وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار
كتب محمد فاروق
مرض فى القلب . . . شر وبَليّة عظيمة إذا تملكت من شخص وسيطرت عليه حولت حياته إلى جحيم مقيم ، لا يرى فى الناس حُسناً ودائماً ما يتوقع الشر من الآخرين حتى أقرب الناس إليه ، ليس له أصدقاء وليس له محبين ودائماً ما يكون معزولاً عن الجميع يحرق قلبه الحقد والحسد والغيرة حيث أنه لا يتوقع الخير من أحد فيكره الجميع ويتمنى لهم السوء لا لشيئ فعلوه ولكن لمرض أصاب قلبه ألا وهو سوء الظن -عافانا الله من هذا المرض الخبيث - الذى يكدر صفو الحياة ويجلب الهم والحزن إلى صاحبه ، ويجعل الأصدقاء أعداء وهميين بل والأقارب غرباء ومنسيين . . ويا ليته وقف عند كونه مرض داخل القلب يأكل صاحبه بل يتعدى ذلك كما قال ابن القيم " سوء الظن هو امتلاء القلب بالظّنون السّيئة بالنّاس حتى يطفح على اللسان والجوارح" . . لذا حذرنا المولى عز وجل من هذه الآفة حيث قال : " ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثم. . الحجرات 12) ، وإن من أقبح أنواع سوء الظن هو سوء الظن بالخالق سبحانه وتعالى فمن ظن بالله ظنّاً لا يليق بمقامه تعالى؛ كمن يظنّ في قلبه أنّ الله لن يغفر له ولن يصفح عنه، ويتيقن فى نفسه كلّ ظن يُخالف كمال قدرة الله وسعة رحمته، وتَعَدٍّ على كمال الله للظنّ به ظناً لا يليق بكرمه ورحمته.
وقد ورد فى الحديث القدسي يقول الله تعالى " أنا عند ظن عبدى بى . . . رواه البخارى ومسلم ، فبَيَّن الله تعالى أنه عند ظن عبده به ، أي أنه يعامله على حسب ظنه به ، ويفعل به ما يتوقعه منه من خير أو شر.
ولكن إذا انتشرت هذه الصفة الذميمة فى أى مجتمع فإنها تعمل على تقطيع أوصال الرحمة وانتشار الحقد والحسد بين ابنائه وانتشار العزلة وتقطيع الارحام وانعدام التكافل فالغالبية يتوقعون السوء فيما بينهم وبالتأكيد هذا الجو المشحون بالعداء والكراهية لا يساعد على نهضة الأمة أو تقدمها ولكنه يؤدى إلى التحارب والتلاسن مما يكون له أكبر الأثر فى تخلف هذه الأمة وتذيلها لذا كان تحذير الرسول الكريم من سوء الظن تحذيراً قوياً فى أكثر من موضع فقال عليه الصلاة والسلام : " إيَّاكم والظَّن، فإنَّ الظَّن أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا" . . . فلابد أن يقوم المجتمع على التآخى والمحبة وحسن الظن حتى ينعم الجميع بحياة سليمة صحية تملؤها البهجة والسعادة والرقى.