العبادة المهجورة ..! بقلم - محمد عبدالعاطي دهشان
ينكسر الزجاج فينتهي بصوت عال وسريع ولكن يبقي بعض قطع الزجاج يجرح من يلمسها فكذلك الكلام الجارح ينتهي ويبقي القلب والروح تتألم طويلا,
فإياك وكسر الخواطر فإنها ليست عظاما تجبر بل أرواح تقهر, لأننا عندما نتألم من كلام الذين نحبهم نصاب بالألم والمر مرتين,
مرة من قسوة كلامهم وأخرى لأننا عاجزون عن الرد بنفس أسلوبهم,
لذا لا تتباهي بقوتك أمام ضعيف ولا بسعادتك أمام حزين ولا بحريتك أما سجين ولا بعلمك أمام جاهل أمي,
ولا بمالك أمام فقير مكلوم محتاج ولا بوالديك أما يتيم يشعر بالفقد والحرمان,
وزن كلامك وراع شعور الأخرين, وعندما تغضب اكسر أي شيء ولكن تجنب كسر شعور البشر لان كلمات الغضب قاسية,
وإن أكثر ما يؤلم أن تكتشف بأن الكتف التي اتكأت عليها ما كانت إلا جدارا هاشا مائلاً, فلا تكسر خاطر أحد! فالقلوب والعلاقات الإنسانية لا تُصدِر أصواتاً لحظة كسرها وانكسارها !
ولكنها تسبّب شقوقاً وجروحاً, قد يعجز عن شفاءها خير الأطباء ألا وهو الزمن!
فانتبه دوما أن لا تفقد انسان أحبك بصدق, وأنتبه ان لا تتغير على شخص نظرك بعيونه جنه وصرت لقلبه مسكن ومأوي,
وانتبه تكسر بخاطره الدنيا دوارة وانتبه تفارق انسان أنت فرحته وقلبه, وأعلم أن هناك ألم يجعلك تحزن وتكتئب وهناك ألم يجعلك تفهم وتتغير.
لا شيء أمرُّ على الإنسان من كسرة الخاطر, فكسر الخواطر من أخطر ما يكون نفسيًا على الإنسان ذلك يعني كسر الكرامة,
وكأنه يقال له بأننا بشر أما أنت فلا , وكسر أفضل شيء عند الشخص كأنك تقول له بأنه شخص غير مقبول به ولا يستحق أي تضحية وأي تقدير وأنه قد أنتهي,
وتعد من السهام الجارحة والمؤلمة التي تسبب في النفس خدوش ونزف ينطق بها البعض بلا مبالاة,
فنجد بعض الناس لا يزنوا الكلام ويطلقون وابل من رصاص الكلام بغرض الضحك والتقليل من شخص الاخرين وينعتون البعض بكلمات تهينهم وتقلل من مكانتهم.
