بالنظر إلى هذا المقياس وهل هو حقاً مفتاح السعادة نستعرض سؤالاً بسيطاً إذا توافرت الأموال ولم يشتكِ صاحبها أوجاعاً أو أمراضاً ولكن سيطر عليه الهم والغم فماذا يتحقق له من سعادة بموفور المال وجودة الصحة فالهم والحزن يقهران السعادة ويقضيان على أثرها وعلى هذا فالحياة عبارة عن مجموعة من العناصر والمؤثرات التي تؤثر في الانسان فالحياة لا تصفو لأحد بصفة دائمة ولكنها متغيرة متقلبة يغلب عليها التعب والشقاء كما أخبر عنها خالقها حيث قال " ولقد خلقنا الإنسان في كبد " أي في تعب وشقاء ربما يقل عنصر أو يزيد آخر، ولا يشعر بالسعادة الحقيقية إلا من رضي بما قسمه الله له فنرى فقير صابر أكثر سعادة من غني غير شاكر ونرى مبتلٍ راضٍ أكثر سعادة من معافٍ غير قانع ، فالسعادة الحقيقية ليست ناتجة عن المؤثرات الخارجية مهما عَظُمَ شأنها ولكنها تخرج من داخل الإنسان من نفسه المليئة بالقناعة والرضا لتظهر على وجهه وملامحه.
وأهم ما يملأ قلب الإنسان بالرضا هو معرفته الحقيقية بخالقه وإيمانه الشديد بالقضاء والقدر وأن كل شيء بيد الخالق فيحمده في السراء ويشكره في الضراء، فإذا رضي المخلوق ملأ الله قلبه بالرضا والسعادة وأعطاه الأجر والثواب وإذا لم يرض ملأ قلبه بالهم والغم وكُتِب عليه الوزر والعقاب ولم يغير شيء مما كان ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط أي كلما عظم البلاء عظم الجزاء، إذا اشتد المرض صار الأجر أكثر، وإذا اشتدت المصيبة في المال أو في الولد أو في غير ذلك صار الجزاء أعظم، وصار الثواب أكبر "