الرحلة (قصة قصيرة)
(
بقلم : محمد سعد شاهين
سقط ..
وعندما سقط بدا كل شيء واضحا ..
كان متماسكا طوال تلك الأعوام أمام زملائه فى عمله، مبتسما ، هادئا ، لا يشكو ولا يتذمر. .
كان منضبطا فى عمله ، متفانيا فيه لأقصى درجة ..
لا يتكلم كثيرا مع من حوله ، ولا يعلم أحد عن همومه الشخصية شيئا يذكر..
يبدو منمقا برغم ملابسه المتواضعة، وراتبه الضعيف..
مرت السنوات وهو بتلك الحالة ..حتى سقط..
كان فى مقر عمله يعمل بجد حتى أصابته أزمة قلبية مفاجئة ، فترنح لحظة وسقط ..
هرول إليه زملاؤه ولكن بلا جدوى..
كان قد فارق الحياة ..
كانت صدمة بالنسبة لهم وفاته بهذا الشكل المفاجيء..
كانوا فى حيرة فهم لا يعلمون رغم تلك السنوات شيئا عن حياته أو منزله أو أسرته ..
كان متحفظا فى كلامه حول حياته الخاصة، واحترموا ذلك الأمر ولم يتكلم أحد معه بشأن ذلك..
أقترح أحدهم أن يبحث فى محفظته عن شيء يقودهم إلى منزله أو رقم هاتف يقودهم لزوجة أو إبن..
بالفعل بدأ البحث..
بدأ فى هاتفه الذى لم يكن يحوى سوى أرقام قليلة لم تقودهم لشىء فكلها كانت أرقام تخص العمل..
توجهوا إلى محفظته التى كانت تحتوى على مبلغ مئة جنيه بالرغم أنه كان أول الشهر ..
وعدد كبير من الأوراق..
الورقة الأولى عبارة عن شهادة وفاة زوجته التى ذكر فيها أنها رحلت منذ فترة بعيدة ..
إنه أرمل ..
الورقة الثانية عبارة عن خطاب من دولة خليجية أرسله إبنه له ومن خلاله أدركوا انه الابن الوحيد وأنه استقر فى تلك الدولة ،وتزوج هناك ..
له ابن وحيد وتركه منذ فترة ..
هكذا بدأ ترتيب الأحداث ..
ورقة ثالثة عبارة عن روشتة طبيب تكشف عن انسداد فى عدة شرايين بالقلب ، وأدوية تلتهم راتبه تماما..
كان وحيدا ، فقد زوجته ، وتركه ولده ..
كان وحيدا ، مريضا ، بدون أن يفقد ابتسامته أو يشكو أو يطلب العون ..
كانت رحلته مرهقة كما بدا من أوراقه ..
تجمعت الدموع فى عيونهم و أيقنوا أنه الآن أصبح على عاتقهم ، وبالرغم من أنه عاش وحيدا طوال حياته ،لن يتركوه الآن ..
لن يسمحوا بذلك كما سمحوا به طوال فترة حياته ..
على الأقل خلال الساعات القليلة المقبلة ..
ليعود مرة أخرى وحيدا ..
تمت
بقلم : محمد سعد شاهين
سقط ..
وعندما سقط بدا كل شيء واضحا ..
كان متماسكا طوال تلك الأعوام أمام زملائه فى عمله، مبتسما ، هادئا ، لا يشكو ولا يتذمر. .
كان منضبطا فى عمله ، متفانيا فيه لأقصى درجة ..
لا يتكلم كثيرا مع من حوله ، ولا يعلم أحد عن همومه الشخصية شيئا يذكر..
يبدو منمقا برغم ملابسه المتواضعة، وراتبه الضعيف..
مرت السنوات وهو بتلك الحالة ..حتى سقط..
كان فى مقر عمله يعمل بجد حتى أصابته أزمة قلبية مفاجئة ، فترنح لحظة وسقط ..
هرول إليه زملاؤه ولكن بلا جدوى..
كان قد فارق الحياة ..
كانت صدمة بالنسبة لهم وفاته بهذا الشكل المفاجيء..
كانوا فى حيرة فهم لا يعلمون رغم تلك السنوات شيئا عن حياته أو منزله أو أسرته ..
كان متحفظا فى كلامه حول حياته الخاصة، واحترموا ذلك الأمر ولم يتكلم أحد معه بشأن ذلك..
أقترح أحدهم أن يبحث فى محفظته عن شيء يقودهم إلى منزله أو رقم هاتف يقودهم لزوجة أو إبن..
بالفعل بدأ البحث..
بدأ فى هاتفه الذى لم يكن يحوى سوى أرقام قليلة لم تقودهم لشىء فكلها كانت أرقام تخص العمل..
توجهوا إلى محفظته التى كانت تحتوى على مبلغ مئة جنيه بالرغم أنه كان أول الشهر ..
وعدد كبير من الأوراق..
الورقة الأولى عبارة عن شهادة وفاة زوجته التى ذكر فيها أنها رحلت منذ فترة بعيدة ..
إنه أرمل ..
الورقة الثانية عبارة عن خطاب من دولة خليجية أرسله إبنه له ومن خلاله أدركوا انه الابن الوحيد وأنه استقر فى تلك الدولة ،وتزوج هناك ..
له ابن وحيد وتركه منذ فترة ..
هكذا بدأ ترتيب الأحداث ..
ورقة ثالثة عبارة عن روشتة طبيب تكشف عن انسداد فى عدة شرايين بالقلب ، وأدوية تلتهم راتبه تماما..
كان وحيدا ، فقد زوجته ، وتركه ولده ..
كان وحيدا ، مريضا ، بدون أن يفقد ابتسامته أو يشكو أو يطلب العون ..
كانت رحلته مرهقة كما بدا من أوراقه ..
تجمعت الدموع فى عيونهم و أيقنوا أنه الآن أصبح على عاتقهم ، وبالرغم من أنه عاش وحيدا طوال حياته ،لن يتركوه الآن ..
لن يسمحوا بذلك كما سمحوا به طوال فترة حياته ..
على الأقل خلال الساعات القليلة المقبلة ..
ليعود مرة أخرى وحيدا ..
تمت