فلقد اعتاد كثير من الناس تردد عبارة ” ربنا يجبر بخاطرك” و يقول علماء الاجتماع أن جبر الخواطر يجلب للناس الطاقة الايجابية,
وأنه خلق إنساني عظيم وسمو للنفس وعظمة للقلب وسلامة للصدر,
وان كسر الخواطر يجلب الطاقة السلبية ويكسر القلب مباشرة,
فيكدر حياتنا ونفوسنا ويجلب الأمراض النفسية والصحية ويأس يصعب التخلص منه,
إذا انكسر خاطر الإنسان فهذا يعني بأن نفسه قد هانت عليه, فحينما ينكسر خاطره هل سيحترم نفسه ويحبها ؟
جبر الخواطر أكثر عبادة مهجورة مع أننا نردد طوال الْيَوْمَ «جبر الخواطر على الله»,
وهيا بسيطة جدا ولكن الأنا المتضخمة والغرور عند البشر يطغي ويتجبر, في شجارانا نفكر بأنفسنا قبل الأخرين فلا نحاول أن نضع أنفسنا مكان الطرف الأخر, ونفكر بمنطق لماذا أفعل أنا هذا ولا يفعله هو ؟
ولماذا أبدا بالحديث والاعتذار وهو لا يبدأ أبدا؟
وفي العلاقات الزوجية فالزوج لا يجبر بخاطر زوجته عندما تقدم له أطيب الطعام والشراب ويعتبره واجب مفروض عليها فلا يطيب خاطرها
وذلك بسبب بعض الثقافات الخاطئة التي تربينا عليها من تقليل القيمة والشكر,
ونسوا أن الكلمة الطيبة الصادقة تذيب جبلا من جليد,
واجبر بخاطر والديك فلا تعلم الى متي هم معك وأجبر بخاطر إخوانك لانهم من نفس الدم والروح وأجبر بخاطر أصدقائك فالكلمة الطيبة صدقة وبركة,
جبر الخواطر سيرقق قلبك والله مع القلوب الرقيقة ,واجبر خاطر محتاج فقير حتى لو كنت عاجزا عن مساعدته بكلمة أو بنصيحة على أضعف الإيمان، وإياك أن تشعره بعجزه وحاجته,
و اجبر خاطر من هم حولك دوما بأي طريقة تسعدهم, الحياة أصبحت صعبة جدا والنَّاس فيهم من حولته الظروف إلى قاس أو منغلق أو جامح نحو الدنيا,
وأنحسب التصرف غير اللائق مع أحد المرضي وكلمة مثل كلمة يا معاق لن تؤثر في شعورة ونفسيته وتحسسه بالنقص في مجتمعه وتهدم جدران الأمل في الغد وثقته بمن يرددها من حوله
سواء بالكلمة أو النظرة,
في الحقيقة أتساءل هنا من المريض حقا؟
فلنخفف وطأة الوجع بجبر الخواطر, فسلام على القلوب الناصعة الطيبة التي أينما حلت أزهرت.
لســانك حصانك ان صنته صانك, فكسرك لمشاعر الاخرين لا يعني مصدر قوه لك ولا يرفع قدرك بينهم,
لأنها بمثابة الكسور تكسر القلب الذي احياه الله ليكون ممتلئ بالحب والوئام والانس وان ما يحدث من بني البشر من كسر للخواطر فنهايته واضحة وضوح الشمس
اجواء مليئة بالبغضاء والضغينة وابتعاد وحرمان,
فتذكر دوما أن الكلمة الطيبة أجمل وابقى اثرا في النفوس لأنها تعمل على قرب العلاقات وتقويها,
فلنحرص على لين القلب وان لا نبقيه متحجر صلب فنحن لا نعلم ما يستره الناس من ماسي وأحزان وأياكم بدعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب,
فمن سار بين الناس جابرا للخواطر أدركته العناية ولو كان في جوف المخاطر, فإياك ثم إياك من كسر خاطر قلبا حيا بتنمرك فربما يكون الكسر سببا في موت قلبه وأسهم تخترق روحة,
خاصة حينما يأتي الكسر من شخص عزيز على قلبك فجعلنا الله وإياكم من الجابرين لخواطر عباده,
وتذكر دوما أن الكلمة التي تخرج من فمك وتحسبها سحابة مطر رقيقة قد تكون بمثابة سحابة سوداء ممطرة بالتفرقة والقطيعة
فتجنب التجريح والتنمر والأذية المجانية وتبرع بالحب والود والاحترام وكسب القلوب ,
ولا تؤذي قلباً لم ترى منه الا الجميل, ولا تعبثوا بقلوب محبة و تخطفوا أحلامهم الرقيقة و ترحلوا بجراح غائرة، الحُب عطاء، و العطاء يحتاج للدفء ليُزهر،
إذا تعبت وسط الطريق فأعلم أنّ طبع الوفاء أحن من مرارة الجفاء على القلوب المحبة,
وكن نسمة لطيفة خفيفة عابرة في الحياة لا تؤذ بشرا ولا حجرا وكن بلسما يمر بسلام….