أنباء اليوم
الخميس 7 نوفمبر 2024 07:34 مـ 5 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

الإحتياطي الفيدرالي يعتمد على التخمين في تحديد أسعار الفائدة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يسعى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي فى هذه الأيام إلى بلوغ سياسة نقدية حيادية تكبح التضخم ولا تتسبب بركود الاقتصاد.

لكن إكتشاف نقطة حيادية لضبط الإقتصاد ربما ليس أسهل من تعريف الحال الطبيعي في هذه الأيام.

حيث أن دقة السياسة النقدية أدنى بكثير مما نود أن نظن، فلا نستطيع حتى أن نعرف ما هو معدل الفائدة الحيادي.

فى حين أنه قد ينزعج الناس إذا عرفوا إلى مدى لا يفهم الاقتصاديون كيف يؤثر تغيير أسعار الفائدة بمختلف الأسواق ويؤثر في المحصلة على التضخم والبطالة.

نحن نعلم أننا نعاني من إرتفاع التضخم وأن تلك المعاناة لن تنتهي قريباً، فقد ارتفعت الأسعار الشهر الماضي 7.9% على أساس سنوي، وفي ظل حرب روسيا على أوكرانيا والإغلاقات في الصين، قد تشهد الأسعار مزيداً من الارتفاع.

فى هذا السياق رد الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة الأساسية 25 نقطة أساس الأربعاء وألمح لزيادتها مجدداً على مدى العام. قد تبلغ الزيادة 50 نقطة أساس في المرة القادمة. طبيعي أن يتساءل الجميع عن الحد الذي ستبلغه أسعار الفائدة بالضبط مع تخوف أساسي بأن يتجاوز الاحتياطي الفيدرالي مستوى الفائدة الحيادية فيدفع الإقتصاد للركود.

طبعا لا يريد الاحتياطي الفيدرالي أن يرفع أسعار الفائدة لتتخطى فاصل الركود، على الأقل حتى الآن.

لكن تتمثل المشكلة تتمثل بأن الوقت ربما تأخر كثيراً حتى أننا لن نبلغ نقطة الحياد إن أردنا السيطرة على التضخم.

سياسة جريئة؟

يصعب كبح التضخم بعد انفلاته، ويتوقع الاقتصاديون رفع الأجور في العام الحالي لمواجهة التضخم، ما يهدد ذلك بدفع الأسعار إلى أعلى في موجة صعود ستتطلب سياسة نقدية أجرأ.

إذن كيف سيبدو ذلك؟ للسياسة النقدية

أحوال ثلاثة: تيسيرية وحيادية وتقشفية تستطيع أن تصنف حال سياسة الاحتياطي الفيدرالي استناداً لمدى ارتفاع سعر الفائدة الأساسي مقارنة مع سعر الفائدة الطبيعي.

أو بالأحرى مقارنة مع سعر الفائدة المحتمل بلوغه بلا تدخل حكومي، وهو ما يفترض حالياً أن يتراوح بين 2% و 3%.

فى حين تكون سياسة الاحتياطي الفيدرالي تيسيرية حين تحدد سعر الفائدة المستهدف عند مستوى أدنى من سعر الفائدة الطبيعي، وهي الحالة التي نحن عليها الآن، حتى بعد رفع سعر الفائدة هذا الأسبوع، مع تراوح السعر المستهدف بين 0.25% و 0.50%. في الحالة التيسيرية يحاول الاحتياطي الفيدرالي تحفيز الاقتصاد عبر خفض تكلفة رأس المال.

يفترض أن ذلك سينشط سوق العمل، غير أنه قد يؤدي أيضاً لزيادة التضخم.

فالحالة المحايدة تتلاءم مع السعر الحيادي، وحين تكون سياسة الاحتياطي الفيدرالي محايدة فهي لا تنشط الاقتصاد لكن لا تلجم حركته أيضاً.

قد ينتقل الاحتياطي الفيدرالي إلى الحالة أو التقشفية لضبط اقتصاد يعاني من فرط النشاط، وهي حال يرفع فيها سعر الفائدة الأساسي بما يتجاوز السعر الطبيعي، بمعنى زيادة تكلفة حصول البنوك على رأس المال، فينكمش الاقتصاد ويتراجع التضخم. يزعم الاحتياطي الفيدرالي حالياً أنه لا يرمي لبلوغ حال الحياد.

ضبط التضخم

غير أن الانتقال إلى الحالة الحيادية نفسه يبدو مشكلة كبيرة لأن الاحتياطي الفيدرالي كان في حال سياسة تيسيرية لمعظم الوقت منذ الأزمة المالية العالمية، فيما عدا شهر أو شهرين. لم يقل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلا خلال الأشهر القليلة الأخيرة أنه سيدرس رفع سعر الفائدة قليلاً إن لم يهدأ التضخم.

إن كنت في حالة حيادية، سيكون التضخم نظرياً بطيئاً ومستقراً وقابلاً للتنبؤ. غير أن ذلك يفترض احتواء التضخم من البداية، فالسياسة الحيادية لا تفعل شيئاً في مواجهة التضخم. لذلك يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي حسب الاستراتيجة الحالية يأمل أن تتلاشى مشكلة التضخم من تلقاء نفسها حين يتوقف عن سياسته التوسعية وتُحل تعقيدات سوق النفط وسلاسل التوريد.

جدير بالذكر أن عدد كبير من الاقتصاديين يشك بكفاية ذلك، حيث تتأثر التوقعات بمجرد أن يرتفع معدل التضخم ويظل مرتفعاً لفترة طويلة. كان البنك المركزي فيما مضى يتبنى سياسة انكماشية ليتباطأ نشاط الاقتصاد وتُراجع التوقعات وينخفض التضخم.

لكن السؤال إلى أي مدى ينبغي أن نقلق حيال تسبب الاحتياطي الفيدرالي بركود اقتصادي إن قرر رفع سعر الفائدة فوق سعر الحياد؟

لا يوجد مستوى سحري لسعر الفائدة ندرك عنده خطر الركود. قد يتحقق هذا الخطر لو ارتفع سعر الفائدة إلى مستوى كبير جداً، مثلاً 12%، غير أن إمكانية وقوعه عند مستوى 4% أو5% غير واضحة. كان هذا هو نطاق سعر الفائدة الأساسي لعدة سنوات ولم يحدث أي ركود

موضوعات متعلقة