أنباء اليوم
السبت 21 ديسمبر 2024 07:07 مـ 20 جمادى آخر 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

الحضارة المصرية بنيت بأدوات تكنولوجية


كتبت-أميرة عبدالعظيم
حين نقول أن الحضارة المصرية بُنيت بأدوات تكنولوجية عالية التقدم والدقة فنحن لا نقصد ذلك المفهوم السطحي للتكنولوجيا الذي يُروج له علماء المصريات من أنهم صنعوا مراكب من خشب الأرز أو أنهم استخدموا زيت الزيتون في تبريد الزحافات أو استعملوا العجلات الحربية في الحروب
تلك كانت ومازالت تُصنف تكنولوجية بدائية.
بل إننا نتحدث عن حضارة اكتشفت الكهرباء والهيدروجين وصنعت الإضاءة ووتعاملت مع تقنيات بصرية كالليزر وقياسات بالميكرون وأقامت تقدم حضاري وعلمي مذهل لم نفهم أكثر من 5% منه حتى الآن.
والذي بدوره أخرج نتاجا معماريا وحضاريا فريدا يُعد بذاته العصر الذهبي للحضارة المصرية.
وهنا نأتي للسؤال الأبرز والذي ما زلنا نبحث له عن إجابة .. كيف نُحتت التماثيل ؟ ..
قبل أن نضع افتراضا لنحت التماثيل يجب وضع 3 خصائص هامة لتلك التماثيل أمام أعيننا.
أولا- الحجم – من المعتاد أن تجد تماثيل بطول 5 و10 أمتار .. ويصل بعضها إلى 20 متر .. ويصل وزن بعضها لـ 400 طن مثل تماثيل ممنون .. وتمثال رمسيس المحطم في الرامسيوم يُقدر بـ 1000 طن .. إذا نحن نتحدث عن ضخامة وأوزان غير مألوفة.
ثانيا الصلادة – حيث الأغلب الأعم من تلك التماثيل من الصخور القاسية .. كالجرانيت والشست والبازلت والديوريت .. وهي في أعلى درجات سلم موس للصلادة .. ولا يُمكن بأي حال استعمال النحاس والبرونز أو الديوريت في نحتها.
ثالثا الروعة الهندسية – سيميترية الوجوه وتطابق نصفي الوجه تماما والجسد والأيدي في كل تلك التماثيل أو معظمها.. والتناسق الموجود في التيجان.
الضخامة .. الصلادة .. والروعة الهندسية هي أهم خصائص تماثيل مصر القديمة .. تُرى كيف نُحتت ؟
الأداوت التي تقديمها في المتاحف على أنها المستخدمة في في نحت تماثيل الجرانيت
تلك النقاط الثلاثة ستجعلنا نُفكر بجدية في العثور على الوسيلة الحقيقية التُي صنعت بها التماثيل .. بخلاف الطريقة التي يتبناها عُلماء المصريات والأكاديميين .. حيث يعرضون أدوات في المتاحف لا يُمكنها التعامل مع الجرانيت .. وأقصى ما يُمكنها بناؤة هو تماثيل من الأحجار الرسوبية أو الخشبية أو الألابستر .. مثل تماثيل زوسر من الحجر الجيري وتمثال شيخ البلد من الخشب وكلاهما موجود حاليا في المتحف المصري بميدان التحرير.
إننا الآن نبحث عن وسيلة أخرى .. ستكون تلك الوسيلة ضخمة .. من أجل نحت تماثيل بهذا الحجم .. كما أنها ستكون شديدة القوة والسرعة حتى يُمكنها نحت تماثيل بتلك الصلادة .. إذن نظرنا إلى حضارتنا المعاصرة فلنحت تماثيل كتلك سنحتاج إلى ماكينات.
حتى وقت قريب كان يتم النحت على ماكينة هي خليط بين المخرطة والفريزة تُسمى Lathe Milling Machine
وفيها يوضع القالب الذي سيتم نحت التمثال منه .. وفي حالتنا سيكون القالب ضحم وثقيل من الجرانيت مثلا .. إذ سيصل إلى 150 طنا أو أكثر في بعض الأحيان لنحت التمثايل الواقفة. يتم تدوير التمثال وفي نفس الوقت ستهبط وحدة التفريز Milling لنحت التمثال ..
من الهام أن نقول أن وجود ماكينات هائلة الحجم شديدة القوة والسرعة ربما يكون كافيا لنحت أحجام ضحمة من الجرانيت .. لكنه لم يكون كافيا لإيجاد السيميترية.
ولإيجاد تلك السيميترية ليس هناك حل إلا إدخال وحدة كمبيوتر .. أو ما تعرف في الماكينات بـ CNC .. فلا يمُكن فعلها فقط بالعين البشرية.
تصور لنحت التماثيل في مصر القديمة
شكل تصميم وجه على برنامح شبكي مثل SolidWorks
لكن كيف يتم ذلك ؟
يتم أولا تصميم التمثال على أحد برامج التصاميم .. أشهرها حاليا برنامج يُسمى Solidworks .. لاحظ أن ذلك يتم على شبكة على جهاز كمبيوتر ..
والسؤال هل عرف قدماء المصريون الكمبيوتر ؟ وبرامج التصميم ؟ ونظم التشغيل ؟ وفكرة التصميم الشبكي ؟.. إذا كان ذلك يبدو ضربا من الجنون فإنه التفسير الوحيد لنحت تماثيل سيميترية .. فالكمبيوتر هو الجهاز الوحيد القادر على نحت الشيء مرتين بشكل متطابق .. ولا يشترط أن يكون الكمبيوتر بشكله المعروف لحضارتنا .. ولكن على الأقل يحوي نفس المكونات مثل معالج البيانات .. الذاكرة .. وحدات إدخال وإخراج. لمشاهدة كيفية النحت حاليا بطريقة مشابهة.
على السادة الآثريين أن ينظروا نظرة مختلفة لصروح الحضارة المصرية.
وأن يكون الإهتمام بالإعجاز الهندسي البنائي أكثر من الاهتمام بالجانب الروحي والعقائدي القديم .. وعلى ما لذلك الجانب من أهمية إلا أنه طغى على النظر بعمق في روعة المعمار الذي لا مثيل له.