وليد عبد الجليل يكتب : متى كبرنا ؟
كيف مرت تلك السنون مسرعة و كيف تسربت الأحلام من بين أناملنا الصغيرة التي طالما تشبثت بأكف أمهاتنا و آبائنا و متى رحلوا عنا في غفلة من الأيام.
متى خلا ذلك البيت من ساكنيه و أصبحت تلك المقاعد شاغرة من أحبابنا.
متى خيم هذا الحزن على تلك الجدران و تلك الدور التي طالما امتلأت أنساً و دفئا و سكينة وكيف ضاقت بنا و قد كانت ملء الأرض رحبا و اتساعا وكيف تدنت أسقفها وناطحتها رءوسنا بعد أن كنا نحاول ملامستها قفزا في الصغر.
أين تلك الأبواب التي طرقناها بدقات قلوبنا قبل أن تمسها أكفنا فتنفتح لنا حبا و شوقا و حنانا فنجد أمامنا كل من أحببناهم و كل ما تمنته قلوبنا.
لماذا أصبحت طرقات الباب أنينا و صراخ مفصلاته حزنا و بكاء على ما صارت إليه تلك الديار.
كيف أصبح النوم مكافأة بعد أن كان عقاباً.
و متى أصبح الظلام مؤنسا بعد أن كان وحشا مخيفا نهرب منه.
و متى أصبحت الوحدة أمنية بعد أن كنا نفر من كآبتها.
متى أصبح أخلاؤنا غرباء و إخواننا و أخواتنا ضيوفا بعد أن كانوا شركاء.
كيف أصبح أحباؤنا خصوما و أعداء في معركة الحياة.
كيف صرنا إلى ما لا يشبهنا و أصبحنا دُمى تتقاذفها الأيام و تلعب بها السنون مهرولة.